اتفاق إيراني سعودي على تطوير العلاقات الاقتصادية: ما هي فرص التعاون؟ 

06 ابريل 2023
خلال توقيع اتفاقات التعاون بين وزيري الخارجية الإيراني والسعودي (Getty)
+ الخط -

أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، أنّ مباحثات وزيري خارجيتي إيران والسعودية، اليوم الخميس، في بكين تناولت أيضاً الملفات الاقتصادية وبحث سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية. 

والتقى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، ونظيره السعودي فيصل بن فرحان، اليوم الخميس في العاصمة الصينية بكين، في أول لقاء على هذا المستوى بين البلدين منذ القطيعة الدبلوماسية عام 2016. وصدر في ختام مباحثات الوزيرين بيان مشترك أكد أنّ اللقاء جاء تطبيقاً لما اتُّفِق عليه بين وفدي إيران والسعودية في بكين، في 10 مارس/ آذار الماضي، لاستئناف العلاقات الثنائية بعد سنوات من القطيعة.

وقال كنعاني، في تصريحات لوسائل إعلام إيرانية من بكين بعد لقاء الوزيرين، إنّ الطرفين اتفقا على قيام وفود فنية بزيارات متبادلة للبلدين، للتحضير لإعادة فتح السفارات والقنصليات العامة. ولفت المتحدث الإيراني إلى الاتفاق على "تفعيل الاتفاقيات المشتركة وتبادل الوفود لتوسيع العلاقات في مختلف المجالات بما فيها الصعيد الاقتصادي والتجاري والاستثمارات الثنائية".

وأضاف أنّ الوفود ستجري "مباحثات تخصصية" بشأن استئناف الرحلات الجوية المباشرة وتسهيل استصدار التأشيرات لمواطني البلدين، بما فيها تأشيرة العمرة.  

وأكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، خلال اللقاء مع بن فرحان، "أهمية وضرورة تطوير العلاقات في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية"، معلناً استعداد طهران لعقد اجتماع اللجنة الاقتصادية المشتركة.

وشدد على أنّ "نمو العلاقات الاقتصادية والاستثمارات الثنائية من شأنها أن تساعدهم في توطيد العلاقات"، مشيراً إلى أنّ "النقل يشكّل أحد المجالات المهمة للتعاون". وفي السياق، قال إنّ "الموقع الجيوسياسي لإيران يمنح فرصاً منقطعة النظير للسعودية ودول الخليج للتعاون التجاري مع دول شمال إيران" في إشارة إلى روسيا والدول المحيطة ببحر قزوين.

حجم التجارة الحالية 

حجم التبادل التجاري بين إيران والسعودية في الوقت الراهن، لا يكاد يذكر، إذ إنّ الرقم بحسب ما يقول المتحدث السابق باسم الجمارك الإيرانية لـ"العربي الجديد" روح الله لطيفي، لم يتجاوز 15 مليون دولار خلال الشهور الـ11 الماضية. 

ويضيف لطيفي أنّ هذا الرقم هو حجم الصادرات الإيرانية إلى السعودية، لكن في المقابل، لم يكن هناك تصدير سعودي إلى إيران، مشيراً إلى أنّ الصادرات الإيرانية كانت الفولاذ والحديد والقليل من الزعفران والزجاج وماء الورد. غير أنّ السعودية كانت لها "استثمارات جيدة" في الماضي بالصناعات الغذائية الإيرانية، وفق لطيفي. 

تفعيل اتفاقية 1998  

واتفقت طهران والرياض، في مباحثاتهما في بكين من 6 إلى 10 مارس الماضي، وخلال الحوار بين وزيري خارجيتي البلدين، اليوم الخميس، على تفعيل الاتفاق العام للتعاون الاقتصادي التجاري الثقافي المبرم عام 1998.  
وتنص هذه الاتفاقية التي تتكون من مقدمة و8 مواد، على تعاون البلدين في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والعلمية والتقنية والثقافية والرياضية والشبابية. 

وتضمنت الاتفاقية تشجيع وتسهيل الاستثمارات المشتركة وتبادل زيارات الوفود التجارية، فضلاً عن إمكانية توقيع الجانبين أي اتفاقيات أخرى. 
ونصت أيضاً على تشكيل لجنة اقتصادية مشتركة على المستوى الوزاري.

