أجبرت منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي إسرائيل على إلغاء قانون يعفي المهاجرين الجدد لفلسطين المحتلة والعائدين إلى إسرائيل من الإفصاح عن الأصول المملوكة لهم في الخارج.
وكان هذا القانون يجذب الأثرياء وغاسلي الأموال للهجرة إلى فلسطين المحتلة طوال السنوات الماضية.
وحذرت المنظمة حكومة تل أبيب من أنها ستدرج إسرائيل على القائمة السوداء كدولة لا تلتزم بقواعد الشفافية الدولية وستتعرض لعقوبات اقتصادية إذا لم تتوقف عن العمل كدولة تساعد في إخفاء الأصول الموجودة في بلدان أخرى، وذلك وفقاً لتقرير بصحيفة "غلوبس" العبرية، اليوم الثلاثاء.
ووفق التقرير، فإنه بسبب التحذير ألغت هيئة الضرائب الإسرائيلية قانون إعفاء المهاجرين الجدد والمقيمين العائدين من الإبلاغ عن الأصول الأجنبية والضرائب على الدخل.
ألغت هيئة الضرائب الإسرائيلية قانون إعفاء المهاجرين الجدد والمقيمين العائدين من الإبلاغ عن الأصول الأجنبية والضرائب على الدخل
ويرى خبراء في تل أبيب أن إلغاء هذا القانون سيثني اليهود في الخارج عن الهجرة إلى إسرائيل، بسبب مخاوف تعرضهم لمساءلات ضريبية في إسرائيل وكشف أصولهم المالية في الخارج.
وحسب "غلوبس"، أصدرت وزارة المالية الإسرائيلية، الأسبوع الماضي، تعديلاً قضى بإلغاء إعفاء المهاجرين الجدد والعائدين إلى إسرائيل من الإبلاغ عن الأصول في الخارج.
ويقول التقرير إنه منذ طرح القانون لأول مرة في العام 2008، برره السياسيون الإسرائيليون بأنه جلب موجة من "الأموال اليهودية" إلى البلاد، وأثبت فعاليته في تنمية الثروات في إسرائيل.
وفي عامي 2009 و2010، توافد العديد من المليارديرات إلى إسرائيل، بما في ذلك الراحل سامي عوفر وابنه إيال، وقطب العقارات سول زكاي، وقطب التقنية أرنون كاتز، وتيدي ساغي وآخرون.
وأصبح القانون الذي يعفي المهاجرين الجدد من الإبلاغ عن الدخل والأصول في الخارج لمدة 10 سنوات، معروفًا باسم "قانون ميلشان"، على اسم رجل الأعمال أرنون ميلشان، الذي كان أحد كبار المستفيدين الرئيسيين منه، عندما تم تمديد الإعفاء من الإبلاغ عن الأصول في العام 2018.
ويشير التقرير بالصحيفة العبرية إلى أن هناك تعديلان منشوران حاليًا بالتشريعات الضريبية يهدفان إلى جعل إسرائيل دولة ملتزمة بالسياسة الدولية لمنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي. التعديل الأول يتطلب الإبلاغ وتوفير المعلومات في ما يتعلق بأصحاب الحقوق في الشركات والائتمانات، والثاني يتطلب الإبلاغ وكشف المعلومات عن جميع الأصول والدخل في جميع أنحاء العالم.
ويوضح خبراء الضرائب في إسرائيل أنه قد تكون هناك عواقب اقتصادية وغيرها من العواقب التي يمكن أن تعقد حياة المهاجرين الجدد إلى دولة الاحتلال.
خبراء الضرائب في إسرائيل: قد تكون هناك عواقب اقتصادية وغيرها من العواقب التي يمكن أن تعقد حياة المهاجرين الجدد إلى دولة الاحتلال
في هذا الصدد، يقول المحاسب القانوني، رئيس قسم الضرائب في شركة المحاماة Gornitzky GNY دانييل بازرمان، لـ"غلوبس": "إذا كان دافعو الضرائب ملتزمين بالقانون، فإن التعديل يعني أقل بالنسبة لهم وليس لديهم ما يخفونه، بالإضافة إلى ذلك، فإن التزامات الإبلاغ التي تطلبها المؤسسات المالية في الآونة الأخيرة باتت صارمة للغاية، واليوم لا يمكن فتح حساب مصرفي أو إجراء تحويلات مالية دون تقديم تفاصيل حول المالكين المسيطرين والمستفيدين ومصدر الأموال، وما إلى ذلك من التفاصيل".
