أي أميركا يأتي بها ترامب ونائبه لو فازا؟

24 يوليو 2024
ترامب خلال إلقاء كلمته، 18 يوليو 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **نجاة ترامب وانسحاب بايدن**: نجا ترامب من محاولة اغتيال، بينما انسحب بايدن من السباق الانتخابي، مما جعل هزيمة كامالا هاريس أسهل لترامب. شجاعة ترامب عززت شعبيته.

- **سياسات ترامب الاقتصادية واختيار فانس**: ترامب يوازن بين القوميين الاقتصاديين ووول ستريت، واختار جيه دي فانس نائباً له، الذي يدعو لسياسات مؤيدة للعمال مثل رفع الحد الأدنى للأجور.

- **تأثير فانس ومستقبل ترامب**: فانس دعم تشريعات تنظيمية، لكن هناك شكوك حول تأثيره كنائب للرئيس. ترامب قد يجعل فانس وريثاً شرعياً، والمحكمة العليا قلصت التدقيق القانوني للرئاسة.

نجا الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الموت بأعجوبة رغم أن دماغه كان على بعد ثلاثة أرباع البوصة من المكان الذي أصابته رصاصة توماس ماثيو كروكس، وانسحب جو بايدن من سباق الانتخابات، تاركا كامالا هاريس منزوعة الكاريزما، والتي أخفقت في لعب أي دور يزيد من شعبيتها خلال أكثر من أربعين شهراً قضتها بالقرب من المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، فقال ترامب إن هزيمتها ستكون أسهل من هزيمة بايدن، الذي اعتبر أنه هزمه بالفعل بدفعه خارج السباق.

وفي الوقت الذي ما زال أنصار الحزب الديمقراطي يتمسكون بحجة أنه يهدد الأعراف الديمقراطية، سمحت شجاعة ترامب في لحظة إطلاق النار لأنصاره بتصويره مدافعاً عن القيم الأميركية أكثر من كونه تهديدًا لها، قبل أن تعزز دعواته للوحدة ادعاءه بأنه زعيم قوي في عالم خطير.

ويقول المحللون إن ترامب، باستثناء تفضيله للتعريفات الجمركية وتخفيضات الضرائب، ليس لديه أي أيديولوجية اقتصادية حقيقية. وفي إدارته الأولى، نجح في الموازنة بين القوميين الاقتصاديين، مثل ستيف بانون، وبيتر نافارو، وروبرت لايتهايزر، مع الكثير من الشخصيات في وول ستريت، بما في ذلك ستيفن منوشين، وغاري كوهن، ولاري كودلو.

وإذا أعيد انتخاب ترامب، فمن المرجح أن يفعل الشيء نفسه مرة أخرى. وفي مقابلة نشرت الأسبوع الماضي، قال لبلومبيرغ إنه يتطلع إلى تعيين جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك جيه بي مورغان تشيس، في منصب وزير الخزانة.

واختار ترامب جيه دي فانس نائباً ليكون معه على نفس تذكرة الترشح، وهو ما أثار حفيظة أغلب المتخوفين من سياسات ترامب، كون عضو مجلس الشيوخ الأميركي، البالغ من العمر 39 عاماً، مناهضاً واضحاً للعولمة، ومناهضاً للشركات الكبرى، ومناهضاً للهجرة، ومؤيداً للعمال، ومتحمساً للغاية لشعار "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى"، الذي يطلق عليه اختصاراً ماغا MAGA، كما أنه لا يتمتع بخبرة كبيرة.

وبعد أن نجح ترامب في جمع مؤيدي الحزب الجمهوري حول شخصيته، بمن فيهم من مؤيدي حرية التجارة والمحبذين لفرض التعريفات، أو الأمميون والانعزاليون، أو رؤساء الشركات الكبرى ومن يعتقدون أن هؤلاء جشعون وغير وطنيين، وتمكن من فعل كل ما هو مطلوب لإرضاء كل هؤلاء، وإقناعهم بأنه جاء للوقوف بجانبهم، وتحويل السياسة الأميركية إلى ما يطلبونه، جاء اختيار فانس ليضيف واحدا من الشخصيات الأكثر إثارة للقلق، خاصة في ما يتعلق باقتصاد أميركا وحلفائها.

