أوروبا والعالم ...موعد مع القلق

03 يوليو 2024
نتائج الانتخابات الفرنسية ستترك بصماتها على اقتصاد أوروبا/ باريس 30 يونيو 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- العالم يشهد تحديات متزايدة تؤثر سلبًا على الأسواق المالية والبورصات، بما في ذلك المخاطر الجيوسياسية، التغيرات المناخية، ونتائج الانتخابات المفاجئة في أوروبا، مما يزيد الضغط على المستثمرين وبنوك الاستثمار.
- أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا تحقق مكاسب كبيرة، مما يثير قلق القادة الأوروبيين ويتوقع أن يؤثر سلبًا على أسواق المال والاقتصادات وعملة اليورو بسبب الخطاب السياسي العنيف والمواقف الاقتصادية المتشددة.
- سوق العملات الرقمية يشهد تقلبات حادة، مع توقعات متضاربة حول مستقبل بيتكوين، والأسواق المالية العالمية تواجه غموضًا بشأن توقعات أسعار الفائدة والسياسة النقدية، مما يضيف إلى الحيرة والقلق في الأسواق.

العالم بات على كف عفريت كما يقولون، وأصبح القلق المتنامي وربما الذعر هو سيد الموقف عالميا، بسبب التطورات الجارية سواء على مستوى المخاطر الجيوسياسية والمناخ المتطرف ونتائج الانتخابات الصادمة في قارة أوروبا والعديد من دول العالم، وهو ما يضغط على أسواق المال والبورصات والحبوب وأعصاب المستثمرين وبنوك الاستثمار الدولية.

بل إن الحكومات والبنوك المركزية العالمية باتت في ربكة بسبب المخاوف المتصاعدة من عودة التضخم للأسواق ودونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وامتدت تلك الربكة إلى سوق العملات الرقمية الذي يشهد تقلبات سعرية ومزاجية حادة وحالة تأرجح ملحوظ ألحق خسائر فادحة بالمستثمرين.

في أوروبا حققت أحزاب اليمين المتطرف تقدما ملحوظا ومكاسب كبيرة خاصة في فرنسا والنمسا وألمانيا وإيطاليا وغيرها في انتخابات البرلمان الأوروبي الأخيرة. ووجهت أحزاب اليمين المتطرف صفعة قوية لقادة أوروبيين بارزين منهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز بعد أن أحدثت النتائج زلزالا مدويا في باريس وبرلين العاصمتين الأكثر تأثيرا داخل الاتحاد الأوروبي نظرا لحجم اقتصادهما والثقل السياسي.

وحقق حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف في فرنسا مكاسب تاريخية في الجولة الأولى من الانتخابات المبكرة يوم الأحد الماضي. وشهدت فرنسا زلزالا سياسيا بعد اقتراب اليمين المتطرف من الحكم، وهو ما دفع ماكرون إلى دعوة الناخبين في بلاده إلى تحالف كبير في مواجهة التطرف. كما دعا رئيس الوزراء غابرييل أتال إلى منع أقصى اليمين من الهيمنة على البرلمان بعد تصدره الجولة الأولى للانتخابات التشريعية وبات قريبا من تشكيل الحكومة لأول مرة في تاريخ البلاد.

ومن المتوقع أن تترك تلك النتائج بصماتها على أسواق المال والاقتصادات وعملة أوروبا الموحدة -اليورو- خاصة مع الخطاب العنيف الذي يتبناه اليمين المتطرف سياسيا، وكذا موقفه في القضايا الاقتصادية مثل التجارة والعمال وميزانية الاتحاد الأوروبي وغيرها. والتسبب كذلك في حدوث تصدعات اقتصادية داخل منطقة اليورو نظرا لموقفه من عملة اليورو.

أنتخابات أوروبا تهز الأسواق

وفي سوق العملات الرقمية تعرضت بيتكوين، العملة الأشهر، لهزة عنيفة، خلال الفترة الماضية حيث تهاوت من 75.830 ألف دولار، وهو أعلى سعر بلغته على الإطلاق يوم 14 مارس الماضي، إلى أقل من 60 ألف دولار، قبل أن تصعد إلى 63 ألف دولار في تعاملات أمس الثلاثاء، وامتدت التراجعات الحادة إلى باقي العملات المشفرة التي لاقت رواجا شديدا في السنوات الأخيرة مع قفزات الأسعار وضعف فرص الاستثمار الأخرى.

واللافت أنه وسط هذا التهاوي تخرج علينا شركة الأبحاث والوساطة المالية "برينشتاين" لتتوقع وصول سعر بيتكوين إلى مليون دولار في عام 2033، على خلفية الطلب غير المسبوق من قبل الصناديق. كما رفعت توقعاتها لبيتكوين في عام 2025 إلى 200 ألف دولار بدلاً من 150 ألفاً في تقديرها السابق، وأنه من المحتمل أن تصل إلى 500 ألف دولار بحلول العام 2029 قبل أن تصل لمستوى المليون دولار.

وفي المقابل توقع الملياردير الأميركي روبرت كيوساكي مؤلف الكتاب الشهير "الأب الغني والأب الفقير" انهيار بيتكوين واتجاه أغلب حائزيها للتخلص منها. والغريب أنه في أوائل هذا الشهر، توقع الرجل وصول بيتكوين إلى 350 ألف دولار بحلول 25 أغسطس 2024، قائلا إن العملة المشفرة أسهل طريقة لكي تصبح مليونيرًا، وهذه التوقعات المتناقضة تعني أن هناك تطرفا شديدا بشأن توقعات أسعار تلك العملات.

وفي أسواق المال العالمية عاد الغموض مرة أخرى بالنسبة لتوقعات أسعار الفائدة، في ظل تأجيل البنك الفيدرالي الأميركي قرار خفض سعر الفائدة، وظهور إشارات قوية على ضبابية آفاق السياسة النقدية الأميركية، وتضارب توقعات صناع السياسات بشأن المسار المستقبلي للتضخم وأسعار الفائدة، ووصل التضارب إلى حد صدور تصريحات متناقضة عن كبار المسؤولين عن السياسات النقدية لدى البنوك المركزية الكبرى.

وفي الوقت الذي رسمت بنوك استثمار عالمية كبرى نظرة متشائمة لسوق المال الأميركي "وول ستريت" وأسواق الصين وأوروبا في عام 2024 بسبب مخاطر المناخ والحروب والسياسة وتأجيل خفض سعر الفائدة، فإن بنوكا أخرى ترسم في المقابل صورة متفائلة لكبريات البورصات العالمية وفي مقدمتها السوق الأميركي.

العالم بات في حيرة، بأسواقه وعملاته ومستثمريه وبنوكه المركزية وحكوماته وحتى ناخبيه.

المساهمون