"وبالتالي، فإن المعلومات المتعلقة بسكان إسرائيل والمقيمين العائدين منذ فترة طويلة هي في أيدي البنوك في إسرائيل وهم في الواقع معرضون لسلطات التنفيذ"، وفق المحاسب القانوني.
ويضيف بازرمان أن العواقب الكبرى ليست في سياق غسل الأموال، بل مع مصلحة الضرائب الإسرائيلية.
ويشرح ذلك قائلاً "على سبيل المثال، شخص أميركي أو إنكليزي يهاجر إلى إسرائيل وعمره 55 عاماً، ولديه أموال وأصول في الخارج. إذا طلب منه الإبلاغ، فإن مصلحة الضرائب الإسرائيلية ستطلب منه تاريخ جميع الأصول والأموال، من أجل تتبع المصادر والدخل، حتى يتم التأكد من عدم وجود ضرائب عليه في إسرائيل. وهذا يمكن أن يكون إجراءً شاقاً ومرهقاً".
ويتابع بازرمان: "منذ البداية كانت هناك رغبة في تجنب هذا السلوك، والسماح بفتح صفحة جديدة للمهاجرين الجدد. والآن التعديل سيسمح لمصلحة الضرائب بفحص كل هذه المعلومات، وهذا سيخلق احتكاكًا ويمكن أن يثني الناس عن الهجرة إلى إسرائيل".
ويضيف أيضاً أنه "إذا تصرف الأفراد بشكل غير قانوني في بلدان أخرى، فإن الإبلاغ وتبادل المعلومات بين إسرائيل والسلطات الأجنبية يمكن أن يفضحهم".
من جهته، يقول خبير الضرائب الدولية في مكتب المحاماة بنياميني وشركاه تال تيري إن توقيت إلغاء الإعفاء يمثل مشكلة للمهاجرين إلى إسرائيل.
وأضاف تيري: "أكثر من مرة جاء العملاء إلى مكاتبنا قائلين إن أحد أسباب رغبتهم في العيش في إسرائيل هو الإعفاء من الضرائب والإعفاء من الإبلاغ عن الدخل، ومن الممكن الآن أن يعيدوا النظر في الهجرة إذا ألغي ذلك".
خبير الضرائب الدولية في مكتب المحاماة بنياميني وشركاه تال تيري: توقيت إلغاء الإعفاء يمثل مشكلة للمهاجرين إلى إسرائيل
ويشير تيري إلى أن مصدر القلق الرئيسي هو أن مصلحة الضرائب الإسرائيلية ستستخدم التقارير لزيادة الطلبات الضريبية من المهاجرين الجدد والمقيمين العائدين إلى البلاد.
وقال: "يبدو أنه تحت ستار إلغاء الإعفاء من الإبلاغ، يمكن لمصلحة الضرائب استخدام المعلومات التي تصلها وتقديم مطالبات ضريبية لم تقم بها من قبل".
ويشرح تيري، على سبيل المثال، أنه يمكن لسلطة الضرائب أن تدعي أن دافع ضرائب معين لا ينطبق عليه تعريف "المقيم العائد لفترة طويلة"، وأنه مسؤول عن ضريبة على كل دخله في إسرائيل، أو أن دخلا معينا تم إنتاجه في إسرائيل، وبالتالي فهو خاضع للضريبة في إسرائيل.
في هذا الصدد، يرى الشريك الرئيسي في قسم الضرائب في مكتب المحاماة أرنون تدمر ليفي، والمسؤول الكبير سابقًا في سلطة الضرائب الإسرائيلية أوفير ليفي، أن سياسة الإبلاغ عن الدخل بالنسبة للمهاجرين الجدد لا تتحمس بشكل خاص لإلغاء الإعفاء.
ويقول: "أشعر بقلق بالغ بشأن شيء آخر، وهو أن المهاجر الجديد الذي سيبلغ الآن مصلحة الضرائب عن مبالغ كبيرة من الدخل المعفى من الخارج، من المرجح أن يتم استدعاؤه إلى جلسة استماع ضريبية حيث قد يبذل المفتشون جهودًا كبيرة للطعن في موقفه المالي، ويفرضون عليه أكبر قدر ممكن من الضرائب".
ويضيف: "في الوضع المالي الحالي، قد تذهب جهود سلطة الضرائب في اتجاهات متطرفة، لدرجة أن هناك مخاوف من أن يفكر المهاجرون الجدد في مغادرة إسرائيل نتيجة لذلك".