تعج شبكات التواصل الاجتماعي في إيران، هذه الأيام، بفيديوهات وصور لإضرابات عمالية في قطاع النفط الإيراني، بدأت منذ الإثنين الماضي، لتتسع في اليوم التالي، حسب صحيفة "دنياي اقتصاد" الإيرانية، وتنتقل عدواها إلى الكثير من المؤسسات النفطية والمصافي والبتروكيماويات في الدولة.
وطاولت الإضرابات نحو 50 شركة عاملة في القطاعات النفطية والبتروكيمياوية في 7 محافظات إيرانية، حيث أطلق العاملون بعقود عمل مؤقتة شرارتها، بينما انضم إليهم العاملون بعقود دائمة في بعض الشركات.
ويطالب العمال المضربون عن العمل بتحسين ظروفهم المعيشية وشروط العمل، وإنهاء المقاولات في الصناعة النفطية، ورفع رواتبهم وفقا للقوانين، مع رفضهم إنهاء العقود وتسريحهم، حيث راجت أنباء عن تسريح عمال في بعض المصافي والمؤسسات النفطية. ويطالب هؤلاء العمال بألا تقل رواتبهم الشهرية عن 12 مليون تومان (500 دولار) لإيجاد توازن بين مصاريفهم ودخلهم.
وتقول وزارة النفط الإيرانية، إنها غير معنية بهذه الإضرابات، حيث نقل موقع "تجاوت نيوز" الإيراني عن المدير العام للعلاقات العامة بالوزارة، كسرى نوري، قوله "هذه الشركات تابعة للقطاع الخاص ولا علاقة لوزارة النفط بها"، في إشارة إلى الشركات التي أضرب عمالها عن العمل.
لكن المصدر نقل عن ممثل العمال في المجلس الأعلى للعمل، علي خدايي، قوله إن "هذه الإضرابات لعمال المقاولين الذين يعملون مع وزارة النفط وهي أيضا يجب أن تتحمل المسؤولية".
وتأتي هذه الإضرابات فيما يتعرض قطاع النفط الإيراني للحظر الأميركي التام منذ عام 2018، بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي المبرم عام 2015، بينما يُعد القطاع النفطي شريانا حيويا للاقتصاد.
وتسببت العقوبات الأميركية في تراجع العملة الإيرانية إلى مستويات قياسية خلال السنوات الماضية، لتفقد نحو 600% من قيمتها، ما أدى إلى تضخم الأسعار بشكل غير مسبوق، وتراجع القوة الشرائية لمعظم المواطنين. وتفاقم الوضع الاقتصادي، بعد تفشي كورونا منذ 19 فبراير/شباط 2020، حيث تعد إيران من البلدان الأكثر تأثراً بالوباء في المنطقة.
وتشكّل صادرات إيران من النفط ومشتقاته والغاز الطبيعي والبتروكيماويات، مصدراً رئيسياً لمواردها المالية الأجنبية، حيث كانت تؤمّن أكثر من 90% من احتياجاتها النقدية الأجنبية.
وثمة أرقام متضاربة حول حجم الخسائر التي تكبدتها طهران في عائدات النفط ومشتقاته بسبب العقوبات الأميركية، إذ تحدّث إسحاق جهانغيري، النائب الأول للرئيس الإيراني، في فبراير/شباط الجاري، عن 100 مليار دولار. لكن الرئيس الإيراني، حسن روحاني، قال، في سبتمبر/أيلول 2020، إن إجمالي الخسائر الناجمة عن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة منذ عام 2018 بلغ 150 مليار دولار.
بينما أعلنت الولايات المتحدة، على لسان وزير خارجيتها، مايك بومبيو، خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أن العقوبات خفضت عائدات إيران النفطية بمقدار 70 مليار دولار، منذ مايو/أيار 2018.
وللتدليل على حجم التأثير الكبير للعقوبات الأميركية على الصادرات النفطية الإيرانية يمكن الإشارة إلى تصريحات لرئيس منظمة التخطيط ورسم الموازنات، محمد باقر نوبخت، أمام البرلمانيين الإيرانيين، خلال يونيو/حزيران 2020، حيث قال إن هذه الصادرات تراجعت من 119 مليار دولار عام 2011 إلى 8.9 مليارات دولار عام 2020.