أوميكرون يهدّد الاقتصاد البريطاني: توقع سيناريو الانكماش الحاد

02 ديسمبر 2021
قلق من تراجع الطلب قبيل الأعياد (Getty)
+ الخط -

حذر خبراء الاقتصاد في العاصمة البريطانية لندن، من أنّ اقتصاد المملكة المتحدة سيعاني من انتكاسة شديدة في معركته للعودة إلى قوة ما قبل الوباء إذا ثبت أنّ متحوّر أوميكرون قاتل.

وبحسب صمويل تومبس، كبير الاقتصاديين في المملكة المتحدة في معهد بانثيون للاقتصاد الكلي، إذا كانت السلالة المتغيرة بشدة من فيروس كورونا قادرة على تجاوز اللقاحات، وأعادت حكومة المملكة المتحدة فرض تدابير الإغلاق الشامل، فسينكمش الاقتصاد إلى حوالي 6% أقل من حجمه قبل الأزمة.

وأشار تومبس، في مذكرة بحثية، إلى الضربة الحادة التي قد يتعرض لها الاقتصاد البريطاني، في حالة ظهور سيناريو أوميكرون ذي اللون الأحمر.

يأتي ذلك نتيجة الخوف من الإصابة بسلالة أكثر فتكاً من الفيروس التي من شأنها أن تقلّص نسبة الإنفاق الاستهلاكي، حيث يظل البريطانيون متحصنين في منازلهم، مما يلحق الضرر بالاقتصاد البريطاني بشدة بسبب اعتماده على شركات الخدمات التي تشكّل حوالي 80% من إجمالي الناتج لتحقيق النمو.

في السياق، حذرت كاثرين مان، المسؤولة عن تحديد معدل الفائدة في بنك إنكلترا، من أنّ متحور أوميكرون يمكن أن يضرّ بالطلب في الاقتصاد، ويقلل الاستهلاك.

وكان المستثمرون قد حددوا احتمالاً يقارب 90% في أن يرفع البنك أسعار الفائدة الشهر المقبل. لكن تراجعت الفرص إلى 50%، وفقاً للتداول في أسواق العقود الآجلة لأسعار الفائدة.

من جهته، قال جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي، إنّ البنك المركزي الأميركي يمكن أن يفكك دعمه الاقتصادي الهائل، قبل بضعة أشهر مما كان متوقعاً في محاولة لمكافحة ارتفاع الأسعار.

تأتي هذه الأخبار مع توقع الرئيس التنفيذي لشركة لقاحات "موديرنا"، ستيفان بانسيل، في حديثه إلى صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أن يكون هناك انخفاض "جوهري" في فعالية اللقاحات، وقال إنّ الأمر سيستغرق عدة أشهر قبل أن تتمكن شركات الأدوية من إنتاج حقنة خاصة بأوميكرون على نطاق واسع.

وبالفعل، تراجعت أسواق الأسهم العالمية وأسعار النفط، الثلاثاء، بعد أن حذرت شركة "موديرنا" لصناعة اللقاحات من أنّ اللقاحات الحالية قد تكون أقل فعالية ضد المتحور الجديد لفيروس كوفيد -19 أوميكرون.

مشاكل للاقتصاد الدولي

وبحسب ما أوردت صحيفة "ذي إندبندنت"، مساء الثلاثاء، تناقض حديث بانسيل مع تصريحات أكثر إيجابية من شركتي مصنعي اللقاحات "فايزر" و"بيونتيك"، يوم الجمعة، واللتان قالتا إنّ بإمكانهما شحن لقاح جديد في غضون 100 يوم.

بدورها أصدرت شركة لقاح "أسترازينيكا" بياناً أكدت فيه أنّ اللقاحات الحالية "توفر مستويات عالية جداً من الحماية ضد الأمراض الشديدة، ولا يوجد دليل حتى الآن أنّ أوميكرون مختلف تماماً".

مع ذلك، لم يكن ذلك كافياً لتهدئة الأسواق التي ظلت متقلّبة. وقال ليث خلف، رئيس تحليل الاستثمار في "AJ Bell" ، وهي شركة لسمسرة الأسهم: "لقد تراجعت أسعار النفط، وانخفضت عائدات الذهب بشكل كبير، مما يعكس مخاوف من أنّ أوميكرون قد يسبب مشاكل للاقتصاد العالمي" .