وعلى وقع إبرام تلك الاتفاقية التي دشنت عام 1998 عهداً جديداً في العلاقات الثنائية، جرت زيارات متبادلة بين البلدين، في مقدمتها الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي عام 1999 إلى السعودية التي وصفت بـ"الزيارة التاريخية"، لكونها أول زيارة لرئيس إيراني منذ إطاحة نظام الشاه عام 1979. 

فرص اقتصادية كبيرة 

وعن مستقبل العلاقات الاقتصادية بين إيران والسعودية، يقول عضو غرفة طهران للتجارة، حسن فروزان فرد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المنافسين الكبار يمكنهم أن ينسجوا تعاوناً تجارياً مهماً وقيّماً"، مشيراً إلى أنّ البلدين من مؤسسي منظمة "أوبك" للدول المنتجة للنفط، ويمكنهما نسج تعاون وثيق في مجال الطاقة، رابطاً التعاون في هذا المجال بعودة إيران إلى سوق الطاقة العالمية رسمياً، وإمكانية بيعها نفطها من دون عوائق. 

وفرضت الولايات المتحدة بعد انسحابها عام 2018 من الاتفاق النووي الموقع بين الدول الكبرى وإيران في 2015، عقوبات مشددة على مختلف القطاعات الاقتصادية الإيرانية، بما فيما الصادرات النفطية التي تشكّل شريان الاقتصاد الإيراني.

ويرى الخبير الإيراني أنّ "هناك مجالات وفرصاً اقتصادية كثيرة للتعاون لإحداث التقارب بين البلدين"، لافتاً إلى أنّ الاقتصادين الإيراني والسعودي من شأنهما أن يكمل بعضهما البعض. 

ويوضح فروزان فرد أنّ التجارة يمكن أن تشمل تصدير السلع الاستهلاكية والصناعية، فضلاً عن قطاع السياحة، مشيراً إلى أنّ السعودية لديها برامج طويلة الأمد لتطوير بنيتها التحتية، وخاصة في المجالات الصناعية والزراعية والسياحية، من خلال بناء مدن سياحية جديدة. ويرى عضو غرفة تجارة طهران أنّ إيران لديها إمكانات وقدرات كبيرة للمساهمة في هذه المشاريع السعودية، لافتاً إلى أنّ الشركات الإيرانية يمكنها المشاركة في تنفيذ هذه المشاريع بأسعار مناسبة وبجودة عالية.  

ويصوب أيضاً على المجال الزراعي لتوسيع العلاقات التجارية، قائلاً إنّ إيران لديها قدرات كبيرة في مجال تصدير المنتجات الزراعية المهمة مثل الفواكه والخضار، بالإضافة إلى المنتجات التحويلية والألبان. 

ويشير فروزان فرد إلى مجالات واسعة للاستثمار بين البلدين، قائلاً إنّ السعودية لديها موارد مالية هائلة للاستثمار، ويمكنها أن تستثمر في قطاعات اقتصادية رابحة في إيران إذا ما تطورت العلاقات وساعدت الأجواء. وفي السياق، يذكّر باستثمارات سعودية سابقة في قطاع الزيوت الغذائية بإيران، واصفاً إياها بأنها "استثمارات ناجحة".  

وكانت لدى شركة "صافولا" للأغذية السعودية استثمارات في قطاع زيوت الطعام الإيراني، إذ إنها قبل عقد من الزمن اشترت 80% من أسهم شركة "صافولا" بهشهر الإيرانية، وهي من أقدم الشركات الإيرانية في إنتاج زيوت الطعام. كذلك استحوذ مصنعان تابعان للشركة على 50% من سوق زيوت الطعام في إيران، وحتى الآن محاصيلها تباع في السوق الإيراني تحت عناوين زيوت لادن، ولادن طلايي وبهار ونسترن. 

كذلك إنّ مشروبات عصير "راني" السعودي من أكثر المشروبات شعبية في إيران، وهو ما دفع صاحب الشركة السعودية عادل العوجان إلى إنشاء فرع إنتاجي لها في إيران عام 2009.

ويؤكد عضو غرفة طهران للتجارة، في حديثه مع "العربي الجديد"، أنه "كلما تطور التعاون الاقتصادي بين إيران والسعودية، يساهم ذلك في خفض التوترات الثنائية والإقليمية"، مشيراً إلى أنّ "تطوير التعاون الاقتصادي من شأنه أن يرقى بالعلاقات إلى مستوى التعاون الإقليمي". 

المساهمون