أموال الضمان الاجتماعي بأميركا تقترب من النفاد

07 مايو 2024
الكونغرس الأميركي مطالب بإيجاد حل لبرنامج الضمان الاجتماعي - واشنطن 29 إبريل 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الاقتصاد الأمريكي يواجه تحدياً كبيراً مع اقتراب نفاد أموال الضمان الاجتماعي بحلول عام 2035، نتيجة لشيخوخة السكان وارتفاع تكلفة البرنامج، مما يهدد بتقليص مزايا التقاعد والعجز للأمريكيين.
- الكونغرس يواجه خيارات صعبة لمعالجة الأزمة تشمل زيادة الضرائب أو تقليص المزايا، وسط مخاطر سياسية كبيرة، مع الاعتماد الحالي على صندوقي "التأمين ضد العجز" و"الشيخوخة" لتعويض الفارق المالي.
- الضمان الاجتماعي يمثل تحدياً للإنفاق الحكومي الأمريكي على مدى عقود، مع اقتراحات متنوعة من الإدارة الحالية والمرشحين الرئاسيين للحلول دون خطة شاملة، مما يستلزم توافقاً سياسياً واسعاً لضمان استدامة مالية.

في خضم التوترات السياسية، وجهود الاستعداد للأمتار الأخيرة في سباق الانتخابات الرئاسية، يواجه الاقتصاد الأميركي مشكلة من نوع جديد، حيث تقترب أموال الضمان الاجتماعي من النفاد للمرة الأولى منذ بداية البرنامج بشكله الحالي في الولايات المتحدة. وقال أمناء البرنامج هذا الأسبوع إن شيخوخة السكان في الاقتصاد الأكبر في العالم قد تؤدي إلى ارتفاع تكلفة البرنامج، حيث تتراجع النسب التي يتحملها المواطنون من أموال البرنامج، بينما تتكفل الحكومة بتغطية نسب متزايدة. ويعني هذا الخلل أن أموال الضمان الاجتماعي قد تصبح غير كافية لتوفير مزايا التقاعد والعجز الكاملة للأميركيين بحلول عام 2035.

وعند هذه النقطة، وبدون اتخاذ إجراء من جانب الكونغرس، قد يشهد الأميركيون المسنون والمعوقون الذين يعتمدون على الضمان الاجتماعي انخفاضاً في مدفوعاتهم بنسبة 17%، وفقاً لما نقلته جريدة وول ستريت جورنال عن مسؤولين بالبرنامج. ويمكن للكونغرس أن يتجنب الأزمة من خلال زيادة الضرائب على الرواتب، أو تقليص المزايا الممنوحة، أو مزيج من الاثنين. ومع ذلك، تحمل هذه الخيارات مخاطر سياسية شديدة، وقد أرجأ صنّاع السياسات تبني إصلاح شامل للبرنامج.

وفي الوقت الحالي، يساعد صندوقا "التأمين ضد العجز" و"الشيخوخة" في تعويض الفارق بين إيرادات ومدفوعات الصندوق. ومنذ عام 2021، تجاوزت استحقاقات الضمان الاجتماعي ما يجلبه البرنامج من الضرائب على الرواتب وغيرها من المصادر، مما يضع أرصدة البرنامج على مسار واضح باتجاه النضوب في عام 2035. ولكن بالنسبة لبعض الخبراء، لن يتطلب نفاد أموال البرنامج تغييراً جوهرياً في كيفية تمويل الضمان الاجتماعي، حيث يقولون إنه سيكون أمام الكونغرس خيار مباشر لمواصلة تقديم المزايا الكاملة للمنتفعين، ما سيترتب عليه بالتأكيد ارتفاع العجز الفيدرالي الإجمالي دون معالجة. وقال أندرو بيغز، وهو زميل بارز في معهد أميركان إنتربرايز إن "وجود الصناديق الائتمانية يلزم الحكومة بدفع المزايا، لكنه لا يجعل الأمر أسهل".

