إنجازات الأسود ترفع معنويات المستهلكين في المغرب

17 ديسمبر 2022
ارتفاع المعنويات يساهم في رفع الطلب في الأسواق (فرانس برس)
+ الخط -

لم يعد مغاربة يراقبون الأسعار التي تشهرها محطات الوقود في هذه الأيام، فهم لاهون عنها بأخبار المنتخب الوطني الذي حقق إنجازات غير مسبوقة في بطولة كأس العالم في قطر.

عندما يذكر بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة بالأسعار التي ارتفعت في الأشهر الأخيرة، يطلب منهم آخرون تأجيل ذلك، داعين إياهم إلى عدم إفساد الفرحة بما يؤرق الأسر.

وكانت الجبهة الاجتماعية، التي تضم منظمات سياسية ونقابية وحقوقية نظمت قبل عشرة أيام مسيرة بالرباط، تندد فيها بالغلاء الذي يضغط على موازنات الأسر.

وجاءت مسيرة الرباط في سياق الارتفاعات التي سجلتها أسعار العديد من السلع والخدمات، دون أن تواكب ذلك تدابير تفضي إلى زيادة الأجور أو الحد من ارتفاع الأسعار. غير أن العديد من الأسر انشغلت بإنجازات المنتخب الوطني التي اعتبرها البعض معجزة لم يحلموا بها.

وينتظر أن يساهم ارتفاع معنويات الأسر في الفترة الحالية والأسابيع المقبلة، في زيادة الطلب الداخلي المعبر عنه من قبل الأسر، والذي يلعب في الأعوام الأخيرة دوراً كبيراً في النمو الاقتصادي. ولم تتردد العديد من الأسر في الأيام الأخيرة في بذل المال من أجل الاحتفاء بإنجازات المنتخب الوطني، رغم التضخم الذي يضيق علي قدرتها الشرائية.

وتفيد المندوبية السامية للتخطيط أن التضخم قفز في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إلى 8.1%، بعد ارتفاع أسعار السلع الغذائية بنسبة 13.8% والسلع غير الغذائية بنسبة 4.3%، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وكانت الأسر بعثت برسائل متشائمة إلى الحكومة حول وضعها المعيشي، حسب ما يتجلى من البحث الذي تجريه المندوبية السامية للتخطيط، حول الظروف المعيشية للأسر، التي تراجع مؤشر ثقتها إلى أدنى مستوى له منذ انطلاق العمل بهذه النوعية من البحوث في 2008. وتجلى أن 81.5% من الأسر، شددت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي على تراجع مستوى المعيشة في الاثني عشر شهراً الماضية.

وصرحت 99.1% من الأسر بأن أسعار المواد الغذائية ارتفعت خلال الاثني عشر شهراً الأخيرة، فيما توقعت 76.4% من الأسر أن تواصل الأسعار ارتفاعها في الأشهر الاثني عشر المقبلة. وأقبلت العديد من الأسر في الأيام الأخيرة على المقاهي من أجل مشاهدة مباريات كرة القدم، رغم لجوء العديد من أصحابها إلى مضاعفة الأسعار مستغلين حرص المغاربة على الاحتفال مع أسرهم وأصدقائهم في تلك الفضاءات.

وأفضى الإقبال الكبير على شراء الأعلام وأقمصة المنتخب المغربي منذ تجاوز دور المجموعات في منافسات كأس العالم، إلى ارتفاع أسعارها، بشكل غير مسبوق، حيث استغل الباعة ارتفاع الطلب وحرص الأسر على التعبير عن فرحها عبر تلك الرموز.

ويشير الخبير الاقتصادي علي بوطيبة، إلى أن تشديد مدرب المنتخب الوطني، وليد الركراكي على قيم النية والتضامن والحلم، حافز لتعزيز ثقة الأسر في إمكانية تحقيق إنجازات تعود بالنفع على البلد والمواطنين. ويؤكد في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن ارتفاع معنويات المغاربة في الفترة الحالية، يمكن أن يساهم في الخروج من الحالة النفسية الناجمة عن الأزمة المرتبطة بتداعيات كورونا، والجفاف الذي عرفه المغرب في الموسم الماضي وآثار الحرب الروسية في أوكرانيا.

ويشدد على أن الإنجاز الذي تحقق يفترض أن تواكبه تدابير تسعى إلى تحسين القدرة الشرائية للأسر من قبيل الحرص على حصر الأسعار في مستويات معقولة عبر حث الموردين على عدم زيادتها بطرق مبالغ فيها، مع العمل على مراقبة السوق بهدف قطع الطريق على المضاربين والوسطاء.

ويتصور الخبير الاقتصادي المغربي، أن الإنجازات بما له من تأثير على معنويات الأفراد تفضي إلى تحسين الإنتاجية، التي تساهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي، الذي يفترض أن توزع ثماره بطريقة تقلص الفوارق التي اتسعت في السنوات الأخيرة. ويعتبر أن الإنجاز الذي حققه المنتخب الوطني في قطر، يعتبر أفضل عملية ترويج لصورة المغرب في الخارج، حيث سيثير فضول العديد من الناس، ما يمكن أن ينعكس إيجاباً على السياحة المغربية.

المساهمون