- التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، بما في ذلك الأحداث في غزة والتصعيد التركي الإسرائيلي، تساهم في زيادة المخاطر العالمية، مؤثرةً على اضطرابات الملاحة وزيادة كلفة التجارة الدولية.
- التوترات الدولية تمتد إلى العلاقات بين الغرب وروسيا والصين، مما يزيد من مخاطر الاقتصاد العالمي بسبب ارتفاع أسعار السلع، تجدد التضخم، وتعقيد سلاسل التوريد، مواجهة العالم تحديات في الغلاء وزيادة كلفة الشحن البحري.
باتت كل أسواق العالم متوترة وعلى أعصابها وتعيش لحظات صعبة هذه الأيام، أسواق النفط ارتفعت بشكل متواصل في الأيام الاخيرة، على خلفية تلك الحالة، قلق متنام في أسواق الغاز والذهب والصرف والمعادن وحركة التجارة الدولية والمال والبورصات، حتى بنوك الاستثمار والصناديق وكبار المستثمرين حول العالم باتوا يمرون بحالة توتر شديدة، وهو ما يعقد اتخاذ القرار الاستثماري المناسب ويحد من درجة تحديد درجة المخاطر ومدى تحملها.
أسباب توتر الأسواق والاقتصادات العالمية كثيرة، في مقدمتها المخاوف المتعلقة باجتياح قوات الاحتلال الإسرائيلي مدينة رفح الفلسطينية وارتكاب مجازر هناك وممارسة عملية تهجير واسعة لأهالي المدينة، التي تستضيف أكثر من 1.3 مليون نازح يمثلون نحو نصف سكان قطاع غزة، بينما ترفع تقديرات أخرى العدد إلى 1.5 مليون شخص.
يصاحب ذلك التوتر المتنامي في غزة، مخاوف من التصعيد بين قوات الاحتلال والمقاومة الفلسطينية، خاصة في ظل رفض إسرائيل اقتراح وقف إطلاق النار في غزة الذي وافقت عليه حماس، بل والتعهد بمواصلة العمليات العسكرية في رفح.
كما تضغط على الأسواق والاقتصادات العالمية عوامل أخرى منها زيادة المخاطر الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، وارتفاع منسوب التوتر في منطقة البحر الأحمر ووجود مخاوف من امتداده إلى البحر المتوسط.
هذا مع العلم أن اضطرابات حركة ملاحة السفن وسفن الحاويات في البحر الأحمر تتزايد مع إعلان الحوثيين التصعيد ضد سفن الدول الداعمة للاحتلال في حربها ضد أهالي غزة، وهذا من شأنه خفض طاقة شحن البضائع بين الشرق الأقصى وأوروبا بما يتراوح بين 15% و20% في الربع الثاني من العام الجاري، وزيادة كلفة التجارة الدولية وأسعار السلع والتأمين ضد مخاطر التجارة حول العالم وفق تقارير حديثة.
وهناك التوتر السياسي التركي الإسرائيلي الذي زادت حدته عقب قرار أنقرة وقف جميع التعاملات التجارية مع دولة الاحتلال بسبب مواصلة إسرائيل حربها العدوانية على غزة واحتلال القطاع، وهو ما أثار غضب دوائر صنع القرار داخل تل أبيب وقلق الأسواق الإسرائيلية من احتمال حدوث قفزات في أسعار السلع ونقص في الخدمات وقطع الغيار والسلع الوسيطة، بخاصة أن تركيا شريك تجاري مهم لتل أبيب، وتغذي السلع التركية جانباً كبيراً من احتياجات أسواق الاحتلال.
التوتر السياسي التركي الإسرائيلي زادت حدته عقب قرار أنقرة وقف جميع التعاملات التجارية مع دولة الاحتلال بسبب مواصلة إسرائيل حربها العدوانية على غزة واحتلال القطاع
تصاحب قلاقل الشرق الأوسط توترات أخرى في الجهة المقابلة من العالم، حيث أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإجراء مناورات وتدريبات نووية رداً على الاستفزازات الغربية وما وصفتها وزارة الدفاع الروسية، اليوم الاثنين، بتهديدات أطلقها مسؤولون غربيون، علماً أن تلك التصريحات ليست الأولى من نوعها خلال هذا العام، ففي مارس/آذار الماضي، أكد بوتين استعداد روسيا لاستخدام الأسلحة النووية في حال تعرضت بلاده للتهديد، لكن التهديدات الأخيرة تجددت مع الغضب الروسي من إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن إمكانية تدخل بلاده في أوكرانيا واحتمال إرسال جنود من حلف شمال الأطلسي (ناتو) إلى أوكرانيا.
وهنك قلق ثالث تصاعد بين الصين والغرب مع بدء الرئيس الصيني زيارة إلى أوروبا وإعلان رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين أن القارة على استعداد لاستخدام كل الأدوات التجارية المتاحة للدفاع عن اقتصادها، إذا فشلت الصين في ضمان الوصول العادل إلى أسواقها المحلية.
في ظل تصاعد تلك القلاقل المتنامية، من المتوقع أن تقفز أسعار السلع حول العالم ويعود شبح التضخم والغلاء وتعقد سلاسل التوريد وزيادة كلف الشحن البحري، وهو ما يعني تأجيل البنوك المركزية قرارات خفض أسعار الفائدة والتخلي عن سياسة التشدد النقدي بهدف تحريك أنشطة الاقتصاد وخفض تكلفة الأموال ومخاطر الدين العام.
يدفع في هذا الاتجاه أيضاً ارتفاع أسعار المواد الغذائية في العالم للشهر الثاني على التوالي في إبريل/نيسان الماضي، بسبب زيادة أسعار اللحوم ومنتجات الألبان والحبوب، وفق أحدث أرقام لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو).