- البنك المركزي في عدن يفرض إجراءات حمائية ويطالب البنوك بنقل عملياتها إليه، فيما ينتقد خبراء هذه الخطوات باعتبارها غير قانونية وتسهم في تدهور الوضع الاقتصادي.
- الانقسام الاقتصادي والمصرفي في اليمن يعمق الأزمة الإنسانية ويؤثر على وحدة البلاد، مع دعوات من خبراء لتوحيد الجهود لإصلاح القطاع المصرفي ومواجهة التحديات الاقتصادية والإنسانية.
تستمر البنوك اليمنية في صنعاء ومناطق نفوذ الحوثيين بتنفيذ التعميم الصادر نهاية مارس/ آذار الماضي والذي يلزمها بصرف قيمة الحوالات المرسلة إلى مستحقين في مناطق نفوذ الجماعة بالريال السعودي أو اليمني بدلاً من الدولار.
ويعيش اليمن منذ نحو شهرين على وقع صراع مصرفي ومالي واسع بعد فترة هدوء انتظر فيها الجميع في البلاد حل مشكلة الانقسام الحاصل بين المؤسسات النقدية والذي أدى إلى انهيار العملة المحلية وتجزئتها مع بروز نظامين مختلفين للتداول في سوق الصرف بين مناطق الحكومة المعترف بها دولياً والحوثيين.
وأكد متعاملون مصرفيون أن تبعات العقوبات الأميركية كان لها تأثير على اتخاذ مثل هذه الإجراءات التي يعتبرها مصرفيون في صنعاء احترازية للمحافظة على الدولار في ظل أزمة سيولة خانقة مع انخفاض الحوالات منذ تصنيف "الحوثيين" جماعةً إرهابيةً من وزارة الخارجية الأميركية.
المحلل المصرفي محمود السهمي، أكد لـ"العربي الجديد"، أن صنعاء تنفذ مجموعة من الإجراءات تفادياً كما يعتقد للعقوبات الأميركية التي لم تتوقف عند حدود تصنيف وزارة الخارجية الأميركية وتبعاته وسلسلة العقوبات التي تشمل شركات وشخصيات محسوبة على الجماعة، بل أيضاً لمواجهة القرارات الصادرة عن البنك المركزي في عدن الذي جدد دعوته للبنوك مؤخراً المسارعة في تنفيذ قراره بنقل مقراتها من صنعاء إلى عدن.
وأشار البنك المركزي اليمني في عدن قبل أيام قليلة إلى سلسلة الإجراءات التعسفية والتدميرية التي اتهم الحوثيين بممارستها ضد القطاع المصرفي، ما اضطره إلى اتخاذ حزمة من السياسات والتدابير الحمائية للنظام المصرفي، والحفاظ على الاستقرار النقدي، كان آخرها إلزام البنوك التجارية والإسلامية بنقل مراكز عملياتها إلى العاصمة المؤقتة عدن.
واعتبر البنك المركزي أن الإجراءات التي اتخذتها صنعاء تندرج ضمن الممارسات التدميرية للاقتصاد الوطني، وزعزعة الاستقرار النقدي والمالي، وإضعاف الثقة بالعملة الوطنية، ومن ثم ارتفاع تكاليف السلع والخدمات، وتكبد الأفراد والقطاع التجاري خسائر فادحة من قيمة دخولهم ومدخراتهم، إضافة إلى الإضرار بالأنشطة الإنتاجية والتجارية والاستثمارية في البلاد.
الباحث الاقتصادي رشيد الحداد، يقول لـ"العربي الجديد"، إن "بنك عدن" يتحدث عن إجراء غير قانوني وغير شرعي هو في الأساس من قام به ولا يزال يقوم به وهو الطباعة المتواصلة للعملة الورقية وما نتج عن ذلك من تضخم، وتدمير وانهيار للعملة المحلية واختلال سوق الصرف مع تجاوز سعر الصرف حاجز 1700 ريال مقابل الدولار، في حين أن هناك استقراراً لسعر الصرف في صنعاء والذي لم يتجاوز حاجز 550 ريالاً للدولار الواحد منذ نحو ثلاث سنوات.
بحسب الحداد، فإن البنك المركزي في صنعاء يقوم بواجبه في ضبط السياسة النقدية وحل أي مشكلة يواجهها بالطرق المتاحة أمامه كما يلاحَظ في القرارات الأخيرة التي شملت توحيد سعر صرف الطبعتين من الدولار القديمة والحديثة، إضافة إلى قيامه بفرض رقابة مشددة على السوق المصرفي على مدى الساعة بهدف حماية العملة من التلاعب.
في المقابل، أوضح البنك المركزي في عدن أنه ترتب على تلك الممارسات التي ينفذها الحوثيون، الاستيلاء بطريقة احتيالية على مبالغ بالمليارات على حساب الأشخاص المستفيدين من الحوالات الواردة من الخارج بالعملة الأجنبية سواء تلك المتمثلة بمبالغ المساعدات الإنسانية، أو حوالات المغتربين، عبر إجبار أسرهم على تسلّم حوالاتهم بالريال اليمني بسعر صرف منخفض، وغير عادل.
يرى خبراء اقتصاد أن الوقت قد حان لإيقاف مهزلة الانقسام التي توسعت بصورة خطيرة تطاول سيادة اليمن ووحدته، إضافة إلى أن تعقيدات هذا الانقسام المالي والمصرفي والنقدي وتسببه في تجزئة العملة وفرض نظامين مختلفين للتداول النقدي، أثرت كثيراً على حل ملفات أخرى مثل مشكلة الطرقات المغلقة ورواتب الموظفين المدنيين مع تفاقم الأزمة الإنسانية وتدهور معيشة اليمنيين جراء هذا الانقسام الذي يفرض استمرار زيادة في كُلفة حله ومواجهة أهم مشكلات اليمن الاقتصادية والإنسانية.
بدوره، قال الباحث الاقتصادي والمالي وحيد الفودعي، لـ"العربي الجديد"، إن الحوثيين ساهموا بشكل كبير في تدمير القطاع المصرفي والعبث به الأمر الذي كان يفرض على الحكومة المعترف بها دولياً مواجهة هذا العبث بتطوير أداء القطاع المصرفي وتحديثه وضبط السوق النقدية حيث سجل سعر الصرف رقماً قياسياً جديداً بتجاوزه حاجز 1700 ريال مقابل الدولار.
وأدى الصراع في اليمن إلى تدهور الاقتصاد الوطني بشكل متزايد وتحوله إلى اقتصاد مزدوج بحكم الأمر الواقع، حيث تعمل المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً والحوثيين بصفتهما اقتصادين منفصلين. يتجلى هذا الانقسام بوضوح في انقسام سعر الصرف في مناطق الحكومة والحوثيين، كما سبّب هذا الانقسام انهيار قيمة العملة المحلية والتسبّب بشكل كبير في الأزمة الإنسانية المتفاقمة في اليمن.