في أعقاب وصول فيروس كوفيد-19 إلى الأراضي الأميركية وانتشاره فيها، وتسببه في خسائر كبيرة لمستثمري الأسهم، وصلت إلى 30% من قيمة مؤشراتها الرئيسية، كانت هناك نصائح من كبار محللي الأسهم للمستثمرين ببيع كل ما في حوزتهم من أسهم، انتظاراً للمزيد من الانخفاض في أسعارها، وعدم توقع الارتفاع من جديد لمدة تجاوزت العام في أغلب التقديرات، إلّا أن هذا لم يحدث، إذ لملمت الأسهم خسائرها، بقيادة أسهم شركات التكنولوجيا، لينهي مؤشر ناسداك، الذي تشكل أسهم شركات التكنولوجيا الجزء الأكبر منه، على ارتفاع بنسبة 43.7% في 2020، رغم انتكاسة الربيع.
ورغم الحديث الدائم منذ بداية عام 2021 عن المبالغة في تقييمات الأسهم، وانتظار أغلب المحللين لموجة تصحيحية قوية بسبب توجهات رفع سعر الفائدة الأميركية، إذ يكون التأثير السلبي الأكبر على شركات التكنولوجيا، لم تتراجع أسهم شركات القطاع إلا بنسب محدودة، لينهي مؤشر ناسداك عام 2021 على ارتفاع بنسبة 21.4%، محققاً أكثر من 50 إغلاقاً قياسياً خلال العام، ومسجلاً ارتفاعاً شهرياً في الشهور الستة الأخيرة منه.
وبالإضافة إلى تريليونات الدولارات التي ضخها في الاقتصاد الأميركي مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) والخزانة الأميركية، أرجع المحللون ارتفاع أسعار أسهم قطاع التكنولوجيا إلى ارتفاع أرباح شركاته، الحالية والمتوقعة، بصورة لم يكن يحلم بها الكثيرون قبل عامين، مدعومة بالابتكارات الجديدة التي لا تتوقف لدى تلك الشركات.
وقدرت فاكت ست Factset، المتخصصة في توفير البيانات المالية المتكاملة وبرامج الحاسب الآلي، معدل نمو أرباح شركات قطاع التكنولوجيا الأميركية في عام 2021 بما يصل إلى 28%.
وكعادتها كل عام، أعدت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريراً مطولاً عن توقعات محلليها للتطورات التكنولوجية التي يفترض أن يكون لها التأثير الأكبر على حياة المستهلكين في عام 2022، شمل العديد من المنتجات، بدءاً من السيارات الكهربائية، وصولاً إلى المحتوى المقدم للصغار واستخدام الإنترنت من دون كلمات مرور.
انخفاض تكلفة السيارات الكهربائية
توقع محللو الصحيفة الاقتصادية أن يكون هناك أكثر من مائة نوع من تلك السيارات، يمكن للمستهلكين الاختيار منها، وأن تكون تكلفة شراء الحديث منها أقل من القديم.
أرجع المحللون ارتفاع أسعار أسهم قطاع التكنولوجيا إلى ارتفاع أرباح شركاته، الحالية والمتوقعة، بصورة لم يكن يحلم بها الكثيرون قبل عامين
وتوقعت الصحيفة استمرار ارتفاع نسبة سيارات الركوب الكهربائية المباعة، والتي لا تتجاوز حالياً 3% من إجمالي السيارات المباعة في الولايات المتحدة، مشيرة إلى أنّ أسعار تلك السيارات حول العالم انخفضت خلال الفترة من 2015 إلى 2020 بأكثر من 30%، رغم ارتفاع المدى الذي يمكن أن تصل إليه بشحنة واحدة بنحو 45% خلال نفس الفترة.
الاستدامة المستدامة
أصبح لقطاع التكنولوجيا بصمة كربونية أكبر من صناعة الطيران، ومازالت شركاته تحاول تغيير الواقع القديم في ما يتعلق بجهود الاستدامة التي تظهر علاماتها في تصميم الأنواع الحديثة من الهواتف والأجهزة اللوحية وأجهزة الكمبيوتر التي يستخدمها الكثيرون من دون أن يلحظوا ذلك.
وخلال الفترة الماضية، صنَّعَت مايكروسوفت فأرة التحكم من بلاستيك مستخرج من المحيطات، واحتوت أحدث طرازات آيفون وآي باد من آبل على مواد معاد تدويرها، ووفرت أمازون شاشة إيكو الجديدة من البلاستيك المعاد تدويره، وتساهم في توفير الطاقة أثناء عدم الاستخدام.
ولا تكاد تخلو تقنية جديدة ذات بصمة في عالم التكنولوجيا مما أنتج في 2021 من لمسات يتم من خلالها مراعاة التغيرات المناخية، وهو ما يتوقع أن يظهر المزيد منه خلال العام القادم 2022.
مواقع تواصل أكثر ملاءمة للأطفال
توقع محررو "وول ستريت" أن تبذل مواقع التواصل المزيد من الجهد لحماية المستخدمين صغار السن من المحتوى الضار ومن الخصائص التي تساعد على إدمانها، بعد تجربة لم تكن سعيدة خلال عام 2021، وكان أبرز الراسبين فيها موقعاً انستغرام وتيك توك. وبينما تدرك تلك الشركات حالياً ما يمكن أن يصيبها من ضرر لو لم تراعِ تلك الاعتبارات، فمن المتوقع أن يلعب صانعو القوانين في الولايات المتحدة دوراً أكبر لإجبارهم على هذا التوجه.
