بدأت إيطاليا في التخطيط لما يمكن أن يحدث لاقتصادها إذا تفاقمت جائحة الفيروس التاجي بشكل كبير. في أكثر السيناريوهات تشاؤماً، تتوقع الحكومة الإيطالية انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 10.5 في المائة هذا العام وتوسعه 1.8 في المائة فقط في عام 2021، وفقًا لمسودة وثيقة توقعات الميزانية التي نشرت وكالة "بلومبيرغ" مقتطفات منها الثلاثاء. ويعتمد السيناريو على دراسة أجرتها أكسفورد إيكونوميكس لتأخذ في الاعتبار تأثير تفشي الفيروس المتجدد على الاقتصاد العالمي.
إلا أن أسوأ كوابيس روما لا يزال ماثلاً أمامها، خاصة مع عودة نسب الإصابات بفيروس كورونا إلى الارتفاع. وهذا الكابوس يختصره فينسينزو لونغو، المحلل في شركة "آي جي ماركتس" الاستثمارية الدولية بأنه "مع إغلاق آخر للاقتصاد الإيطالي، يمكن أن يصل الانكماش بسهولة إلى 15 في المائة نهاية العام الحالي".
ووقعت حكومة رئيس الوزراء جوزيبي كونتي على توقعات الميزانية في وقت متأخر الإثنين. ويتوقع السيناريو الأساس أن يتوسع الاقتصاد بنسبة 5.1 في المائة في عام 2021، والذي قد يرتفع إلى 6 في المائة عند أخذ التحفيز الحكومي في الاعتبار.
وترجح السلطات في روما انخفاضا تدريجيا في نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في السنوات التالية، مستهدفًا 151.2 في المائة في عام 2023، وفقًا للوثيقة التي وافقت عليها الحكومة. ومن المتوقع أن ينخفض ذلك إلى ما دون مستوى ما قبل الجائحة بحلول نهاية العقد، حسب التقديرات.
ولكن، قد تواجه إيطاليا زيادة جديدة في مستويات الاستشفاء وتضطر إلى فرض قيود من شأنها أن تعيد الاقتصاد إلى الركود من الربع الرابع من 2020، وفقًا للوثيقة. في هذا السيناريو، لن يبدأ التوزيع الشامل للقاح حتى النصف الثاني من عام 2021.
وتكافح حكومة كونتي لإنقاذ الاقتصاد الذي دمره الوباء والإغلاق الوطني الصارم، في الوقت الذي تستعد فيه لإجراءات أكثر صرامة لمواجهة عودة ظهور العدوى. وحددت الحكومة هدفًا يتمثل في خفض عجز إيطاليا إلى 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2023، بعد أن رأته يتضخم إلى 10.8 في المائة هذا العام.
ومن المقرر أن تتلقى إيطاليا ما يصل إلى 209 مليارات يورو (246 مليار دولار) في شكل منح وقروض، في إطار صندوق الانتعاش التابع للاتحاد الأوروبي. وتعهد وزير المالية روبرتو غوالتيري بالإفصاح عن هدف "هام" طويل الأجل، لخفض ديون البلاد التي بلغت 134.7 في المائة في نهاية عام 2019. وتشمل أولويات الحكومة، بما يتماشى مع خطط صندوق الاتحاد الأوروبي، النمو، وتقليل التأثير الاجتماعي والاقتصادي للوباء، ودعم التحول الأخضر والرقمي، وخلق فرص العمل، كما تقول التوقعات.
وتكافح إيطاليا للسيطرة على نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، وتسعى إلى مساعدة من الاتحاد الأوروبي ودعم البنك المركزي الأوروبي في الحد من اقتراضها. وخصصت الحكومة بالفعل 100 مليار يورو من الحوافز لحماية الشركات والمواطنين من الأزمة. وتم تخصيص 40 مليار يورو أخرى لعام 2021، وفقًا لغوالتيري.
وأقرّت الحكومة الإيطالية في مطلع أغسطس/ آب حزمة تحفيز اقتصادي بقيمة 25 مليار يورو (29 مليار دولار) لإنعاش الاقتصاد المتضرر من أزمة فيروس كورونا. وتتضمن الحزمة التي وافقت عليها الحكومة أكثر من 100 بند، تبدأ من دفع الضرائب المتأخرة على عامين، وصولاً إلى وضع توجيهات بشأن تسريح العمال.
وبموجب الخطة، ستكون هناك مزايا ضريبية أكبر للمناطق الجنوبية في إيطاليا التي تعدّ أقل نمواً من الشمال الصناعي. وعلى الرغم من محاولات الحكومة إظهار سيطرتها على مؤشرات الاقتصاد، يتجه الوباء إلى مسار تصاعدي قد يعرقل خطط الإنعاش.
إذ قال وزير الصحة الإيطالي روبرتو سبيرانزا منذ أيام، إن الحكومة ستفرض على الأرجح قيودا جديدة لوقف التزايد المستمر في حالات الإصابة بكورونا. وتشمل التدابير المطروحة وضع الكمامات إلزاميا في الأماكن المفتوحة وإعادة فرض قيود على التجمعات. وإيطاليا أول دولة في أوروبا يجتاحها مرض كوفيد-19، وبها سادس أعلى حصيلة وفيات جراء الإصابة بالفيروس في العالم، حيث توفي نحو 36 ألفا منذ تفشي المرض في فبراير/ شباط الماضي.