ومع اكتشاف متحور أوميكرون في العديد من البلدان، سارعت بعض الحكومات إلى فرض قيود سفر صارمة، وعانت قطاعات السفر والسياحة من أسوأ اضطرابات بسبب أوميكرون منذ يوم الجمعة. وهو ما دفع رابطة تجارة السفر "UKinbound"، يوم الإثنين، إلى إصدار أرقام صارخة تشير إلى أنّ أعضاءها توقعوا أن ينخفض عدد الزوار الدوليين إلى المملكة المتحدة بنسبة 75%، في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول.

وعلى الرغم من أنّ العلماء قالوا إنّ الأمر قد يستغرق أسابيع لتحديد مدى خطورة متحوّر أوميكرون الذي تم تحديده لأول مرة في جنوب أفريقيا، وكانت الأعراض خفيفة حتى الآن.

قيود وإجراءات احترازية

أثار ظهور أوميكرون موجة من الردود بين الحكومات التي تشعر بالقلق من أنه قد يعيق التعافي الاقتصادي. وتم فرض قيود السفر كإجراء احترازي من قبل أماكن، بما في ذلك المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

ففي بريطانيا، قال رئيس الوزراء بوريس جونسون، أول أمس الثلاثاء، في مؤتمر صحافي في داونينغ ستريت، إنّ الحكومة لا تطلب من الناس إلغاء حفلات "الكريسماس" أو مسرحيات الميلاد وسط مخاوف حول متحور أوميكرون. 

وفي الوقت ذاته، عادت يوم الثلاثاء، الكمامات الإلزامية في المتاجر وفي وسائل النقل العام في بريطانيا إلى جانب قواعد العزل الذاتي، كجزء من مجموعة من الإجراءات للحد من انتشار المتحوّر الجديد.

وأوردت صحيفة "إيفنينغ ستاندرد"، مساء الثلاثاء، أنّه تم بالفعل إلغاء حفلات عيد الميلاد. كما حذر مايكل كيل، الرئيس التنفيذي لجمعية الصناعات الليلية، من أنّ عدم اليقين كان "محبطاً للغاية" بعد أن حثت الدكتورة جيني هاريز، رئيسة وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة، الناس على عدم الاختلاط بالآخرين إذا لم يكونوا بحاجة إلى ذلك.

وأضاف كيل أنّ حجوزات عيد الميلاد ومبيعات التذاكر المسبقة تأثّرت بالفعل بعد الإعلان عن المتحوّر أوميكرون.

تأثر قطاع الضيافة

إلى ذلك، حذر رؤساء قطاع الضيافة في بريطانيا، من أنّ توجيه الرسائل من مسؤولي الصحة إلى الناس تدعوهم للحد من التواصل الاجتماعي وسط أوميكرون، سيكون تأثيرها ضاراً على الشركات.

وفي هذا الشأن، قالت كيت نيكولز، الرئيسة التنفيذية لهيئة تجارة الضيافة في المملكة المتحدة، إنّ هذا "الحديث المخيف" قد يضر بالقطاع قبل أن تبدأ أكثر فتراته ازدحاماً. وقالت إنّه قد تمّ إلغاء الحجوزات وتغيير الخطط من قبل بعض العملاء. كما شهدت المطاعم إلغاء حجوزات بشكل هائل.

وبعد أن بدأ قطاع الفنادق، الذي تعرّض لضربة فادحة في ذروة الوباء، يشهد تعافياً طفيفاً، وإن كان التداول خاسراً بسبب زيادات التكلفة ومشكلات الإمداد ونقص الموظفين.

وقال راسل كيت (68 عاماً) رئيس شركة استشارات الفنادق العالمية "HVS London"، في حديثه إلى صحيفة "ذا تايمز"، إنّ الفنادق في الوجهات الريفية والترفيهية كانت تستفيد بالفعل من الإجازات الداخلية في البلاد، آملاً ألا يتم فرض قيود على السفر إلى المملكة المتحدة، وبالتالي إفساد موسم عيد الميلاد لأصحاب الفنادق وضيوفهم.

أمّا بالنسبة لمعظم بائعي التجزئة، فإنّ ظهور متحوّر أوميكرون تزامن مع أسوأ وقت يمكن تخيّله مرة أخرى. فبعد الخسارة التي واجهها تجار التجزئة في عيد الميلاد الماضي، كانوا متفائلين بأنّ الناس سيكونون قادرين على الخروج بحريّة ومن دون قيود كوفيد 19 أو الخوف من متحوّر جديد هذا العام. مما يعني المزيد من الشراء والمزيد من الإنفاق على ملابس الحفلات والطعام. وبدلاً من ذلك، فإنهم يستعدون لانخفاض آخر في زيارات متاجرهم.

المساهمون