أطفال غزة أولى بشاحنات الخليج

13 مارس 2024
شاحنات مساعدات إنسانية عند معبر كرم أبو سالم (فرانس برس)
+ الخط -

لا يفصل المستوطنات الإسرائيلية المحتلة الواقعة داخل غلاف غزة عن قطاع غزة المحاصر إسرائيلياً سوى عدة كيلومترات، ومع ذلك فإن الشاحنات القادمة يوميا من منطقة الخليج تنساب بسهولة ويسر وتصل لأهالي المستوطنات وتل أبيب وغيرها من المدن والأراضي المحتلة محملة بكل أنواع البضائع والسلع، ولا تصل في المقابل لأهالي غزة المحاصرين الذين يتعرضون لخطر المجاعة والإبادة الجماعية منذ أكثر من 5 أشهر، أو حتى لأهالي الضفة الغربية.

وفي الوقت الذي ينعم فيه المواطن الإسرائيلي بالأغذية والخضر والفواكه الطازجة القادمة من بعض دول الخليج وموانئ دبي وجبل علي وغيره من الموانئ الإماراتية عبر طوابير يومية من الشاحنات العملاقة الممتدة لكيلومترات، لا يجد أطفال غزة لقمة خبز حافية تقيهم خطر الموت جوعاً.

لا أتحدث هنا عن السلع الترفيهية واحتياجات شهر رمضان، فهي حلم بعيد المنال لأهالي القطاع. بل أتحدث عن السلع الحياتية واليومية التي باتت مختفية من أسواق غزة في ظل حرب تجويع يمارسها الاحتلال تحت سمع وبصر العالم أجمع.

وفي الوقت الذي تتدفق فيه السلع القادمة من الخليج عبر جسر بري، يبدأ من الإمارات ثم السعودية والأردن، مروراً إلى أسواق دولة الاحتلال لتلبية احتياجات المواطن الإسرائيلي، وتوفر له الغذاء والأدوية والوقود والحياة المرفهة، يُحرم أهالي غزة من أبسط مقومات الحياة، حيث لا أغذية أو حبة قمح أو كيس أرز أو عدس أو فول، ولا يوجد حتى وقود وأدوية ومياه صالحة للشرب، بل فقط الجوع والعطش والعودة للحياة البدائية.

وفي الوقت الذي تتدفق فيه عشرات الشاحنات من دول الخليج يومياً بطريقة آمنة وسريعة نحو دول الاحتلال محمّلة بجميع مؤن جيش الاحتلال وسكان الأراضي الإسرائيلية بداية من احتياجات الأسواق من سلع غذائية، وأدوات منزلية، وأجهزة كهربائية، وإلكترونيات، وبنزين، وسولار، ومازوت، وغاز طبيعي، ومواد بناء. ونهاية باحتياجات المصانع، والقطاع الإنتاجي، والزراعي، والخدمي، والسكني، من مواد خام وسلع وسيطة، ومروراً باحتياجات الفنادق والمؤسسات الاقتصادية والشركات.

لكن في المقابل يجري في الجهة الأخرى فرض حصار خانق على قطاع غزة، حيث لا يجري السماح بتدفق الشاحنات والمساعدات الإنسانية، سواء عبر معبر رفح الواقع بين مصر والأراضي الفلسطينية، أو معبر كرم أبو سالم، الواقع بين قطاع غزة والأراضي المحتلة، وكذا معبر إيرز، أو حتى عبر البحر المتوسط، حيث يفرض الاحتلال حصاراً برياً وجوياً وبحرياً شاملاً منذ سنوات طويلة زاد منسوب خنقه عقب اندلاع الحرب.

ببساطة ومنذ اندلاع الحرب على غزة ضَمِن الاحتلال تزويد مواطنيه بكل أنواع السلع والخدمات، عبر جسر خليجي بري تجاري طويل يمتد على مسافة 2550 كيلومتراً ويلتف حول البحر الأحمر.

جسر يرسل البضائع من موانئ دبي والبحرين براً، على شاحنات تمر عبر الإمارات والسعودية والأردن، وتنتهي في المدن والموانئ الإسرائيلية، وتلبي احتياجات سكان أشدود وحيفا وبئر السبع ونتانيا وغيرها.

جسر خليجي مثّل الرئة لدولة الاحتلال للتغلب على أي اختناقات في التجارة الخارجية، بسبب الحرب وهجمات الحوثيين على السفن الإسرائيلية والدول الداعمة للاحتلال في حربها المجرمة على غزة.

وفي المقابل إغلاق متكرر من الاحتلال، والداعمين له في حرب الإبادة الجماعية، للطرق والمعابر أمام إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، حتى لو كانت شربة ماء وقطعة خبز وحفنة من دقيق.

وفي ظل انتشار حالات الموت جوعاً في غزة، هل تضل شاحنات الخليج طريقها يوماً ما، فبدلاً من إغراق الأسواق الإسرائيلية باحتياجاتها من السلع والكماليات، وتعويض نقص واردات دولة الاحتلال عبر البحر الأحمر وموانيه، بسبب هجمات الحوثيين، تغير وجهتها لتوفر أبسط مقومات الحياة لأهالي غزة ولو قطعاً حافية من الخبز للأطفال والنساء والدواء لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة؟

المساهمون