استمع إلى الملخص
- **أسباب ارتفاع الإيجارات وتأثيرها على السكان**: الباحث الاقتصادي رائد حلس يوضح أن تزايد الطلب ونقص العرض نتيجة الدمار بنسبة 85% أدى إلى ارتفاع الأسعار، مما يضع ضغوطًا مالية كبيرة على العائلات النازحة ويؤثر سلبًا على مستوى معيشتهم.
- **استغلال الوضع وزيادة الأسعار بشكل غير مسبوق**: أستاذ علم الاقتصاد سمير أبو مدللة يشير إلى أن الاكتظاظ وزيادة الطلب بعد السابع من أكتوبر 2023 دفع بعض أصحاب العقارات لاستغلال الوضع ورفع الأسعار بنسبة تصل إلى 500%.
سجلت أسعار الإيجارات في قطاع غزة منذ بداية الحرب الإسرائيلية التي دخلت شهرها الحادي عشر على التوالي، قفزات نوعية كبيرة لم تحصل في الأوقات السابقة، مسجلة معها ارتفاعات وأسعاراً فلكية وغير معهودة.
ورغم اكتظاظ نحو مليوني نسمة في الخيام المنتشرة في مناطق دير البلح ومواصي خان يونس ورفح إلا أن عشرات العائلات باتت تبحث عن بعض المنازل أو المحال التجارية لاستئجارها لتكون مأوى لها مع استمرار الحرب وصعوبات العيش في الخيام، وعدم إيجاد أماكن أحياناً في ظل ازدحام المناطق الشديد.
إيجار غرفة بـ1000 شيكل
وتعرضت غالبية منازل القطاع إلى القصف والدمار جراء حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، ما جعل معظم المنشآت السكنية غير صالحة للسكن في ظل انقطاع التيار الكهربائي وعدم توفر المياه للاستخدام اليومي ومياه الشرب.
بالإضافة لذلك يلجأ البعض إلى استئجار غرف في الاستراحات الموجودة على شاطئ البحر هرباً من التكدس في الخيام وبحثاً عن نوع من الخصوصية المفقودة بالكامل في المخيمات التي تؤوي النازحين.
وبات استئجار غرفة واحدة مع مرفق صحي (دورة مياه) حلماً لا يتحقق بالنسبة لمئات الآلاف من الفلسطينيين حيث لا يقل إيجار هذه الغرفة عن 1000 شيكل إسرائيلي في أفضل الأحوال، فيما تتجاوز إيجارات الشقق 4000 إلى 5000 شيكل، (الدولار= 3.73 شواكل).
وتعتبر هذه الأسعار غير مسبوقة إذ كانت تتراوح عادة بين 700 إلى 1000 شيكل في أسوأ الأحوال قبل الحرب على غزة، وكانت هذه الإيجارات تشمل الخدمات مثل الكهرباء وشبكات الإنترنت ومياه الاستخدام اليومي ومياه الشرب.
وتشكل ندرة المنشآت السكنية في ظل تدمير الاحتلال الإسرائيلي الشديد للأحياء السكنية والمنازل أحد العوامل التي ساهمت في ارتفاع أسعار إيجارات العقارات، وهو أمر قد يخلّف مزيداً من الارتفاعات بعد الحرب على غزة.
نتيجة طبيعية
في الأثناء يقول المختص والباحث في الشأن الاقتصادي رائد حلس إن ارتفاع سعر الإيجارات وبالتحديد في مناطق النزوح نتيجة طبيعية في ظل حجم الدمار العميق الذي أصاب العديد من المنازل والمنشآت والبنية التحتية.
