كشف وزير الطاقة الإيراني، رضا أردكانيان بعد زيارته للعراق، أنه اتفق مع المسؤولين العراقيين على " استخدام الأرصدة الإيرانية لدى العراق لدفع تكاليف شراء لقاح كورونا من أوروبا"، وذلك على ما يبدو بسبب صعوبة استلام طهران هذه الأموال نقداً على خلفية العقوبات الأميركية التي تستهدف أي تحويلات مالية من وإلى إيران.
والأرصدة الإيرانية في العراق، هي عوائد الصادرات الإيرانية المتراكمة من طاقة الكهرباء والغاز، تقدر وفق تقارير إيرانية بنحو 5 مليارات دولارات، تأخرت بغداد عن دفعها بسبب العقوبات الأميركية.
وللضغط على الحكومة العراقية لدفع هذه الديون، قامت إيران أخيرا بتقليص إمدادات الغاز الطبيعي لمحطات الكهرباء العراقية، قبيل قيام وزير الطاقة الإيراني رضا أردكانيان، أمس الثلاثاء، بزيارة العاصمة بغداد، بغية الحصول على جزء من الديون.
ويستورد العراق الغاز من إيران 50 مليون متر مكعب يومياً لتشغيل محطات الطاقة الكهربائية العاملة بالغاز، التي جرى تشييدها خلال السنوات الماضية، فيما يتهم برلمانيون وسياسيون عراقيون حكومات بلادهم المتعاقبة بتعمد تعطيل استثمار حقول الغاز لاستمرار الاستيراد من إيران.
وبحسب التقليص الإيراني الجديد لكميات الغاز المصدرة للعراق، فقد انحسرت الكميات إلى 5 ملايين متر مكعب يوميا، بما يعادل 10% فقط من الكميات المتفق عليها. وفق المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية، أحمد موسى، فإن "الديون المستحقة لإيران تبلغ 2.6 مليار دولار أميركي".
ووصف وزير الطاقة الإيراني، اليوم الأربعاء، نتائج زيارته للعراق بأنها "ناجحة"، مشيرا إلى لقاءاته ومباحثاته مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ووزراء الطاقة والتجارة ومحافظ البنك المركزي ومصرف التجارة في العراق.
واعتبر أن "أحد أهم القرارات كان عقد اجتماع اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي بين إيران والعراق بمشاركة فاعلة من القطاعين الحكومي والخاص خلال الأسابيع المقبلة".
وأضاف أردكانيان أنه "أبرمت اتفاقيات جيدة حول مشاريع إعادة إعمار صناعة الكهرباء العراقية"، مشيرا في السياق إلى "مشروعين مهمين في مجال تقليل هدر الكهرباء في شبكة توزيع الكهرباء وإعادة إعمار المعدات الكهربائية المتضررة".
وكشف أنه "على الرغم من القيود الموجودة دفعت وزارة الطاقة العراقية جزءا كبيراً من الديون المستحقة لشركة توانير وشركة الغاز الوطنية الإيرانية"، لكنه لم يوضح طريقة دفع هذه الديون إن كان يتم بشكل مباشر لإيران أو على شكل المقايضة بسلع أساسية تشتريها إيران من دول أخرى.
غير أنه أشار إلى "ترتيبات مالية جديدة" مع العراق لدفع الديون، معربا عن أمله في تحصل إيران "بشكل أسرع على أرصدتها الموجودة في العراق لشراء السلع الأساسية في المستقبل القريب". وأكد وزير الطاقة الإيراني أنه "حصل اتفاق جيد بشأن دفع الديون وهو جاهز للتوقيع عليه".
إيران التي تواجه عقوبات أميركية خانقة وأزمة اقتصادية بسبب هذه العقوبات وتداعيات كورونا، بأمس الحاجة إلى أرصدتها المجمدة في الخارج لتسيير أمورها الاقتصادية في ظل العجز الكبير في الموازنة.
ولا تكشف الحكومة الإيرانية عن حجم أموالها المجمدة، إلا أنها وفق تقارير إعلامية تقدر بأكثر من 100 مليار دولار، منها 5 مليارات دولار في العراق، و8 مليارات دولار في كوريا الجنوبية و20 مليار دولار لدى اليابان.
وتحدث أخيرا محافظ البنك المركزي الإيراني، عبدالناصر همتي، عن عشرات المليارات من الدولارات، قائلا: "في الوقت الراهن فإن عشرات المليارات من الدولارات من احتياطيات البنك المركزي (الإيراني) مجمدة في دول بسبب الخوف من الجرائم الأميركية"، في إشارة إلى تهديدات والضغوط التي تمارسها واشنطن على هذه الدول لثنيها عن الإفراج عن هذه الأموال.
وخلال العامين الأخيرين، قام مسؤولون إيرانيون في مقدمتهم محافظ البنك المركزي، بزيارات عدة إلى العراق، وحصلت تفاهمات واتفاقيات على تسديد الديون المستحقة لإيران، لكن على أرض الواقع، لم يحدث شيء، مما دفع الرئيس الإيراني، حسن روحاني، يوم 12 سبتمبر/أيلول الماضي، إلى الحديث بعتاب تجاه "دول صديقة" ترفض الإفراج عن الأموال الإيرانية، قائلا إن "هناك دولا صديقة لنا أرصدة لديها في بنوكها، لكنها ترفض تحريرها".
وعزا روحاني عدم الإفراج عن الأموال إلى الضغوط الأميركية على هذه الدول التي لم يسمها، قائلا إن هذه الدول "أبلغتنا أن الأميركيين يمارسون ضغوطاً علينا ويهددوننا إذا ما قمنا بالإفراج عن هذه الأموال".