أقر البرلمان العراقي، فجر أمس الاثنين، مشروع قانون الموازنة الأكبر في تاريخ البلاد للعام الحالي، بإجمالي بلغ 198 تريليون و910 مليارات دينار (153 مليار دولار)، بينما بلغ إجمالي إيرادات الدولة ضمن مشروع القانون 134 تريليون و552.9 مليار.
وقدرت مبالغ العجز المالية ضمن قانون الموازنة أكثر من 64.36 تريليون دينار عراقي، بمستويات قياسية بلغت أكثر من ثلثي آخر عجز شهدته موازنة العراق المسجلة في 2021.
واعتمد العراق بشكل كبير، في موازنته التي أقرت مؤخراً، على الإيرادات النفطية التي بلغت ضمن القانون بحدود 117.2 تريليون دينار، فيما بلغ إجمالي الإيرادات غير النفطية بحدود 17.3 تريليونا، ما يعني أن الموازنة العراقية باتت رهينة لأسعار النفط العالمية، حيث قدرت سعر برميل النفط عند 70 دولارا، وبكمية صادرات يومية 3.5 ملايين برميل يوميا، منها 400 ألف برميل يوميا من إقليم كردستان العراق.
وتشكّل العائدات النفطية نسبة 90 بالمائة من الايرادات الكلية لثاني أكبر منتج للنفط الخام في منظمة أوبك، بمتوسط إنتاج يومي يبلغ 4.6 ملايين برميل في الظروف الطبيعية.
وقال رئيس الحكومة العراقية محمد السوداني إن الموازنة التي صوّت عليها مجلس الوزراء في 13 مارس/ آذار الماضي، أخذت بنظر الاهتمام أولويات تمسّ المتطلبات الأساسية للفرد والعائلة، ومعيشة المواطنين، وتسعى إلى تلبية طموحاتهم في ما ينتظرونه من الحكومة من مشاريع الخدمات والإعمار والبنى التحتية.
ومن جانبه، قال الباحث الاقتصادي أحمد صباح إن العراق مازال رهينة لسوق النفط العالمية، واعتماده الكلي على الإيرادات النفطية بنسبة تجاوزت 90 بالمائة يعد مؤشراً خطيراً يهدد الاقتصاد الوطني على المدىين المتوسط والبعيد، مع توقعات انخفاض أسعار النفط إلى أقل من 50 دولاراً للبرميل الواحد.
وأضاف صباح، لـ"العربي الجديد"، أن تثبيت سعر برميل النفط ضمن الموازنة عند 70 دولارا يضع العراق في حرج كبير خلال الفترة القادمة، وكان الأجدر أن يكون سعر النفط ضمن الموازنة بحدود 60 - 65 لتجنب مخاطر تقلبات ارتفاع أسعار النفط.
وأشار إلى أن أي تقلبات في أسعار النفط تزيد فجوة العجز العام في الموازنة، ما يضطر الحكومة العراقية الذهاب باتجاهين، الأول هو إيقاف جانب من الموازنة الاستثمارية، والثاني توسيع دائرة الاقتراض الخارجي والداخلي، الذي هو أساساً يعد مشكلة كبيرة تضمنتها الموازنة.
وأوضح صباح أن السياسة الاقتصادية التي اتبعتها الحكومة العراقية من خلال مشروع قانون الموازنة الأخير لا تتمشى مع ضوابط الجدوى الاقتصادية، لأنها موازنة (ريعية، انفاقية، استهلاكية) على حد سواء، لأنها موجهة نحو الاستهلاك الكلي مع أن العراق بلد غير منتج.
وتجاوز عدد الموظفين في العراق 4.5 ملايين موظف يتقاضون رواتبهم من خزينة الدولة عن طريق قاعدة بيانات وزارة المالية، لتتجاوز فاتورة أجور موظفي القطاع العام 58 مليار دولار.
وقال الخبير الاقتصادي كريم الحلو إن مشكلة العراق تتعلق بضعف الإدارة الاقتصادية للدولة، معتبراً أن هذا الحجم من الرواتب يشكل مشكلة خطيرة على الاقتصاد، خاصة أن هناك نفقات أخرى تتعلق بالإنفاق الحكومي ومكاتب الرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة.
وانتقد الحلو، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، زيادة مخصصات وحجم إنفاق مكاتب الرئاسات الثلاث التي جاءت مغايرة للتصريحات التي أدلى بها رئيس الحكومة في وقت سابق، والتي تتعلق بالحد من الإنفاق وتقليص نفقات ورواتب هذه المكاتب، التي تشكل عبئاً كبيراً على الموازنة العراقية.