إفلاس إيربرلين.. هل للإمارات دور؟

12 أكتوبر 2017
حكومة أبوظبي أجبرت "إيربرلين" على الإفلاس
+ الخط -

هل أرادت حكومة أبوظبي أن تعاقب ألمانيا على موقفها المحايد والموضوعي من الأزمة الخليجية، فعاقبت نفسها حينما سمحت شركة طيران الاتحاد الإماراتية بإفلاس شركة شركة "إيربرلين" للطيران والتي نجم عنها خسائر مباشرة للإمارات تجاوزت ملياري دولار؟ ولماذا أصرت حكومة أبوظبي على إفلاس شركة الطيران الألمانية الكبرى، رغم أنها أول المتضررين من الخطوة، بل وأكثرهم خسارة على الإطلاق؟

عقب الإعلان عن إفلاس شركة "إيربرلين" الألمانية، وسباق شركات الطيران الكبرى، ومنها لوفتهانزا، على شراء أسطول الشركة المفلسة وتصاعد تأثيرات الهزة التي أحدثها الإفلاس للاقتصاد الألماني، لم يعد السؤال الأهم الآن هو: لماذا أفلست الشركة العملاقة، وكيف سمحت الحكومة الألمانية بهذه الخطوة؟ بل بات: لماذا لم تتدخل شركة طيران الاتحاد الإماراتية، المساهم الرئيسي في الشركة الألمانية، لإنقاذها من التعثر والإفلاس، وبالتالي إنقاذ استثماراتها الضخمة والحيلولة دون إفلاس "إيربرلين"؟

ومن السؤال الأخير تتفرع أسئلة أخرى قد لا تجد إجابة منها مثلا: لماذا أجبرت طيران الاتحاد الإماراتية شركة "إيربرلين" على إعلان إفلاسها، بدلا من السير في خطوات أخرى لإصلاح هيكلها المالي مثل ضخ استثمارات طازجة وجذب مستثمرين جدد وتقليص نفقات التشغيل أو جلب إدارة محترفة جديدة؟

ولماذا صعدت الشركة الإماراتية ضغوطها على "إيربرلين" قبل الانتخابات الألمانية الأخيرة مباشرة، وهل لتلك الضغوط وما لحق لاحقا بالشركة الألمانية علاقة بموقف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من الأزمة الخليجية الحالية؟

ومن بين الأسئلة كذلك: لماذا تخلت الشركة الإماراتية فجأة عن خطط تعويم الشركة الألمانية الكبرى، رغم إعلانها عدة مرات عن خطط لإنقاد "إيربرلين" وضخ استثمارات فيها بمئات الملايين من الدولارات للمحافظة على الكيان، وقبلها حماية استثماراتها الضخمة؟

وشركة إير برلين لمن لا يعرفها، هي ثاني أكبر شركة طيران في ألمانيا بعد شركة طيران "لوفتهانزا" الشهيرة، وواحدة من أكبر وأعرق شركات الطيران في العالم.

عقب تعثر الشركة المالي وتكبدها خسائر فادحة متواصلة ومتراكمة تجاوزت 1.2 مليار يورو في العام الجاري، توقع الجميع تدخل الشركة الإماراتية لإنقاذ "إيربرلين" من الانهيار باعتبارها أكبر مستثمر فيها، إذ تستحوذ على 30% من الأسهم، وأن هذا التدخل يأتي من منطق الحفاظ على الأموال الضخمة التي ضختها طيران الاتحاد في الشركة الألمانية للاستحواذ على ثلث أسهمها.

والذي يتابع ملف الشركة الألمانية في السنوات الأخيرة كان يدعم هذه التوقعات، خاصة أن حكومة أبوظبي ضخت 1.2 مليار دولار في "إيربرلين" لتعويمها، ووعدت أكثر من مرة بمواصلة تقديم دعم مالي إضافي لمدة 18 شهراَ على الأقل، كما وعدت حكومة أبوظبي المستشارة ميركل خلال زيارتها الأخيرة للإمارات باستمرار تقديم الدعم المالي للشركة المتعثرة حتى خريف عام 2018.

لكن كل شيء تغير عقب وقوع الأزمة الخليجية، فقد سحبت شركة طيران الاتحاد دعمها المادي للشركة الألمانية وبشكل مفاجئ، بل أجبرتها على السير في إجراءات إعلان الإفلاس بأعتبار أن الجانب الإماراتي كان صاحب القول الفصل في مجلس إدارة "إيربرلين" بحكم ضخامة حصته في أسهمها، والنتيجة انهيار الشركة الألمانية.

وعودة إلى السؤال الرئيسي: لماذا لم تتدخل الشركة الإماراتية لإنقاذ "إيربرلين" من الإفلاس؟

الاحتمال الأقوى هنا يكمن في دوافع سياسية ومكايدات بحتة تتعلق بالأزمة الخليجية، فحكومة أبوظبي، المالك لشركة طيران الاتحاد، ضغطت على المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للانحياز لموقف دول الحصار ضد قطر في الأزمة.

لكن ألمانيا اختارت الحياد، إذ دعت الأطراف الخليجية المختلفة لاعتماد أسلوب الحوار والمفاوضات في حل النزاع القائم، بل لم تقف ألمانيا على الحياد، بل نددت أكثر من مرة بإجراءات الحصار المفروضة على قطر، وطالبت دول الحصار بإزالتها على الفور.

وعندما رفضت ألمانيا الضغوط الإماراتية كان قرار حكومة أبوظبي بمعاقبتها ماليا وإحراج المستشارة ميركل سياسيا قبل الانتخابات الأخيرة، عبر التخلي عن خطة تقديم الدعم المالي لثاني أكبر شركة طيران ألمانية، وسحب خطة الإنقاذ المتعلقة بها، بل والإصرار على إجبار "إيربرلين" على إشهار إفلاسها.

موقف حكومة أبوظبي من أزمة إفلاس "إيربرلين" يذكرني بالمثل القائل "جنت على نفسها براقش".

دلالات
المساهمون