أمطار غزيرة تغذي آمال المغاربة في طرد شبح الجفاف

12 ديسمبر 2022
المغاربة يأملون في أمطار تنعش حقولهم (فرانس برس)
+ الخط -

أسعد المنتخب الوطني لكرة القدم المغاربة بعد الإنجازات التاريخية التي حققها في منافسات كأس العالم في قطر، غير أن فرحتهم زادت أكثر لتزامن ذلك مع تساقط الأمطار في العديد من مناطق البلاد، بعدما انتظروا الغيث لطرد شبح الجفاف الذي يلقي بظلال سلبية على إنتاج الحبوب والكثير من الزراعات، ومن ثم النمو الاقتصادي للبلاد.

وتوالت النشرات الإنذارية البرتقالية والحمراء التي تصدرها المديرية العامة للأرصاد الجوية، والتي تخبر بتوقع زخات مطرية قوية، وأحيانا رعدية، في العديد من المناطق، حيث تجاوزت تلك التساقطات مائة ملليمتر في بعض الأحيان.

وتأتي أمطار ديسمبر/كانون الأول لتنعش آمال المزارعين وتدفعهم إلى تقليب الأرض وحرثها، بعدما ظن بعضهم، بعد تأخرها، أنّ شبح الجفاف باق، بعد العام الماضي الذي لم يشهد هطول أمطار كافية، ما أفضى إلى انهيار محاصيل العديد من الزراعات.

وكان وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد الصديقي، أبدى قبل شهر انشغاله بالموسم الفلاحي الذي بدأ بمخزون مياه منخفض جداً، ما دفعه إلى وصف الموسم الفلاحي الحالي بالصعب، بخاصة أنه يأتي بعد موسم متراجع بسبب الجفاف الذي استمر عاماً ونصف.

واضطرت الحكومة في ظل الجفاف إلى اتخاذ قرار يقضي بإعطاء الأولوية لتوفير مياه الشرب في ظل هبوط منسوب المياه في السدود. فقد تقرر توجيه 3.2 مليارات متر مكعب لتأمين مياه الشرب، فيما سيوجه 600 مليون متر مكعب للسقي.

وتساهم الزراعة بنسبة 15% في الناتج الإجمالي المحلي، وتساهم في خلق حوالي 40% من فرص العمل، علماً أنّ أكثر من 80% من الأراضي الزراعية تعتمد على الأمطار.

ويعتبر الخبير الزراعي ياسين أيت عدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن المزارعين في المناطق الريفية، وكذلك سكان المدن، يتطلعون على حد سواء إلى دعم الأمطار مخزون المياه في السدود، الذي بلغ حتى السبت الماضي 42.1%، بعدما كان في حدود 38.8% في الأول من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، غير أنه يرى أن ذلك المخزون ما زال منخفضاً بنحو 10% عما كان عليه في الفترة نفسها من العام الماضي.

ويرى أيت عدي أن الحكومة وجهت مياه السدود لتأمين ماء الشرب للأسر، بينما حجبتها عن الفلاحين الذين يعتمدون على السقي في الأشهر الأخيرة، ما يجعل تساقط الأمطار أخيراً والمأمولة في الأيام المقبلة مهمة للغاية، كي يعود نشاط السقي من جديد.

ويضيف أنّ المزارعين يأملون أن تكون الأمطار موزعة زمنياً وجغرافياً بطريقة تضمن دعم المياه الجوفية المستنزفة، وتتيح توفير محاصيل من الحبوب والخضر والفواكه تسمح بتعويض الخصاص الذي جرى تسجيله في الموسم الماضي، مؤكداً أنّ الأمطار مهمة في الفترة الحالية للعديد من الخضر والفواكه.

ويرى محمد الإبراهيمي، عضو الجمعية المغربية لمكثري البذور، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الأمطار الأخيرة وتلك المنتظرة، ستساهم أيضاً في توفير الكلأ الطبيعي، بخاصة أن الجفاف الذي شهده المغرب دفع مربي المواشي إلى التعويل على الأعلاف المركبة (المنتجة من الحبوب) التي ارتفعت أسعارها بفعل استيراد أغلب مدخلاتها.

ويشكو العاملون في قطاع تربية المواشي والدواجن من ارتفاع تكاليف الإنتاج بشكل كبير في الأشهر الأخيرة، بفعل تصاعد أسعار الأعلاف. وتعتمد الأعلاف المركبة على الذرة والشعير والصويا وعباد الشمس، وهي مكونات يجرى استيرادها من الخارج.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ورغم توفير الدولة الشعير للمربين بأسعار مدعمة في سياق الجفاف الذي عرفته المملكة في المواسم الأخيرة، إلّا أنّ المربين يعتبرون أن الشعير غير حاسم في تحديد سعر الأعلاف المركبة.

ويؤكد الإبراهيمي أن الأمطار، التي عرفتها بعض المناطق في الأيام الأخيرة، ستحفز المزارعين على الانكباب على الحرث والزرع، في انتظار تساقطات إضافية في الأشهر المقبلة، بما يساعد على تحقيق محاصيل مهمة، خاصة من الحبوب، التي راهنت الحكومة، عبر الموازنة التي صوت عليها البرلمان الأسبوع الماضي، على بلوغ إنتاجها نحو 7.5 ملايين طن، ما يعادل ضعف ما تحقق في الموسم الماضي الذي شهد جفافاً حاداً.

وتجلت في العامين الأخيرين أهمية الأمطار، التي تساهم في ضمان جزء من الأمن الغذائي، الذي طرح بحدة في ظل ارتفاع واردات الغذاء، لا سيما بعد اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا نهاية فبراير/ شباط الماضي.

ويعتبر مراقبون أنه ما دام المغرب يستورد 40% من احتياجات الاستهلاك، فإنّ مواجهة صعوبات على الصعيد الفلاحي ستفضي إلى ارتفاع التضخم بفعل الاستيراد.

وقفزت مشتريات المغرب من الغذاء في الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري إلى 7.35 مليارات دولار، مقارنة بنحو 4.76 مليارات دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، بزيادة بلغت نسبتها 54.4%، وفق بيانات صادرة عن مكتب الصرف الحكومي، مطلع ديسمبر/ كانون الأول الجاري.

وساهمت واردات الغذاء بالإضافة إلى مشتريات الطاقة، في الفترة المذكورة، في توسيع عجز الميزان التجاري للمغرب، ليبلغ 26 مليار دولار، بزيادة 9.4 مليارات دولار عن نفس الفترة من 2021.

المساهمون