وفي ما يخص الاقتصاد الأميركي، تقول مجلة "ذا إيكونوميست" إن آراء فانس تمزج بين ثقافة الميم على الإنترنت، التي تستخدم للتعبير عن آراء سياسية أو اجتماعية ويكون لها تأثير سلبي، مثل انتشار المعلومات المضللة أو التأثير على الصحة النفسية بسبب الإدمان على تصفحها، والحديث عن رأس المال الاستثماري، بالإضافة إلى بعض السياسات اليسارية كتلك التي يتحمس لها بيرني ساندرز. فهو يريد من الدولة أن تحمي العمال من المنافسة، وأن ترفع الحد الأدنى للأجور إلى 20 دولارًا في الساعة.

ومثل لينا خان، رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية التي أثارت حفيظة رؤساء شركات التكنولوجيا، فهو يعتقد أنه يجب تفكيك شركات التكنولوجيا الكبرى، حيث ينتمي إلى حركة يمينية تنظر إلى الشركات الكبرى على أنها غير أميركية لأنها توسع سلاسل التوريد الخاصة بها في جميع أنحاء العالم. ومن ناحية ثالثة، فهو يرى أن تقييد الهجرة وفرض التعريفات الجمركية هما وسيلتان لزيادة الإنتاجية في الداخل، ورفع الأجور، وتعزيز الصناعة الأميركية.

ولكن حتى في حالة فوزهما، لا يمكن أن نتوقع أن تتحول أفكار فانس إلى سياسات حكومية تميز فترة ترامب الأخيرة كرئيس. ويقول مؤيدو ترامب إنه "يحب التلاعب بالآراء المتعارضة في الغرفة"، والطريقة التي تعامل بها مع نائبه السابق مايك بنس لا تشير إلى أنه سيسمح للسيد فانس بإدارة البيت الأبيض. ومع ذلك، يعد ترامب كبيرا في السن، وسيكون أكبر سنًا من بايدن الآن عندما يترك منصبه في نهاية 2028. والأهم من ذلك أن فانس سيصبح على الأرجح وريثاً شرعياً بعد انتهاء رئاسة ترامب، أو حتى خسارته في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني.

وخلال الفترة القصيرة التي قضاها في مجلس الشيوخ، أعرب فانس عن دعمه للتشريعات الحزبية المصممة لتعزيز تنظيم السكك الحديدية التجارية، وإلغاء الإعفاءات الضريبية لعمليات اندماج الشركات، وكسر قبضة فيزا وماستركارد الخانقة على مدفوعات بطاقات الائتمان وخفض الرسوم. وبطبيعة الحال، تقول مجلة "ذا نيويوركر"، إن كونه عضواً ناشئاً في مجلس الشيوخ، ويربط اسمه بالتشريعات التي لا توجد فرصة لإقرارها - لم يتم إقرار أي منها - يختلف تماما عن كونه نائباً للرئيس لترامب.

وأشارت المجلة أيضاً إلى أن هناك شكوكا جدية حول التزام فانس الفعلي تجاه العمال، إذ تم تمويل حملته لمجلس الشيوخ إلى حد كبير من قبل مجموعة من المليارديرات ذوي الميول اليمينية، كما أن سجل تصويته على القضايا التي تهم الحركة العمالية أكسبه درجة تصنيف صفر من A.F.L.-C.I.O، وهو أكبر اتحاد للنقابات العمالية في الولايات المتحدة، ويمثل ملايين العمال في مختلف الصناعات، ويدافع عن حقوقهم، ويناضل من أجل حصولهم على أجور ومزايا عادلة.

والأسبوع الماضي، قالت صحيفة بوليتيكو إنه ربما لم يعد يدعو إلى مشروع قانون بطاقات الائتمان الذي من شأنه أن يعطل الاحتكار الثنائي لفيزا وماستركارد. غادر ترامب مؤتمر الحزب في ميلووكي أقوى مما توقع هو وخصومه قبل بضعة أشهر، ولم تعد القضايا القانونية تهدده، وأصبح حزبه خاضعًا له تماماً، وتَعِد استطلاعات الرأي باكتساح الحزب الجمهوري للكونغرس مع وصوله للبيت الأبيض.

وعلى نحو متصل، قلصت المحكمة العليا التدقيق القانوني للرئاسة، وقيدت حرية الوكالات الحكومية، ما يعقد مأمورية مقاومة سياسات ترامب وفانس ممن يؤمنون بأن التجارة الدولية تحفز الإنتاجية، وأن الهجرة مصدر للتجديد والحيوية وتنشيط الاقتصاد. فإلى أين يا ترى يأخذ ترامب ونائبه أميركا عند فوزهما في الانتخابات؟ 

المساهمون