استمع إلى الملخص
- **إصرار أهالي الضحايا على العدالة**: يصر أهالي الضحايا على مواصلة التحقيقات ومحاسبة المسؤولين. الانفجار تسبب في مقتل 220 شخصاً وإصابة أكثر من سبعة آلاف، وألحق أضراراً جسيمة بالممتلكات.
- **تحديات شركات التأمين وتسويات الأضرار**: واجهت شركات التأمين صعوبات كبيرة، وبدأت في معالجة الأضرار تدريجياً. أُغلِق أكثر من 95% من الملفات، وتعمل اللجنة على صياغة استراتيجية وطنية للتأمين.
على الرغم من مرور أربع سنوات على انفجار مرفأ بيروت، إلا أنّ ملف التأمين لم يُنجَز بالكامل، خصوصاً أنّ عوامل عدّة ساهمت في تعقيده، أبرزها عدم صدور نتائج التحقيقات التي تُحدّد أسباب الانفجار، باعتبار أنّ التغطية بنسبة كبيرة منها لا تشمل العمل الإرهابي أو العسكري أو التخريبي، علماً أنّ مبادرات رُصِدت لعقد تسويات بين الأطراف المتعاقدين بغية معالجة القضية.
وفي الذكرى الرابعة لانفجار مرفأ بيروت، لا تزال السلطات اللبنانية تعرقل التحقيق المحلي وتستخدم جميع الأساليب لتقويض التحقيق ودفن الحقيقة بهدف حماية المسؤولين، حيث إنّ القاضي الثاني الذي كُلِّف بالملف بعد كفّ يد الأول، المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، واجه أكثر من 25 طلباً لإقالته من قبل المدعى عليهم السياسيون، إلى جانب قضاة آخرين، شملتهم الدعاوى، ما شلّ عمله بالكامل منذ نحو عامين.
ويرفض أهالي الضحايا ترك قضيتهم تموت، ويصرّون على مواصلة تحرّكاتهم للدفع باتجاه استئناف التحقيقات والوصول إلى الحقيقة والعدالة الكاملتين، ومحاسبة المسؤولين عن أحد أكبر الانفجارات غير النووية في التاريخ.
وتسبّب انفجار مرفأ بيروت بمقتل ما لا يقل عن 220 شخصاً، وجرح أكثر من سبعة آلاف شخص، وأضرار جسيمة في الممتلكات، حيث دُمّرت أجزاء كبيرة من العاصمة بيروت، على صعيد المباني والأسواق والمؤسسات والمحال التجارية، علماً أنّ القسم الأكبر منها أعيد بناؤه وصيانته وإعماره، وقد عادت الحركة فيها في ظل إصرار المواطنين على مواصلة الحياة ومواجهة الصعاب والوقوف من جديد رغم الألم العميق الذي خلّفته الجريمة.
إشكالات ملف التأمين في مرفأ بيروت
وواجه ملف التأمين ولا سيما في الفترة الأولى بعد الانفجار العديد من الإشكالات، وخصوصاً مع المتضرّرين، وسط اتهامات للشركات بأنها لم تتعاطَ مع قضيتهم بمسؤولية، وتهرّبت من دفع حقوقهم بقيمتها الفعلية من خلال دفعها بشيكات مصرفية، وبأسعار صرف حدّدتها، من دون أن تغطي كل النسب من الأضرار، بينما يؤكد المسؤولون عنها أنّ صعوبات كثيرة واجهت عملهم، ولا سيما على صعيد أزمة المصارف التي طاولتهم وحدّت من قدراتهم، إلى جانب أزمة تعدد أسعار الصرف والتفاوت الكبير بينها، عدا أنّ الشركات عملت على التغطية، رغم أن أي قرار لم يصدر في القضية.
في السياق، يقول رئيس لجنة مراقبة هيئات الضمان بالإنابة، نديم الحداد، لـ"العربي الجديد": "تعود ذكرى 4 أغسطس/آب، هذه السنة، ولبنان ما زال يعاني من الأزمات المتتالية التي ضربته منذ أواخر عام 2019، فتزامن الانهيار الاقتصادي مع انفجار المرفأ في 2020 جعل الكارثة مضاعفة، وغياب حقيقة مسبب الكارثة وضع الجميع في مصير مجهول، ومن هؤلاء شركات التأمين اللبنانية".
ويلفت الحداد إلى أنّ "أضرار السيارات المبلَّغ عنها وصلت إلى 5446 بإجمالي قيمة أضرار بحوالى 17 مليون دولار، وأضرار الممتلكات بلغت حوالى 10567 حادثاً بإجمالي قيمة أضرار بحوالى 900 مليون دولار".
جدل في البداية
يوضح الحداد أنه "بعد مرور أسابيع على الانفجار، كان الجدل في ذروته بين المؤمَّنين وشركات التأمين، فالشركات اعتبرت أنها لا تغطي الأضرار الناتجة من الانفجار، والمؤمَّنون أصرّوا على حقوقهم خصوصاً في ظل انهيار العملة الوطنية، ولم يدم الجدل كثيراً، وبدأت المبادرات من بعض الشركات في القطاع وكانت الخطوة الأولى تجاه الأضرار التي لحقت بالسيارات، والتي تمت معالجتها بشكل شبه كامل والتحقت جميع الشركات بهذه الموجة".
ويضيف: "بعد هذه الخطوة كرّت السبحة وباشرت الشركات بالتفاوض مع زبائنها، وكان الحل بالقطعة، حيث يتم الاتفاق على تسوية بين الطرفين ويتم الدفع بنسبة مئوية بـ"الفريش دولار"، والباقي بالشيكات المصرفية. وفي سياق هذه التسويات كانت اللجنة تواكب كل الشكاوى التي تصل إليها، وتعمل على إيجاد الحلول الوسطية بما تقتضيه المرحلة".
ويردف: "بالإضافة إلى ذلك، ألزمت اللجنة الشركات بتقديم تقارير شهرية عن الحوادث التي تمت تصفيتها والحوادث العالقة لتتم معاينة تطور هذا الملف".
ويلفت الحداد إلى أنه "حتى الآن أُغلِق أكثر من 95% من هذه الملفات، والمتبقي منها قيد المتابعة من قبل اللجنة، وهي أضرار بمبالغ كبيرة يتم إنجازها تدريجياً. هذا من جهة، أما من جهة أخرى، فكانت المشكلة مدى قدرة الشركات على تحويل مستحقات معيدي التأمين، وذلك بسبب انهيار النظام المصرفي اللبناني وعدم القدرة على استعمال الحسابات المصرفية للشركات، التي كانت تبلغ حدود المليار و700 مليون دولار".
ويضيف: "بعد جهود كثيفة وتواصل دائم، توصل الطرفان إلى تسوية تقضي بتغطية الأضرار جزئياً، وحسم مستحقات إعادة التأمين منها، ما أعطى القدرة للشركات المحلية على الاستمرار والخروج من الأزمة تدريجياً".
ويرى الحداد أنّ "التحدي أمام اللجنة اليوم هو إغلاق الملفات المتبقية قبل نهاية السنة وصياغة استراتيجية وطنية للتأمين، لتواكب أي كارثة مستقبلية للحد من الخسائر والاستفادة من دروس الماضي".