تجاهلت منظمة الدول المصدرة للنفط وحلفاؤها أوبك+ الضغوط الأميركية، وقرروا، اليوم الأربعاء، تخفيض إنتاجهم مليوني برميل يومياً، في خطوة كان عنوانها الإبقاء على الأسعار عند مستوياتها المرتفعة، بينما اعتبرها محللون غربيون تهدف لدعم روسيا في حربها على أوكرانيا.
ورغم محاولات الرئيس الأميركي جو بايدن، على مدار الأيام الأخيرة، إثناء المنظمة عن اتخاذ هذه الخطوة، ضمن محاولاته والسلطات النقدية في بلاده خفض معدل التضخم الذي يرهق الأميركيين ويهدد فرص حزبه الديمقراطي في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الشهر المقبل، اتفقت السعودية وروسيا، أكبر عضوين في المنظمة، على تحدي الرغبة الأميركية، وتخفيض الإنتاج بنسبة تتجاوز 2% من الإنتاج العالمي للنفط.
وأعلن مندوب إيران في "أوبك" أمير حسين زماني نيا، أنّ المنظمة التي تضم 13 دولة وحلفاءها العشرة بقيادة روسيا، اتفقوا خلال اجتماعهم في فيينا على خفض في الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا، اعتباراً من نوفمبر/تشرين الثاني، في أكبر خفض منذ ذروة تفشي جائحة كوفيد عام 2020.
بايدن "يشعر بخيبة أمل"
وعقب قرار أوبك+، أفاد بيان صادر عن البيت الأبيض، اليوم الأربعاء، بأنّ الرئيس الأميركي جو بايدن "يشعر بخيبة أمل من قرار أوبك+ قصير النظر" والقاضي بخفض إنتاجه النفطي بشكل كبير. وأضافت الرئاسة الأميركية "في ضوء قرار اليوم، ستتشاور إدارة بايدن مع الكونغرس حول أدوات وآليات إضافية لتقليص تحكم (تحالف الدول المنتجة للخام) في أسعار الطاقة".
وشهدت أسعار النفط ارتفاعاً تدريجياً منذ يوم الجمعة الماضي، مع تزايد التكهنات بتوجه أوبك+ نحو خفض الإنتاج، ليصل عشية اجتماع الأربعاء إلى ما يقرب من 92 دولاراً للبرميل من خام برنت، بارتفاع يتجاوز 8%، بينما كان سعره 86.5 دولاراً للبرميل من خام غرب تكساس الأميركي. وبعد إعلان قرار الخفض من فيينا، ارتفعت أسعار النوعين بما يقرب من 2%.
واعتبر محللون أنّ قرار الخفض، الذي يبدأ تطبيقه الشهر المقبل، يقوض جهود الدول الغربية لتقليل عائدات النفط الروسية، ويمثل لحظة فارقة في علاقة تحالف الطاقة الممتدة لخمسة وسبعين عاماً بين الولايات المتحدة والسعودية.
وقال محلل أسواق الطاقة لدى إنفروس للاستشارات بيل فارين-برايس، لصحيفة "فايننشال تايمز"، إنّ "السعودية وضعت منظمة أوبك في موقف تصادمي مع العالم الحر"، مضيفاً "إنهم تحالفوا مع الروس تحت عنوان تنظيم سوق النفط، في وقتٍ تحارب فيه دول العالم التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة"، مشيراً إلى أنّ "لذلك تبعاته السياسية على الرياض".
وعلى مدار الأشهر الأخيرة، نشطت الإدارة الأميركية، وبصفة خاصة الفريق المختص بملف الطاقة، من أجل التعامل مع ارتفاع أسعار النفط، الذي يمثل أهمية كبيرة للمواطن والسياسي والاقتصادي الأميركي.
وحاولت واشنطن استباق قرار خفض الإنتاج الذي كان متوقعاً من خلال جهود قام بها كبير المستشارين لشؤون أمن الطاقة عاموس هوكشتين، ووزيرة الخزانة جانيت يالين، وكبير مسؤولي الأمن القومي بريت ماكغورك، إلا أن أياً من هذه الجهود لم تؤت ثماراً.
وجهزت الإدارة الأميركية عدة مسارات للتعامل مع القرار حال اتخاذه، يأتي على رأسها وقف تصدير النفط الأميركي. واليوم الأربعاء، قال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي، إنّ الولايات المتحدة "تحتاج إلى خفض اعتمادها على شراء النفط من أوبك + والدول الأخرى المنتجة له".
ويعد قرار الخفض الذي تم الإعلان عنه هو الأكبر للمنظمة منذ شهر إبريل / نيسان من عام 2020، حين تراجعت أسعار الذهب الأسود بسبب مخاوف الدخول في ركود طويل الأمد، في أعقاب ظهور فيروس كورونا الجديد وانتشاره في أغلب البلدان حول العالم. وانخفض سعر خام برنت وقتها لفترة قصيرة تحت 20 دولاراً للبرميل، قبل أن يرتد إلى أعلى مدعوماً بقرارات خفض الإنتاج.
وبعد الاقتراب من سعر 135 دولارا للبرميل، على أثر الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي، تراجعت أسعار النفط بأكثر من 30% خلال الأسابيع الأخيرة بسبب تنامي المخاوف من دخول الاقتصاد العالمي في ركود.
وانخفضت أسعار النفط من خام برنت وخام غرب تكساس الأميركي، الأسبوع قبل الماضي، إلى أدنى مستوياتها منذ يناير/كانون الثاني من العام الحالي.