احتياطيات الغاز الأوروبية تتراجع بسرعة في بداية الشتاء

04 ديسمبر 2024
الثلوج تتراكم أمام متحف اللوفر في باريس، 21 نوفمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تواجه أوروبا تحديات كبيرة في استنزاف احتياطيات الغاز الطبيعي بسبب الطقس البارد وزيادة الطلب على التدفئة، مما يثير القلق بشأن استقرار السوق.
- تتفاقم أزمة الغاز بسبب التوترات الجيوسياسية، خاصة الصراع في أوكرانيا والعقوبات ضد روسيا، مما يدفع الدول الأوروبية لتقليل اعتمادها على الغاز الروسي وتعزيز قدرات الاستيراد.
- حذر محللون من أن فقدان خطوط أنابيب الغاز عبر أوكرانيا قد يؤدي إلى ضغوط إضافية على السوق وارتفاع الأسعار، مما يهدد تكلفة المعيشة ويزيد الضغوط على الشركات.

تستنزف أوروبا احتياطياتها من الغاز الطبيعي بأسرع معدل منذ ست سنوات، حيث يجتمع الطقس الشتوي ودرجات الحرارة المنخفضة ليشكلا تحدياً لانتقال القارة بعيداً عن الهيدروكربونات. ووفق تقرير في نشرة "أويل برايس" مساء الاثنين الماضي، فإنه منذ انطلاق فصل الشتاء في بداية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، انخفضت مستويات تخزين الغاز في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بمقدار 83 تيراواط/ساعة، حسبما أفاد محلل الطاقة البريطاني جون كيمب.

وتشير توقعات شركة ماكسار تكنولوجيز الأميركية المتخصصة في تصوير الأقمار الصناعية والتحليل الجغرافي المكاني، إلى طقس أكثر برودة في غرب أوروبا الأسبوع المقبل، ما يعزز الطلب على التدفئة، فضلاً عن تصاعد المخاطر المتعلقة بإمدادات الطاقة العالمية من أوكرانيا وحتى الشرق الأوسط.
وأضاف كيمب أن هذا هو أسرع معدل للسحوبات منذ عام 2016، مضيفاً أن معدل السحب كان أسرع بأربع مرات من متوسط العقد الماضي. ونقلاً عن بيانات من شركة "غاز إنفراستركتشر يوروب"، قال كيمب إن مستوى الغاز في المخزون لا يزال مريحاً، ولكنه أقل بشكل ملحوظ مما كان عليه في فصلي الشتاء الماضيين.

وتستمر عملية سحب الغاز الطبيعي من المخزونات الأوروبية بوتيرة أسرع من المعتاد، مع بقاء أقل من شهر قبل انتهاء صلاحية اتفاق نقل الغاز بين روسيا وأوكرانيا، وعدم وجود أي بوادر في الأفق لتجديد الاتفاقية.

وتعتبر مرافق التخزين الأوروبية ممتلئة بنسبة تزيد عن 85% حتى الآن هذا العام، من 95% في الفترة المقابلة العام الماضي، في حين رفع الاتحاد الأوروبي هدفه للمخزونات بحلول فبراير/ شباط لضمان استعداده بشكل كافٍ لعام 2025.

وترسم بيانات البنية التحتية للغاز في أوروبا الخاصة بعمليات الحقن والسحب اليومية صورة مثيرة للقلق هذا الشتاء. ففي ألمانيا، على سبيل المثال، بلغ الغاز المخزن نسبة مريحة بلغت 90.93% اعتباراً من 30 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، لكن السحب كان عند 831.6 تيراواط في الساعة، مع حقن 44.38 تيراواط في الساعة. وبلغ استهلاك البلاد 888.83 تيراواط في الساعة في ذلك اليوم.
ويبلغ إجمالي الغاز المخزن في الاتحاد الأوروبي 85.47% من السعة، مع سحب يصل إلى 4364 تيراواط في الساعة في 30 نوفمبر الماضي. وبلغ استهلاك الاتحاد الأوروبي من الغاز في ذلك اليوم 3761 تيراواط/ساعة، لأن الألواح الشمسية كانت عند قاع منحنى إنتاجها، ولأن الرياح لا تهب بشكل ثابت بالقدر الكافي لتشغيل الشبكة وفق مراقبين.