ومع بداية العام، وعدت انستغرام بتعديل لوغاريتماتها التي كانت تحرم المستخدمين من التحكم في الكثير من المحتوى الذي يرونه، وقال رئيسها آدم موسيري أمام لجنة فرعية بمجلس الشيوخ الأميركي قبل أسبوعين إن الشركة تخطط لإطلاق أدوات تسمح للآباء بمزيد من التحكم في ما يراه الصغار في 2022، بما في ذلك التحكم في وقت استخدام الأبناء لتلك المواقع وتطبيقاتها.
انخفضت أسعار السيارات الكهربائية حول العالم خلال الفترة من 2015 إلى 2020 بأكثر من 30%
ولم يتنظر المشرعون الأميركيون تحركات الشركات في العام الجديد، إذ يتم حالياً، بالتعاون بين الحزبين، إعداد تشريع يعيد تقديم قانون حماية خصوصية الأطفال والمراهقين على الإنترنت، والمعروف اختصاراً باسم Coppa 2.0، ويمدّ سنّ حمايتهم إلى 15 عاماً، ويحظر تقديم المحتوي الإعلاني الموجه.
انتهاء أزمة أشباه الموصلات
رغم استمرار ضبابية المشهد، وتوقع بعض المحللين استمرار الأزمة التي طاولت الملايين حول العالم، وتسببت في تعطل الإنتاج وارتفاع الأسعار بمعدلات غير مشهودة في عقود، تشير التوقعات إلى ظهور بعض إمكانات الإنتاج الجديدة، من أريزونا إلى بكين، الأمر الذي ربما يؤدي إلى تراجع الفجوة الحالية بين المطلوب والمعروض منها.
ومع تراجع الطلب على الهواتف الذكية في الصين، أكبر أسواق العالم، وتحرر الموانئ وسلاسل الإمداد بعد تعايش البشرية مع فيروس كورونا وتحوراته، يأمل محررو الصحيفة الاقتصادية أن يكون ما ظهر من انفراج أزمة الرقائق خلال الشهور الأخيرة هو مقدمة لاختفائها تماماً خلال عام 2022.
الحقيقة المختلطة
رغم انتظار الملايين على مدار عقود مضت لوعود الواقع الافتراضي الذي قال عنه البعض إنه سيغير حياتهم، يَعِد محررو وول ستريت جورنال الجميع بأن يحقق عام 2022 تقدماً تقنياً كبيراً في ما يخص الواقع الافتراضي، وبأن ينتقلوا إلى عالم افتراضي، وبأن يغلف الواقع المعزز العناصر الرقمية في العالم الحقيقي، وصولاً لما يمكن أن نطلق عليه الحقيقة المختلطة.
وتخطط ميتا Meta (التي عرفها العالم من قبل باسم فيسبوك) لإصدار سماعة رأس أكثر تقدماً وتكلفة من Quest 2 الحالية، يمكنها أن تجعل المستشعرات الجديدة والبصريات المحسّنة في الجهاز تشبه المستخدم إلى حد كبير، فتبتسم الصورة الرمزية عند ابتسامه، وتقطب مع تقطيبه.
وبالإضافة إلى ذلك، سيكون الجهاز نفسه قادراً على إظهار المساحة المادية الحقيقية الخاصة بالمستخدم، لكن مع وجود ميزات رقمية يتم إسقاطها، فتُظهر شاشة افتراضية عملاقة مثلاً فوق مكتبه الحقيقي، ويكون كلّ هذا جزءا من هدف الشركة لبناء عالم افتراضي metaverse، إذ يمكن أن نعمل ونتسوق ونتنزه، وسيكون هذا الملعب أرض التنافس الجديدة بين ميتا وآبل في 2022.
أجهزة الاستشعار الصحية
بعد نحو عقد من وصول أجهزة تتبع اللياقة البدنية إلى معاصمنا، بدأت أجهزة الاستشعار الصحية في الظهور، لتقيس معدل ضربات القلب، والأكسجين في الدم، ودرجة حرارة الجسم.
وتبيع شركة الملابس ووب Whoop منتجاتها، بما في ذلك حمالات الصدر واللباس الداخلي، التي تسمح بوضع تلك الأجهزة بشكل استراتيجي، وتستخدم شاشة Google Nest Hub الخالية من الكاميرا الرادار لتتبع الأشخاص عند نومهم، ودراسة أنماط نومهم المختلفة.
وتوقع خبراء الجريدة أن يكون الاكتشاف الجديد القادم هو سماعات الأذن، إذ تدرس حالياً شركة آبل إمكانات سماعاتها AirPods لقراءة درجة حرارة الجسم، كما استخدام الهاتف آيفون للمساعدة في اكتشاف الاكتئاب.
الدخول بلا كلمات مرور
وسط حالات الخوف التي تصيب الكثيرين منا عند الوقوف أمام شاشة الاستخدام التي تطلب اسم المستخدم وكلمة المرور، ساعدت التقنيات المتطورة للعديد من الشركات، ومنها وول ستريت جورنال وباي بال وشوبيفاي ومايكروسوفت، على تجنب هذا الاختبار، من خلال استخدام رابط خاص يمكن إرساله عند طلب الدخول.
وفي دراسة حديثة، تبين أنّ احتمالات بدء استخدام خدمة معينة من خلال الحواسب الآلية يزيد بنسبة 44% لو سمح للأفراد باستخدام بصمة اليد، وبنسبة 35% لو كان هناك اختيار يسمح لهم بعدم إدخال كلمة مرور.
وفي حين يؤكد الخبراء الذين استعانت بهم وول ستريت جورنال عدم اختفاء طلبات إدخال كلمة المرور من عالمنا في 2022، يشير هؤلاء إلى أنّ هذا العام سيشهد خطوات واضحة في هذا الاتجاه.