طالب مساهمون برحيل، إيمانويل فابر، من رئاسة مجموعة "دانون" الفرنسية، لكن مجلس الإدارة لم يستجب، غير أنه حد من سلطاته في تلك المجموعة المتخصصة في الصناعات الغذائية.
بعد ثلاث ساعات من النقاش في مجلس الإدارة حظي بتغطية إعلامية كبيرة، في بداية مارس/ آذار الجاري، قرر مجلس الإدارة بقاء فابر رئيساً للمجموعة، إلا أنه قرر تجريده من صلاحيات منصب المدير العام الذي كان يشغله مع رئاسة الشركة.
لن تكون لإيمانويل فابر سلطات واسعة بعد هذا القرار القاضى بالفصل بين مهام الرئيس واختصاصات المدير العام، الذي سيتم تعيينه في الأشهر المقبلة، كي يتولى كل الشؤون العملياتية.
كان الرئيس التنفيذي، إيمانويل فابر، في مرمي انتقادات خرجت للعلن داخل مجلس الإدارة، حيث طالب العديد من المساهمين برحيله، غير أن مجلس الإدارة أكد، رغم الضغط، أنه سيد قراره.
ودأب اثنان من المساهمين الكبار على التنديد بالنتائج المالية والعملياتية للمجموعة العملاقة، التي تراجع أسهمها في البورصة بالربع في العام الماضي. نتائج رآها المساهمان مخيبة مقارنة بالمنافسين مثل نيستلي أو أونيلوفر.
دعا المساهمان من أجل تجاوز تلك الوضعية بالفصل بين منصبي الرئيس والمدير العام، ونجحا في ذلك في فاتح مارس، غير أنهما لم يحققا مرادهما، إذ لم يكونا يريدان إيمانويل فابر في منصب الرئيس أو منصب المدير العام.
التحق فابر في عام 1997 بالمجموعة، وتولى الإدارة العامة في 2014، قبل أن يضم إليها الرئاسة في 2017، حيث حظي بدعم الرئيس التنفيذي السابق فرانك ريبو، الذي كان والده أنطوان ريبو مؤسساً لـ"دانون".
تخرج إيمانويل فابر البالغ من العمر 57 عاماً من المدرسة العليا للتجاري، وعبّر عند تعيينه على رأس المجموعة عن رفضه الأرباح "العمياء"، وشدد على توجهه نحو إخضاع ذلك العملاق الفرنسي للفحص البيئي والاجتماعي.
سبق لفابر، الذي عمل في التسعينيات في بنك بريطاني، أن نشر كتاباً يدين فيه الرأسمالية، بل إنه كان ينوي التحول إلى أستاذ للفلسفة في مدرسة في الضواحي.
غير أن مساره تغيّر بعد تولي قيادة "دانون"، منذ أربعة أعوام، قبل أن يصبح هدفاً للانتقادات بسبب تراجع النتائج، وبروز مطالب بفصل منصب الرئيس عن منصب المدير العام.
طالب مساهمون برحيل الرئيس التنفيذي في ظل ضعف نتائج المجموعة منذ سبعة أعوام. وفي نوفمبر أعلنت دانون عن تسريح ألفي موظف بسبب تراجع المبيعات على خلفية "جائحة كورونا" وتزامناً مع حملات مقاطعة المنتجات الفرنسية.
اخترق الانقسام المساهمين والمتصرفين في مجلس الإدارة وشاع ذلك في الساحة العمومية، ووصل صدى الخلافات إلى الحكومة التي تعتبر أنه دور الدولة ليس التدخل في الشؤون اليومية للشركات الخاصة.
استقال فرانسيسكو كاماتشو المسؤول عن منتجات الألبان في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، وعجلت استقالة المديرة المالية والتي تأتي في المركز الثاني في مركز المسؤولية في المجموعة، سيسيل كابانيس، بتفجير أزمة في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بينما طالب أحد أعضاء مجلس الإدارة بانعقاده لبحث مسألة الحوكمة إلا أن الرئيس حال دون ذلك.
ويذهب مراقبون إلى أن مساهمين لم ينظروا بعين الرضى إلى تغيير الوضعية القانونية للشركة إلى مؤسسة ذات أهداف اجتماعية وبيئية وليس فقط الربح، ما يعني رصد الوسائل المالية من أجل بلوغ تلك الأهداف.
دانون تعلن عن تسريح ألفي موظف بسبب تراجع المبيعات على خلفية "جائحة كورونا" وتزامناً مع حملات مقاطعة المنتجات الفرنسية
وحددت تلك الأهداف التي دافع عنها فابر، وقبلت من قبل مجلس الإدارة في يونيو/ حزيران، في "تحسين الصحة" والعادات الغذائية و"الحفاظ على الكوكب وتجديد موارده". لتكون بذلك أول شركة مدرجة في البورصة تسعى لتحقيق تلك الأهداف.
غير أن مراقبين لاحظوا أنه في الوقت الذي دافع فيه فابر عن تحقيق تلك الأهداف عمدت المجموعة من أجل اقتصاد مليار يورو في 2023 إلى إلغاء 2000 فرصة عمل لديه، بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية التي أفضت إلى انخفاض مبيعاتها بحوالي النصف.
لم يحسم مجلس الإدارة الخلافات بشكل كامل، ويجب انتظار ما سيحدث في أفق 2022، حين ستنتهي ولاية فابر، غير أن الجميع سينتظر ما الذي سيأتي به المدير العام الجديد، الذي سيتوجب عليه التعايش مع رئيس له نفوذ كبير في دواليب المجموعة.