أنباء إغلاق السفارة الأميركية تهبط بالدينار العراقي

06 أكتوبر 2020
سعر العملة المحلية يتراجع إلى 1250 دينارا للدولار الواحد (شوان محمد/فرانس برس)
+ الخط -

شهدت أسواق بيع العملة ارتفاعا ملحوظا في أسعار صرف الدولار أمام الدينار العراقي، مما تسبب في قلق كبير في الشارع، ترجمه العراقيون إلى شراء الدولار واستبدال ما لديهم من العملة المحلية.
وجاء تراجع العملة العراقية ذلك على خلفية التقارير الإعلامية التي تحدثت عن نية أميركية بإغلاق سفارتها في بغداد، وتوجيه ضربات جوية لمقرات فصائل مسلحة داخل العراق، ردا على الاستهداف المتكرر بصواريخ الكاتيوشا للمنطقة الخضراء، حيث تقع السفارة الأميركية وكذلك أرتال التحالف الدولي.
ومنذ بداية الأسبوع الجاري، يواصل الدولار تسجيل الارتفاع أمام الدولار من 1200 دينار أمام الدولار الواحد، إلى 1250 دينارا، وسط مخاوف من ارتفاعه بشكل كبير في حال أغلقت السفارة فعلا.
وقال مسؤول في البنك المركزي العراقي، لـ"العربي الجديد"، إن "البنك شكل لجان مراقبة جديدة على عمل شركات الصيرفة الكبيرة، التي تتلاعب بسعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي، وسيقوم بوضع بعض الشركات على لائحة العقوبات، ويمنع منحها الدولار في مزاد العملة العراقي".
وبيّن أن "هناك بعض التجار يعيشون على بعض الشائعات والقضايا التي تحصل في العراق، من أجل التلاعب في سعر صرف الدولار، ولهذا هم استغلوا قضية إغلاق السفارة الأميركية في بغداد، من أجل رفع سعر صرف الدولار".

وأضاف المسؤول العراقي، الذي رفض ذكر اسمه، أن "البنك المركزي شكل فريقا آخر، بالتعاون مع مديرية الجريمة الاقتصادية، لمتابعة عمل مكاتب الصرافة، وكذلك تنفيذ مذكرات القبض بحق المتلاعبين بسعر العملات الصعبة، خصوصاً أن مزاد العملة مستمر في عمله، ولا يوجد أي تغيير في تعامله، بعد أنباء إغلاق السفارة، ولهذا لا يجب التلاعب بهذا السعر".
إلى ذلك، قال عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان العراقي، سالم الطفيلي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "ارتفاع سعر صرف الدولار مرتبط بالتطورات السياسية والأمنية في البلاد، والارتفاع الأخير جاء بسبب الحديث عن إغلاق السفارة الأميركية، وتأكيد الحكومة أن الإغلاق سيتسبب في عزلة للعراق".
وبين الطفيلي أنه "إذا أغلقت السفارة الأميركية، بشكل حقيقي، سوف يشهد الدولار ارتفاعاً كبيراً جداً أمام الدينار العراقي، وستكون له تبعات كثيرة، ليس فقط على المستوى السياسي والأمني، بل إن التأثير الاقتصادي ربما يكون هو الأكبر".
وشدد النائب العراقي على "ضرورة مراقبة شركات الصيرفة، وعمل التجار في الأسواق، لمنع أي تلاعب في العملة الصعبة، ما قد يدخل البلاد في أزمة مالية، في ظل ما يعانيه من تداعيات كبيرة بسبب تراجع إيرادات النفط وجائحة كورونا، خصوصاً مع عدم صرف رواتب الموظفين لغاية الساعة، فهذا أمر أيضا يساعد على ارتفاع سعر صرف الدولار، وهذا الأمر تقع مسؤوليته على الحكومة العراقية".
وفي المقابل، قال الخبير الاقتصادي العراقي، ماجد الصوري، في تصريح صحافي، إن "سعر الدولار حساس جدا ويتأثر بأمور عدة، منها سياسية واجتماعية ومالية وأمنية، كما أن انخفاض أسعار النفط ووجود كورونا والأزمة المالية لدى الحكومة العراقية بالتأكيد يتم استغلالها من قبل مضاربين من أجل رفع الأسعار".

وبين الصوري أن "ما يثار من غلق السفارة الأميركية والتي لم يتم تطبيقها تم استغلالها أيضا لرفع سعر الدولار، لكن في نفس الوقت فإن البنك المركزي لديه أدواته وإجراءاته الكفيلة التي تمنع ارتفاع الدولار بشكل كبير".
وكشف الخبير الاقتصادي العراقي أن "الارتفاع الذي حصل مؤخرا لن يكون كبيرا ولم يتعد 3%، وبالتالي فإنه يظل ضمن الحدود المسموح بها دوليا".
ومنذ شهر فبراير/شباط الماضي، تعصف بالعراق أزمة مالية خانقة على إثر تراجع أسعار النفط عالميا، وانخفاض حاد في عائدات العراق المالية بنحو 60 بالمائة، ما ساهم في خفض سعر العملة المحلية.
ويحتاج العراق شهريا نحو 4 مليارات دولار لتسديد مرتبات أكثر من 10 ملايين عراقي موزعين على عدة شرائح، منها الموظفون والعسكريون بنحو 6 ملايين، والبقية متقاعدون يقعون تحت شبكة الرعاية الاجتماعية.

إلا أنه، حسب تقارير وزارة النفط، تتراوح عائدات العراق المالية منذ عدة أشهر ما بين 1.3 و1.6 مليار دولار يتم استقطاع نسبة منها لشركات النفط الأجنبية المستثمرة في البلاد.

وتتجاذب الحكومة والبرلمان مسؤولية تأخر دفع المرتبات منذ نحو 50 يوما، حيث تؤكد الحكومة أن تأخر البرلمان في التصويت على قانون الاقتراض الداخلي وموازنة عام 2020 لتأمين سيولة مالية لدفع المرتبات سببا يقف وراء تأخر وزارة المالية في توزيع المرتبات، بينما هاجمت اللجنة المالية في البرلمان الحكومة، وأكدت أن مسؤولية إدارة الأزمة المالية تقع على عاتقها وكان عليها التخطيط مسبقا، محذرة مما وصفته إفلاس الحكومة خلال ستة أشهر.
وحتى الآن، لم يصوت البرلمان على موازنة عام 2020 وسط توقعات بأن يبلغ عجز الموازنة أكثر من 80 تريليون دينار (65 مليار دولار)، ليعد بذلك أعلى رقم في تاريخ البلد المصدر للنفط، بينما تعصف إيرادات تصدير النفط المتراجعة وتداعيات تفشي فيروس كورونا والفساد بالوضع المالي والاقتصادي للدولة، والذي انعكس سلبا على معيشة المواطنين.

المساهمون