لا تزال الفجوة بين صادرات وواردات السودان تواصل الاتساع، رغم الجهود الحكومية المبذولة، خلال الفترة الأخيرة، لدعم الإنتاج بهدف تحسين وضعية الصادرات إلا أنها لم تفلح في ذلك، ولا تزال البلاد تصدر سبع سلع فقط من قائمة 99 سلعة مسجلة بوزارة التجارة والصناعة.
وبلغت واردات السودان وفقا للإحصاءات الرسمية تسعة مليارات دولار والصادرات تقدر بحوالي 3 مليارات، أي أن الفجوة التجارية تبلغ 6 مليارات دولار.
وفقا للبيانات وقياسات الأداء التي قام بها مختصون، تبين أن صادرات السودان لا تتجاوز من حيث العدد المائة سلعة وهي على قلتها مجرد سلع خام لم تستطع تطويرها صناعيا وتحويليا، وأن المتحرك منها للتصدير لا يتجاوز 10% والمتبقي مجرد سلع ساكنة أو ضعيفة العائد.
وتعتبر إيرادات صادرات السودان من أوهن إيرادات الصادرات في القرن الأفريقي، وذلك بسبب كثرة المشكلات التي تواجه المصدرين، حسب المختصين.
وعلى الرغم من أن السودان يمتلك موارد ضخمة إلا أن الحكومات المتعاقبة لم تول ذلك اهتماما كبيرا، بل إن الحكومة السابقة وتلك الانتقالية ظلتا تعتمدان على المنح والقروض وضخ العملة لمواجهة التحديات التي خلقت أزمات في العديد من المجالات الخدمية والاقتصادية، وفق المختصين.
وكانت الغرفة القومية للمصدرين رسمت واقعا جيداً لصادرات الحبوب الزيتية، كما زادت توقعاتها بأن تحقق إيرادات الذهب المصدر ما بين أربعة إلى خمسة مليارات دولار، في وقت قال فيه رئيس شعبة الحبوب الزيتية، محمد عباس، خلال تصريح صحافي، مؤخراً إن عائدات الصادر المتوقعة للحبوب تقدر بمليار ونصف المليار دولار في العام، ولكنه يرى أن سوء الإدارة سيحول دون الوصول إلى هذا الرقم بجانب البطء من الجهات الحكومية في معالجة إجراءات الصادر.
ومن جانبه، يرى أمين عام شعبة مصدري الذهب، عبد المنعم القدال، في حديثه لـ"العربي الجديد" وجود تحديات وصعوبات تواجه قطاع الصادرات، مشيراً إلى أن خروج المستثمر الوطني من السوق بدوافع متعددة من بينها عدم وجود ما يلبي طموحاته وبيئة تساعد على أداء الأعمال.
المحلل الاقتصادي، الفاتح عثمان محجوب، يؤكد لـ"العربي الجديد" أن صادرات الحبوب الزيتية عرفت بالتقلب الشديد فعلى سبيل المثال بلغت قيمة صادر السمسم في عام 2018 نحو 600 مليون دولار، ثم هبطت إلى حوالي 150 مليون دولار في الفترة من بداية عام 2021 وحتى الآن.
وأضاف محجوب: "بشكل عام يعتمد صادر الحبوب الزيتية على حجم الإنتاج المحلي وهو متذبذب بسبب تذبذب الأمطار وأيضا بسبب قلة الطلب عالميا على بعض المحاصيل مثل السمسم في ظل تفشي وباء كورونا، بينما حافظ الفول السوداني على طلب عال جدا خاصة في الصين".
ويرى أنه لا يمكن في الوقت الراهن تحقيق صادرات من الحبوب بمبلغ ملياري دولار بسبب قلة الإنتاج وضعف التسويق خاصة للسمسم الذي يشهد هذا الموسم تراجعا في مساحات الأراضي المزروعة من السمسم، ويضيف أن هذا يمكن تنفيذه مستقبلا في حال تم وضع خطة متكاملة وتم توفير التمويل والتقانة لزيادة الإنتاج رأسيا وأفقيا.
وتوقع المستشار الاقتصادي، شاذلي عبد الله عمر، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن تزداد إيرادات الاقتصاد السوداني من الصادرات، مشيراً الى ضرورة تفعيل التعاون التجاري بين جنوب السودان والسودان التي كانت تحقق عائدات كبيرة على البلاد.
ويرى أن عائدات الذهب والمنتجات الزراعية قد تفوق عائدات النفط المفقود، والتي تقدر بـ8 مليارات دولار سنويا إذا حسن العمل عليها.
ويقول الباحث الاقتصادي، هيثم محمد فتحي، إن السودان يمتلك موارد كبيرة جدا وصادراته لا تتماشى مع إمكانات السودان لأن الإمكانات أكبر من ذلك.
وحسب تقديراته في حديثه لـ"العربي الجديد"، يؤكد فتحي أن مسألة الصادرات بهذه الأرقام المتواضعة لا تمثل السودان ولا حجم اقتصاده، داعيا الجهات المعنية للوقوف على هذه المشكلات والعمل على حلها فورا وبالذات مشكلات الصادرات.
ويشير إلى وجود العديد من المشكلات التي تحول دون أن تتبوأ الصادرات السودانية مقعدها بين الصادرات العالمية. ويقول فتحي إن "منتجاتنا السودانية مرغوبة بما فيها المعادن المتنوعة بالإضافة إلى الصادرات الزراعية وغيرها".
ويؤكد أن الصادرات السودانية تعاني من مشكلات ضعف التعبئة والتسويق، إضافة إلى تفاقم التهريب وفرض رسوم كبيرة تعيق عمليات التصدير، مطالبا بضرورة إنشاء مجلس مركزي يعنى بتطوير وفتح أسواق للصادرات السودانية.