 

ما الصناديق الائتمانية؟

على مدى عقود بعد إصلاح الكونغرس للبرنامج في عام 1983، حصل الضمان الاجتماعي على أموال أكثر مما أنفق على المزايا المقدمة للمشتركين، ليذهب الفائض المتراكم إلى الصناديق الائتمانية. لكن الأموال المحولة إلى الصناديق لم تبق هناك، وبدلاً من ذلك، أعاد الضمان الاجتماعي هذه الأموال بصورة ما إلى الحكومة الأميركية، التي استخدمتها بعد ذلك في أي شيء، بدءاً من تمويل العمليات العسكرية وحتى سداد مستحقات حاملي السندات. وفي مقابل الأموال النقدية، أعطت الحكومة الصندوق الائتماني سندات دين خاصة، لا يمكن تداولها في الأسواق، وتضمنها الولايات المتحدة. وتولد هذه السندات فائدة تساعد على زيادة إيرادات برامج الضمان الاجتماعي المختلفة.

ولكن بالنسبة للعديد من الاقتصاديين، يعتبر إقراض فرع من الحكومة الأميركية لفرع آخر أمراً شاذاً، ويتجاهل أغلبهم الديون الحكومية الداخلية، مثل تلك المستحقة لصناديق الضمان الاجتماعي، عندما يأخذون في الاعتبار عبء الديون الإجمالية للولايات المتحدة. ويبلغ إجمالي ديون الولايات المتحدة نحو 34.6 تريليون دولار، في حين يبلغ الدين العام، وهو المقياس الذي يفضّله الاقتصاديون، 27.5 تريليون دولار، بعد استبعاد الديون بين الجهات الحكومية المختلفة.

وخلال السنوات القليلة الماضية، ومع تجاوز مدفوعات الضمان الاجتماعي الدخل المتحصل عليه، اضطر البرنامج إلى الاعتماد على الصناديق لدفع فواتيره. وللقيام بذلك، استرد الضمان الاجتماعي بعض أمواله المستثمرة في سندات الخزانة. وفي عام 2023، انخفض رصيد صناديق الضمان الاجتماعي بنحو 41 مليار دولار. وقد تعني هذه الخطوة أيضاً أن العجز الأميركي مستمر في النمو بوتيرة يجدها الاقتصاديون مثيرة للقلق، كونها تكبح معدلات نمو الاقتصاد، وتتسبب في ارتفاع معدل التضخم.

ولم تقترح إدارة بايدن طرقاً محددة لتوسيع ملاءة البرنامج، على الرغم من أن الرئيس بايدن كان لديه خطة للضمان الاجتماعي خلال حملة عام 2020، دعا فيها إلى زيادة الضرائب على الدخل الذي يزيد عن 400 ألف دولار، من بين خطوات أخرى. وقال الرئيس في بيان يوم الاثنين: "أنا ملتزم بتوسيع ملاءة الضمان الاجتماعي من خلال مطالبة الأميركيين ذوي الدخل الأعلى بدفع حصتهم العادلة من الضرائب، دون خفض المزايا، أو خصخصة الضمان الاجتماعي". وقال المرشح الرئاسي الجمهوري المفترض والرئيس السابق، دونالد ترامب، إنه سيبحث عن تخفيضات في الإنفاق على البرامج الحكومية، لكنه لن يمس الضمان الاجتماعي.

وساهم برنامج الضمان الاجتماعي في زيادة تحديات الإنفاق الحكومي الشاملة، حيث مثل نحو 5% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة في العام الماضي، ومن المتوقع أن يصل إلى 5.9% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2034، وفقاً لمكتب الميزانية بالكونغرس. وقال الاقتصاديون إن وضع الولايات المتحدة على مسار مالي أكثر استدامة سيتطلب على الأرجح معالجة مسألة الضمان الاجتماعي، التي تجبر الحكومة في كثير من الأحيان على زيادة اقتراضها.

المساهمون