أميركا تعود إلى عهد ريغان: البنزين يرتفع لأعلى مستوى في 13 عاماً والتضخم يلاحق بايدن

14 نوفمبر 2021
محطة وقود في واشنطن (Getty)
+ الخط -

تزعج الأسعار التي ترتفع حالياً في المتاجر وفي محطات الوقود الأميركيين وتربكهم، فيما كثير من سكان الولايات المتحدة يتوقعون صدمة من ارتفاع جديد في الأسعار عندما تبدأ المطالبة بفواتير التدفئة في الشتاء.

وصعدت أسعار التجزئة للبنزين إلى أكثر من 4 دولارات للغالون (3.79 ليترات) في ثلاث ولايات للمرة الأولى منذ 13 عاماً مع ارتفاع أسعار الطاقة، وفق وكالة بلومبيرغ الأميركية، أمس السبت، فيما يتوقع اقتصاديون مواصلة التضخم ارتفاعه العام المقبل، لتنتقل ضغوط الأسعار من الوقود والسلع إلى السكن، بفعل ارتفاع أسعار الطاقة واستمرار قيود سلاسل التوريد العالمية.

وتتعرض إدارة الرئيس جو بايدن لضغوط متزايدة بعد أن عجزت في وقت سابق من الشهر الجاري عن دفع تحالف "أوبك+" لزيادة إمدادات النفط عالمياً، فضلا عن استمرار الحرب التجارية مع الصين، إذ أدت الرسوم الجمركية الكبيرة المفروضة على الكثير من السلع منذ عهد الرئيس السابق دونالد ترامب في زيادة أسعار الكثير من السلع للمستهلكين الأميركيين، في حين تجد إدارة بايدن الحالية نفسها في مأزق بين مواربة الأبواب مع بكين والتضحية بمزيد من العجز التجاري أمامها لكبح غضب المستهلكين الأميركيين، أو الاستمرار في سياسة تحجيم العملاق الصيني الذي يسعى لإزاحة أميركا من مقعد أكبر اقتصاد في العالم.

ويعقد الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ اجتماعاً عبر الفيديو، غدا الاثنين، هو الثالث بينهما، وفق بيان صادر عن البيت الأبيض، في وقت متأخر من مساء الجمعة. وأورد بيان للناطقة باسم البيت الأبيض جين ساكي أن الرئيسين "سيناقشان سبل إدارة التنافس (بين البلدين) بشكل مسؤول"، وطريقة "العمل معا عندما تلتقي مصالحنا".

 بنك "غولدمان ساكس" يتوقع ارتفاع الإيجارات في السنة المقبلة إلى أعلى مستوى لها في ثلاثين عاماً

وسبق أن تحادث الرئيسان الأميركي والصيني هاتفيا مرتين منذ تنصيب بايدن. وتدهورت العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم في الأسابيع الماضية على خلفية ملفات عدة، بدءا بالتجارة، مرورا بحقوق الإنسان، وصولا إلى طموحات الصين الإقليمية، وهو ما دفع بايدن إلى تعزيز تحالفاته الإقليمية في آسيا.

وتطمح واشنطن إلى تهدئة تجارية مع الصين لتجاوز الأوقات العصيبة، التي يتسبب فيها التضخم المتزايد بفعل ارتفاع أسعار الطاقة وأزمة سلاسل التوريد العالمية، فضلا عن ارتدادات العجز المالي الأميركي المتفاقم على أكبر اقتصاد في العالم.

ووصل معدل التضخم في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى له خلال جيل كامل، إذ أفاد تقرير، صدر الأربعاء الماضي، بأن أسعار المستهلك ارتفعت بنسبة 6.2% سنوياً خلال أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إذ تتزايد وتيرة ارتفاع الأسعار مع انتعاش المزيد من الأسواق مع سياسة الفتح بعد القيود التي تسببت فيها جائحة فيروس كورونا.

ويقول بايدن إن معدل التضخم سينخفض بسبب مشروع قانون الإنفاق الاجتماعي المقبل الذي يكلف 1.75 تريليون دولار، بالإضافة إلى خطة البنية الأساسية البالغة 550 مليار دولار، والتي سيوقّع عليها قريباً، الأمر الذي يشكك فيه الجمهوريون، إذ يرون أن السيولة التي تضخها إدارة الرئيس الديمقراطي هي التي ترفع الأسعار. بل حتى إن بعض الديمقراطيين يرددون المخاوف المالية ذاتها التي يتحدث عنها أعضاء الحزب الجمهوري.