ويقدر حلس في حديثه لـ"العربي الجديد" بأن نسبة الدمار التي طاولت المنشآت والبنية التحتية وصلت إلى 85%، وبالتالي يمكن تفسير هذا الارتفاع من خلال عوامل اقتصادية عدة، أبرزها تزايد الطلب ونقص العرض حيث أن نزوح عدد كبير من السكان أدى إلى زيادة الطلب على المساكن في المناطق القليلة التي بقيت سليمة أو التي تم إصلاحها جزئياً، وفي الوقت ذاته هناك نقص حاد في المعروض من المساكن، الأمر الذي أدى في المحصلة إلى ارتفاع أسعار الإيجارات التي وصلت إلى أرقام فلكية.
ويضيف أن التضخم والاضطراب الاقتصادي الذي يشهده القطاع بسبب النزوح والحرب التي دفعت إلى زيادة الأسعار بما فيها الإيجارات، أمور يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على السكان والاقتصاد المحلي.
وبحسب حلس فإن التأثير على السكان سوف يؤدي إلى زيادة الضغوط المالية على الأفراد والعائلات النازحة، الذين قد يجدون صعوبة في تغطية تكاليف الإيجارات المرتفعة، وبالتالي سيواجهون مشاكل مالية حادة، وكذلك سوف يؤدي ارتفاع أسعار الإيجارات إلى تدهور مستوى المعيشة الناجم أساساً عن التضخم والاضطراب الاقتصادي، لا سيما أن ارتفاع الأسعار قد يضطر السكان إلى تقليص نفقاتهم في جوانب أخرى ما يؤثر سلباً على مستوى معيشتهم.
أما على صعيد الاقتصاد المحلي فإن تأثير ارتفاع سعر الإيجارات يرتبط بالضغط المالي على الأسر يمكن أن يؤثر سلباً في قدرتهم على استهلاك السلع والخدمات، وبالتالي سيؤثر ذلك على الأعمال المحلية الصغيرة والمتوسطة، وفقاً للباحث والمختص في الشأن الاقتصادي.
وبحسب تقديرات الجهات الحكومية في غزة فإن الاحتلال الإسرائيلي دمر قرابة 70% من البنية التحتية المدنية والمنازل والمدارس والمستشفيات، فضلاً عن تجريف عشرات الكيلومترات من الطرق.
حالة الاكتظاظ الكبيرة
إلى ذلك، يقول أستاذ علم الاقتصاد في جامعة الأزهر في غزة سمير أبو مدللة إن حالة الاكتظاظ الكبيرة التي جرت في مناطق الوسط والجنوب بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 أدت إلى زيادة في الطلب ونقص في العرض بما في ذلك ما يتعلق بالمحلات التجارية.
ويضيف أبو مدللة لـ"العربي الجديد" أن بعض أصحاب البيوت والشقق السكنية والمحال التجارية استغلوا الحالة ورفعوا الأسعار التي وصلت إلى أرقام فلكية لم يُتوقع أن تصل إليها الإيجارات في يوم من الأيام.
وبحسب أستاذ علم الاقتصاد، فإن بعض الارتفاعات وصلت إلى أكثر من 500% فبعض المخازن والمحال التجارية التي كان يتم تأجيرها بمبالغ لا تتجاوز 400 شيكل وصلت حالياً إلى 2000 شيكل إسرائيلي.
ويشير إلى أن بعض الشقق السكنية كانت التي لا تزيد عن 150 دولاراً وصلت حالياً لأكثر من 1000 دولار، وبالتالي فإن هذه القفزة التي وصلت إلى أكثر من 500% سيكون لها تداعيات نفسية على السكان وتداعيات مادية واقتصادية على السكان.
وينبه أبو مدللة إلى أن عشرات العائلات اضطرت إما لاستدانة مبالغ مالية كبيرة أو اضطر بعضها لبيع ذهب النسوة من أجل تسديد ثمن إيجارات الشقق أو المحال التجارية للمكوث فيها في ظل الارتفاعات الحالية.
ويؤكد أن تدمير الكامل أو شبه الكامل لـ70% من المنازل سيجعل الإيجارات مرتفعة لفترة طويلة من الزمن، وستصبح الإيجارات حكراً على كبار التجار والاقتصاديين وليست في متناول المواطنين العاديين والموظفين.