وبحسب تقرير "أويل برايس"، فقد انتهت الآن ظاهرة "دينكلفلوت" (Dunkelflaute) التي اندلعت في أوائل نوفمبر الماضي، ومع ذلك لا تزال ألمانيا تستخدم الكثير من الغاز، بل والمزيد من الفحم. وظاهرة "دينكلفلوت"، هي ظاهرة جوية تراجع بسببها توليد الطاقة المتجددة.

وفي ظل هذا المستوى من الاستهلاك للغاز، بعد الرضا عن الاستهلاك بفصلي الشتاء الأخيرين، اللذين كانا أكثر اعتدالاً من المعتاد، فليس من المستغرب أن تثير الأسعار بعض المخاوف في الدول الأوروبية. وكان متوسط شهر نوفمبر لمعيار الغاز الأوروبي أعلى بنسبة 16% من متوسط شهر أكتوبر، ليصل السعر إلى 47 يورو لكل ميغاواط في الساعة. وهذا أعلى من 25 يورو لكل ميغاواط في الساعة لشهر فبراير من هذا العام، والذي يمثل أدنى مستوى منذ ثلاث سنوات، حسبما ذكرت يورونيو.

وقد تفاقمت أزمة الغاز المستمرة في أوروبا بسبب عدة عوامل، بما في ذلك التوترات الجيوسياسية، وخاصة الصراع في أوكرانيا، والعقوبات الغربية الناجمة عن ذلك ضد روسيا، وسعي الدول الأوروبية إلى تقليل اعتمادها على الغاز الروسي.

ووفق "أويل برايس"، سلط الرئيس التنفيذي لشركة RWE AG الألمانية للكهرباء، ماركوس كريبر، الضوء على الحالة المحفوفة بالمخاطر لإمدادات الطاقة في أوروبا خلال مؤتمر في بداية ديسمبر/ كانون الأول الجاري. وقال: "إذا أردنا حقاً أن نكون مستقلين عن الغاز الروسي، فنحن بحاجة إلى المزيد من القدرة على الاستيراد، ومن المحتمل أن نشهد ذلك مرة أخرى هذا الشتاء، لأن منشآت تخزين الغاز تفرغ بسرعة كبيرة، حيث لدينا بداية باردة لفصل الشتاء". ويؤكد هذا التعليق على الحاجة الملحة لأوروبا لتعزيز قدراتها الاستيرادية للغاز وسط تضاؤل احتياطيات الغاز، وزيادة الطلب بسبب درجات الحرارة الباردة.

وفي الصدد ذاته، حذر محللون في شركة إنيرجي أسبكت في نهاية نوفمبر الماضي من أن فقدان أحد الطرق الأخيرة المتبقية لخطوط أنابيب الغاز يمكن أن يؤثر بشكل كبير بالسوق. وأشاروا إلى أنه "على الرغم من أن أوروبا خفّضت اعتمادها على روسيا، فإن خسارة "أنابيب الغاز المارة عبر أوكرانيا" من شأنها أن تضع المزيد من الضغوط على سوق الغاز، وتؤدي إلى ارتفاع الأسعار العالمية". ويعكس هذا البيان المخاوف بشأن الاضطرابات المحتملة في الإمدادات وتأثيراتها بأسعار الطاقة في جميع أنحاء أوروبا.

وفي الصدد ذاته، ذكر تقرير بوكالة بلومبيرغ الأميركية في الثاني من ديسمبر الجاري، أن "التوترات المتصاعدة في أوكرانيا ساهمت في ارتفاع أسعار الغاز بنحو 45% هذا العام"، مشيراً إلى أنه على الرغم من أن الأسعار الحالية أقل من تلك التي شوهدت في عام 2022، فإنها تظل مرتفعة بما يكفي للتهديد بأزمة ارتفاع تكلفة المعيشة للمواطنين والأسر وزيادة الضغوط التنافسية على الشركات المصنعة.

المساهمون