أول أفريقي رئيساً لمنظمة العمل الدولية: أولوية العدالة الاجتماعية

27 مارس 2022
سيتسلم هونغبو في أكتوبر مهامه على رأس المنظمة (فابريك كوفريني/ فرانس برس)
+ الخط -

"لقد كتبتم التاريخ". هكذا خاطب التوغولي جيلبرت هونغبو، ناخبيه الذين اختاروه لرئاسة منظمة العمل الدولية، يوم الجمعة، قبل أن يضيف: "إن خياركم يستجيب لتطلعات شباب أفريقيا، شباب أفريقي حولته حياته المتواضعة إلى باحث عن العدالة الاجتماعية".

وكان السؤال الذي ينتظر المراقبون جوابه خلال الانتخابات كالآتي: "هل تصبح أول سيدة رئيسة للمنظمة أم يؤول ذلك إلى أول أفريقي؟"، استطاع التوغولي جيلبرت هونغبو حيازة ثقة الناخبين من أجل قيادة المنظمة على مدى الخمسة أعوام المقبلة.

وسيتسلم هونغبو في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل مهامه من البريطاني غي رايدر، بعدما كان التنافس بين خمسة مرشحين: هونغبو، الوزير الأول السابق والرئيس الحالي للصندوق الدولي للتنمية الزراعية، وموريل بينيكو، الوزيرة السابقة للعمل في فرنسا، وكنت كيونغ وها، وزير خارجية كوريا الجنوبية السابق، والجنوب أفريقي متوازي مدوابا، نائب المنظمة الدولية للمشغلين، والأسترالي كريغ فاينز، المدير العام الحالي للمنظمة.

في الدور الأول من الانتخابات، تقدم هونغبو على الجميع، قبل أن يفوز في الدور الثاني. هنأته منافسته الفرنسية بينيكو، التي ترى أن انتخابه يأتي في وقت أضحت فيه رهانات العدالة الاجتماعية ومستقبل العمل والعلاقات متعددة الأطراف أكثر أهمية مقارنة بما كان عليه الوضع في السابق.

التصويت على الرئيس سريّ في مجلس إدارة المنظمة المكونة من 56 عضواً، 28 منهم يمثلون الدول، و14 يمثلون أصحاب العمل و14 العمال، غير أن مراقبين يرون أن الانطباع العام كان يسلّم بأنه حان الوقت كي يتبوأ المنظمة شخص ينحدر من القارة السمراء.

كانت منافسته الفرنسية مدعومة من بلدها والاتحاد الأوروبي، بينما استفاد هو من الاتحاد الأفريقي، علما أنه يعرف جيداً منظمة العمل الدولية، على اعتبار أنه شغل بين عامي 2013 و2017 منصب مدير مساعد مكلف العمليات على الأرض. حصل الرئيس الجديد البالغ من العمر 61 عاماً على شهادة في المحاسبة.

درس في لومي، ثم كندا، وعمل في العديد من المؤسسات في القطاعين الخاص والعام، وتحمّل مسؤوليات سياسية، ما يفسر، حسب مراقبين، انتخابه من قبل المنظمة ثلاثية التكوين، حيث تضم رجال الأعمال والعمال والدول.

في 2008 عُيِّن وزيراً أول في بلده، منصب قضى فيه ثلاثة أعوام، قبل أن يستقيل في 2012. استقالته فاجأت آنذاك حتى أعضاء حكومته، وهو ما فُسِّر باختلاف في وجهات النظر بينه وبين رئيس البلاد حول المقاربة التي يجب التعاطي بها مع الاحتجاجات التي عرفتها توغو.

وعندما سُئل بعد انتخابه عن العوامل التي أفضت إلى انتخابه، أجاب، كما تنقل ذلك يومية "لوتون" السويسرية: "عملت داخل حكومة، والنظام الأممي، والقطاع الخاص، أنا وسطي، وبالنظر للسياق الجيوسياسي الحالي، أعتقد أن أغلب الدول ارتأت اختيار شخص يمكنه أن يجمع كل الاختلافات، وأعتقد أنني أستجيب لهذا المعيار".

بحثه عن التوازن يتجلى عندما يقول: "إن شركة لا يمكن أن تحقق الرخاء إلا إذا كان هناك نوع من الانسجام الاجتماعي. العمل يحتاج لاحترام حقوق العمال، غير أن الاتحادات العمالية، يجب أن تتذكر أن خلق فرص العمل يأتي من القطاع الخاص، ولا حاجة للمواجهة بين الرأسمال والعمل".

رغم مساره المهني الغني، يستحضر جذوره، فهو ينحدر من أرياف توغو، حيث كان يعمل بدولار واحد في اليوم، من دون حماية اجتماعية.

هذا ما يدفعه إلى تأكيد ضرورة إضفاء الطابع القانوني على العمل. فهو يجعل من تعميم الحماية الاجتماعية إحدى أولوياته بالموازاة مع تحديث المنظمة. غير أن جيلبرت هونغبو، الذي يشغل منصب رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية قبل الترشح لتولي أمر المنظمة الدولية للعمل، لا يغفل بعض القضايا الأخرى ذات الصلة بالحماية، حيث يؤكد ضرورة إيلاء اهتمام كبير لسلاسل التوريد، التي تخلق الثروة وتوفر فرص العمل، غير أنه يلاحظ أن حقوق العمل غير محترمة في هذا القطاع.

يؤكد أنه سيحرض على تكريس العدالة الاجتماعية خلال ولايته، لكن سيكون عليه أكثر التعاطي مع التداعيات الناجمة عن الجائحة التي أثرت بسوق العمل، بالموازاة مع استحضار تأثير تكنولوجيا العمل عن بعد، ما سيستدعي العمل على الجانب التشريعي أكثر.

المساهمون