أسواق ما بعد الزلزال... إنه "عام السيارات" في تركيا

30 مارس 2023
قطاع السيارات حلّ ثانياً بعد المنازل من حيث الأضرار التي خلفها الزلزال (الأناضول)
+ الخط -

تشهد أسعار السيارات المستعملة في تركيا قفزة قياسية قدّرها عاملون في السوق بما يراوح بين 20% و40%، في ظل تزايد الطلب، بعد أن سبّب الزلزال المدمر الذي ضرب عشر ولايات في جنوب البلاد في السادس من فبراير/ شباط الماضي وما تبعه من آلاف الهزات العنيفة، تدمير نحو 200 ألف مركبة وفق البيانات الرسمية.

وحلّ قطاع السيارات في المرتبة الثانية بالنسبة إلى الأصول المتضررة بعد المنازل التي تضرر منها نحو 600 ألف شقة و150 ألف مبنى تجاري، بحسب تصريحات أخيرة لوزير الداخلية، سليمان صويلو.

يقول تاجر السيارات مراد أوزكان، من سوق السيارات المستعلمة في منطقة باغجلر في إسطنبول لـ"العربي الجديد"، إن سوق السيارات المستعملة "انتعشت بعد الزلزال نتيجة زيادة الطلب، ولا سيما من المناطق المنكوبة"، مشيراً إلى أن تجار السيارات يوردون إلى جنوب تركيا التي فقدت السيارات تحت أنقاض المباني، مقدراً ارتفاع الأسعار بين 20% و40% على حسب نوع المركبة.

ويلفت أوزكان إلى زيادة الطلب على السيارات الكبيرة التي تستخدم كمنازل متنقلة، مضيفاً أن "عدم استقرار سعر صرف الليرة سبّب دولرة أسعار السيارات المستعلمة التي أصبحت تُقيم على أساس العملة الأميركية في الغالب".

ويشير إلى أن سعر سيارة هيونداي أكسنت صنع 2016 تباع بين 17 و18 ألف دولار، وسيارة تويوتا كورولا صنع 2015 تباع بنحو 20 ألف دولار، لكن السيارات العائلية مثل بيجو 3008 صنع 2018 يبلغ سعرها نحو 50 ألف دولار.

بدوره، يقول الخبير الاقتصادي التركي مسلم أويصال، إن الأضرار التي لحقت بالسيارات والعقارات كبيرة، حيث إنّ تراجع سعر صرف الليرة في السنوات الأخيرة، حوّل الرساميل لتجارة العقارات والسيارات بالدرجة الأولى.

ولا يعتقد أويصال أن ما ستطرحه تركيا، سواء من قبل الشركات المصنعة لماركات عالمية أو السيارة الكهربائية التركية هذا العام، "يمكن أن يبرّد سوق السيارات الملتهب"، فما دمره الزلزال من سيارات والأرباح الكبيرة التي يحققها القطاع، يزيد الإقبال على السوق والمتاجرة فيه، رغم ما وصفه بالقيود التي وضعتها الحكومة خلال البيع لأكثر من مستهلك أو بيع السيارات الجديدة المسجلة.

من جهته، يقول المدير العام لشركة "كار داتا" حسام الدين يالتشين، إن 2023 سيكون "عام السيارات"، بعد أضرار الزلزال، مقدراً في تصريحات صحافية عدد السيارات المستعلمة التي ستباع بالسوق التركية هذا العام، بنحو مليون سيارة، بعد أن أغلق عام 2022 على بيع 783 ألف سيارة.

وبعد تقدير خسائر الزلزال بنحو 100 مليار دولار، بدأت تركيا معالجة الآثار الكارثية، فوجهت "مديريات الأمن" بالولايات الجنوبية المنكوبة، لنقل المركبات المتضررة، وتجميعها في أماكن محددة بحسب عضو مؤسسة تعزيز قوة الشرطة التركية، سيزغين قره لوكالة الأناضول أخيراً.

وكانت وزارة المالية قد أقامت جناحاً خاصاً في ساحة الإدارة الوطنية في ولاية كهرمان مرعش، يجري من خلاله تلقي الطلبات من المواطنين الذين تضررت منازلهم وأماكن عملهم وسياراتهم في الزلزال، بحسب ما نشر موقع صحيفة ملييت التركية.

وقال رئيس شركة التأمين الخاصة بالسيارات، توروسان باغجي، في تصريحات صحافية أخيراً، إن هناك 3 ملايين و150 ألف مركبة في منطقة الزلزال، ومن المقدر تضرر ما لا يقل عمّا يراوح بين 30% و40% من هذه المركبات.

وأوضح باغجي أن هناك توقعات بحدوث أضرار جسيمة للمركبات ما بين 150 إلى 200 ألف، ولو فرضنا أن متوسط سعر السيارة 300 ألف ليرة، ستكون هناك مدفوعات أضرار جسيمة. وأضاف أنه ستوفَّر تغطية الزلازل تلقائياً في جميع وثائق التأمين على السيارات تقريباً.

وتابع قائلاً: "خلال اجتماعاتنا مع شركات التأمين، يمكننا القول إنهم أكثر حساسية تجاه الزلازل، لذا فهم يعطون الأولوية ويدفعون الأضرار ذات الصلة، ويمكننا القول إنه لا توجد شكاوى حول التأمين على السيارات حتى الآن".

ويتنوّع التأمين على السيارات بحسب المختص في القطاع، سيرين أورال في حديث مع "العربي الجديد"، موضحاً أن هناك التأمين الإلزامي الذي يعوّض الضرر خلال وقوع الحوادث في أثناء السير على الطرقات، وهو نوع يفرضه القانون على كل من يمتلك مركبة، وهذا النوع من التأمين يغطي مسؤولية المالك وسائق المركبة تجاه الآخرين، عما قد تسببه لهم المركبة من إصابات جسدية، كذلك فإن هذا التأمين الإلزامي مسؤول عن تعويض المصابين الموجودين داخل المركبة المؤمن عليها، وكذلك الإصابات التي تسببها المركبة للمشاة على الطرق.

لكن هذا النوع من التأمين لا يغطي الأضرار التي لحقت بالمركبات نتيجة للزلازل، "بل يوجد تأمين خاص يعوض أضرار الزلزال حتى نسبة 100%حسب العقد بين الطرفين" بحسب أورال، مشيراً إلى أن كل الأتراك يشتركون في هذا التأمين، حيث يشمل أضرار الفيضانات والاحتجاجات والزلازل، إضافة إلى الحوادث المرورية.

وفي وقت سابق من مارس/ آذار الجاري قدّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خسائر بلاده من الزلزال بنحو 104 مليارات دولار.

ويأتي جزء من تلك الخسائر الكبيرة، من قطاع السيارات، الذي لم تقتصر الأضرار على ممتلكات الأشخاص، بل على المنشآت التي تعمل في صناعة قطع الغيار وأجزاء السيارات في الولايات المنكوبة، الأمر الذي يؤثر بسوق بلغت صادراته العام الماضي أكثر من 9 مليارات دولار، من إجمالي صادرات قطاع السيارات بأكمله البالغة نحو 30.9 مليار دولار.

المساهمون