ويقول ريتشارد كورتين، الذي يشرف على دراسة ثقة المستهلكين التي تصدر عن جامعة "ميتشيغان"، وهي مؤشر مهم يقيس اتجاهات القطاع العائلي، وفق وكلة بلومبيرغ :"لم نسجل من قبل هذا العدد الكبير من الناس الذين يتحدثون عن ارتفاع أسعار المنازل أو أسعار الأجهزة المنزلية أو أجهزة التلفزيون.. لدينا نسبة كبيرة من الناس يتحدثون عن تدني مستوى معيشتهم بسبب التضخم، وقد أصبح أشد عنفاً بسبب أن المستهلكين لا يرون سياسة اقتصادية فعالة تستطيع أن تكبح التضخم".

ويتوقع الاقتصاديون لدى بنك "غولدمان ساكس" ارتفاع الإيجارات في السنة المقبلة إلى أعلى مستوى لها في ثلاثين عاماً، إذ يقدر البنك في آخر توقعاته أن معدل التضخم سيسجل رقماً تاريخياً خلال 2022.

في المقابل، قال بايدن، الأربعاء الماضي، إنه وجّه كبار مساعديه الاقتصاديين إلى التركيز على خفض تكاليف الطاقة، وركز على دور الاحتياطي الفيدرالي في مراقبة الأسعار. كذلك، طلب من الجهات الرقابية والتنظيمية متابعة أي "مبالغة في الأسعار".

لكن السيناتور جو مانشين عن ولاية غرب فيرجينيا، العضو الديمقراطي في مجلس الشيوخ وواحد من أصحاب الأصوات المتأرجحة، قال في تغريدة على تويتر، أخيراً، إن معدل التضخم القياسي الذي يهدد الشعب الأميركي ليس "انتقالياً" وفق جميع الحسابات، بل إنه يزداد سوءاً، مضيفا أن الأميركيين يعرفون من متجر التجزئة ومحطة الوقود أن ضريبة التضخم حقيقية، وأنه لم يعد بمقدور العاصمة واشنطن أن تتجاهل المعاناة الاقتصادية التي يشعر بها المواطنون يومياً.

وفي ظل السجال الدائر حول أسباب صعود الأسعار وكيفية مواجهته وبأي سرعة ستنخفض معدلات التضخم، أصبحت مسألة السيطرة على الكونغرس على المحك في الانتخابات النصفية المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، إذ ستكون الأغلبية المحدودة للديمقراطيين في كلا الغرفتين هدفاً للاستحواذ. وسوف تصبح فعلياً أول انتخابات وطنية موضوعها الرئيسي هو التضخم منذ فوز الرئيس رونالد ريغان على الرئيس جيمي كارتر.

 بايدن يقول إن معدل التضخم سينخفض بسبب مشروع قانون الإنفاق الاجتماعي المقبل الذي تبلغ تكلفته 1.75 تريليون دولار

فقبل أيام من نجاحه الساحق في الانتخابات الرئاسية عام 1980، وجه ريغان سؤالاً للأميركين قائلاً : "هل بات سهلاً بالنسبة إليكم أن تذهبوا إلى المتاجر وتشتروا حاجياتكم مقارنة بما كان عليه الوضع قبل أربع سنوات؟".

وحسب تقرير لموقع "بوليتيكو" حول استطلاعات الرأي أخيراً، فقد قال 62% من الأميركيين إنّ سياسة الرئيس هي المسؤولة عن التضخم. ووفق تقرير لوزارة العمل الأميركية مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، فإنّ زيادة الأسعار الملحوظة على السلع ظهرت في أسعار السيارات والأثاث والطاقة والإيجار والعقارات والرعاية الطبية.

وفي توقعات لها، قالت لورا روزنر، كبيرة المحللين الاقتصاديين في صحيفة "وول ستريت جورنال"، إن التضخم الأميركي قد يتطور ويتسع نطاقه إذا دخلت الولايات المتحدة في موسم العطل الرسمية نهاية العام من دون أن تحل مشكلة النقص في السلع، ما قد يؤدي إلى زيادة إضافية في الأسعار.

المساهمون