- التطورات الأخيرة تفتح آفاقًا اقتصادية جديدة، مع ارتفاع ملحوظ في حجم الصادرات التركية إلى سورية، مما يعكس التفاؤل بشأن التأثير الإيجابي للتغيرات الأخيرة على التعاون الاقتصادي.
- الخطة الأولية تهدف إلى رفع الصادرات التركية لأكثر من مليار دولار، مع نمو ملحوظ في قطاع المواد الغذائية، مما يوفر فرصًا استثمارية جديدة لرجال الأعمال الأتراك.
مع عودة الاستقرار تدريجياً إلى سورية، عقب انهيار نظام حزب البعث الذي حكم البلاد لعقود، تتجه الأنظار إلى العلاقات الاقتصادية بين تركيا وسورية وسط توقعات بطفرة تجارية تسهم في تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين. وتبرز منطقة جنوب شرق الأناضول بثقلها الصناعي والتجاري، واجهةً أساسيةً لتعزيز الصادرات التركية ودعم جهود إعادة إعمار سورية. والروابط التاريخية بين البلدين، إلى جانب الطلب الكبير على المنتجات التركية في الأسواق السورية، تضع أنقرة في موقع محوري لدعم جهود إعادة الإعمار وتوسيع نشاطها التجاري. ويبرز قطاع الصادرات حجراً أساساً لهذا التعاون الجديد، مع توقعات بزيادة كبيرة في حجم التبادل التجاري بين تركيا وسورية، وتحقيق عوائد اقتصادية تنعكس إيجاباً على الطرفين.
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، سيطرت المعارضة السورية على العاصمة دمشق، وقبلها على مدن أخرى، مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاماً من حكم نظام حزب البعث و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
فرص غير مسبوقة للعلاقات الاقتصادية بين تركيا وسورية
وبالتزامن مع التطورات المهمة في سورية، يرى اتحاد المصدرين في منطقة جنوب شرق الأناضول أن المرحلة المقبلة ستكون "غنية بفرص اقتصادية غير مسبوقة"، تدعم التنمية الإقليمية وتفتح آفاقاً جديدة أمام المصدرين والمستثمرين في تركيا وسورية. وتشير بيانات الاتحاد إلى أن حجم الصادرات من المنطقة إلى سورية قبل الثورة في عام 2010 كان نحو 224.3 مليون دولار، بينما ارتفع إلى 594.5 مليون دولار خلال الأشهر الـ11 الأولى من عام 2024. ويُبدي المصدرون تفاؤلهم بشأن التأثير الإيجابي للتغيرات الأخيرة في سورية بالصادرات الإقليمية.
آفاق إيجابية كبيرة
وقال رئيس الاتحاد أحمد فكرَت كيلجي، إن التطورات الأخيرة في سورية تفتح آفاقاً إيجابية كبيرة أمام الشعبين التركي والسوري. وأوضح، في حديثه لوكالة الأناضول، أن انتهاء الحرب التي شنها المخلوع بشار الأسد على الشعب السوري تمثل "خطوة حاسمة في الاتجاه الصحيح نحو تعزيز الأمن، وتفتح المجال لفرص اقتصادية جديدة". وأضاف أن "السيطرة على المناطق المضطربة شمالي سورية لا تسهم فقط في تحسين الوضع الأمني، بل توفر أيضاً إمكانات كبيرة للتعاون والإنماء الاقتصادي". وأشار كيلجي إلى الروابط التاريخية والاجتماعية القوية بين تركيا وسورية، مؤكداً أن مدينة حلب السورية ومدينة غازي عنتاب التركية "تشكلان نموذجاً للعلاقات التجارية والصناعية المتجذرة التي استمرت لعقود طويلة". وأكد أن "تركيا مستعدة لتكون شريكاً اقتصادياً رئيسياً في إعادة إعمار سورية"، مشدداً على أن "التنوع الصناعي في منطقة جنوب شرق الأناضول يمكن أن يلبي احتياجات سورية في مختلف القطاعات".
عتبة المليار دولار لتعزيز التبادل التجاري
وأوضح كيلجي أن الخطة الأولية لتعزيز العلاقات التجارية بين البلدين تتمثل بـ"رفع حجم الصادرات التركية إلى سورية إلى أكثر من مليار دولار"، مع توقعات باستمرار ارتفاع الرقم مع تطور العلاقات الاقتصادية. وقال: "عودة السوريين إلى وطنهم والمشاركة في جهود إعادة البناء يمكن أن يعزز التعاون الثنائي ويزيد من النشاط التجاري الإقليمي". وتابع: "الاستثمارات والإنتاج الذي سيقوم به رجال الأعمال السوريون في بلادهم من شأنه أن يسهم في زيادة الصادرات التركية". وأكد اتحاد مصدري جنوب شرق الأناضول أنه "حتى خلال سنوات الحرب، استمرت الأنشطة الاقتصادية والتجارية في المناطق المحررة، ومع تحقيق السلام ستصبح هذه الشراكة أقوى وأكثر استدامة". وأردف: "من الضروري أن تتخذ تركيا خطوات مدروسة وتتابع التطورات من كثب، حيث إن الصبر والنهج الاستراتيجي يمكن أن يحققا مكاسب طويلة الأمد".
قطاع المواد الغذائية
من جانبه، قال رئيس اتحاد مصدري الحبوب والبقوليات والبذور الزيتية في تركيا، جلال قادو أوغلو، إن قيمة صادراتهم خلال العام الجاري بلغت 3.1 مليارات دولار، منها 250 مليون دولار عائدات صادرات إلى السوق السورية. وأضاف للأناضول: "نتوقع أن تصل صادراتنا إلى سورية في هذا القطاع إلى نحو 600 مليون دولار في المستقبل القريب".
وأوضح أن "المنتجات التركية تحظى بتقدير كبير في سورية بفضل جودتها وسهولة وصولها". وأشار قادو أوغلو إلى أن التطورات في سورية ستفتح المجال أمام قطاعات أخرى. وقال: "سورية الجديدة ستشهد استثمارات صناعية وإنتاجية كبيرة. ورجال الأعمال في مدن هطاي وغازي عنتاب وشانلي أورفة لديهم الإمكانات والخبرات اللازمة لتلبية تلك الاحتياجات". وختم قادو أوغلو قائلاً: "إلى جانب زيادة الصادرات، ستتاح فرص استثمارية جديدة لرجال الأعمال الأتراك في سورية، فتركيا تمتلك الخبرات والقدرات لتحقيق نجاحات تجعلها مؤهلة للعب دور محوري في إعادة بناء سورية".
(الأناضول)