وسط تراجع مخزونات القمح العالمية ومخاوف استخدام روسيا لسلاح القمح في الحرب الروسية الشرسة الجارية في أوكرانيا واحتمال وقف اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية ارتفعت أسعار القمح في العقود المستقبلية في كل من أوروبا وأميركا أمس الخميس.
ونسبت رويترز إلى سفير روسيا لدى الأمم المتحدة في جنيف قوله أمس الخميس إن موسكو قدمت مخاوف للأمم المتحدة بشأن اتفاق صادرات الحبوب من البحر الأسود وإنها مستعدة لرفض تجديد الاتفاق مالم تتم تلبية مطالبها. ويذكر أن اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية الذي وقع بوساطة تركية وإشراف من الأمم المتحدة يتم تجديده كل ثلاثة شهور. ووفق تجار فقد ارتفعت أسعار القمح للعقود المستقبلية في بورصة شيكاغو للسلع الأولية إلى 11.83 دولارا للبوشل، وهو أعلى مستوياتها السعرية منذ العام 2011. كما ارتفعت الأسعار في بورصة باريس "يورو نكست" إلى 416.25 يورو للطن المتري.
وحدث الارتفاع على الرغم من أن بيانات وزارة الزراعة الأميركية، أظهرت أن توقعات المعروض والاستهلاك للقمح الأميركي لعام 2022/ 2023 في سبتمبر/أيلول الماضي أعلى من توقعاتها السابقة.
وتتوقع وزارة الزراعة الأميركية أن يصل سعر البوشل خلال الموسم الجاري 2022 /2023 إلى 9 دولارات في المتوسط بالسوق الآجل. كما توقعت أن يتمكن الارتفاع في إنتاج القمح الروسي من تعويض النقص في إمدادات القمح العالمية ويزيد عنها، لترتفع الإمدادات العالمية إلى 1059.6 مليون طن متري وبزيادة 3.6 ملايين طن متري عن موسم العام الماضي.
من جانبها تتوقع وزارة الزراعة الروسية ارتفاع إنتاج القمح الروسي خلال موسم الشتاء للعام الجاري بنحو 3 ملايين طن متري إلى 91 مليون طن. وتشير التوقعات الرسمية في موسكو إلى أن روسيا أكبر مصدر للقمح في العالم ستتمكن من حصاد محصول قياسي من القمح خلال موسم العام الجاري.
من جانبه توقع اتحاد تجار الزراعة الأوكراني (UCAB) ، وهو اتحاد تجاري، أن يؤثر احتلال القوات الروسية لبعض الأراضي الأوكرانية وقرب الأراضي الزراعية من العمليات العسكرية والحقول الملغومة سلباً على إنتاج أوكرانيا من القمح.
وأدت الحرب الروسية حتى الآن إلى تقليل المساحة المزروعة من الحبوب هذا العام، ويتوقع الاتحاد حسب ما ذكرت "كابيتال. كوم" أن تؤدي الحرب إلى تراجع الإنتاج والصادرات من الحبوب. وفي ذات الصدد توقعت الحكومة الأوكرانية، أن يصل إنتاج البلاد من الحبوب إلى 50 مليون طن في عام 2022 مقارنة بـ86 مليون طن في عام 2021.
من جانبها تتوقع شركة "ماكينزي الأميركية، انخفاض إنتاج المحاصيل في أوكرانيا بنسبة 35 إلى 45 في المائة في موسم الحصاد المقبل بسبب انخفاض المساحة المزروعة والعمليات العسكرية المستمرة والألغام الأرضية، ونقص السيولة لدى المزارعين الذين لم يتمكنوا من شحن جزء كبير من محصولهم في العام الماضي وسط الحصار البحري على الموانئ من قبل القوات البحرية الروسية في البحر الأسود. كما ترى أن المحاصيل في أوكرانيا تأثرت كذلك خلال الموسم الحالي بزيادة تكاليف الوقود والأسمدة.
وبناء على هذه العوامل ترجح "شركة ماكينزي" الأميركية أن تنخفض صادرات الحبوب من أوكرانيا بما مجموعه 30 مليون إلى 44 مليون طن متري للسنة التسويقية 2022–23 مقارنة بمستوياتها قبل الحرب.
على صعيد المخزونات تتوقع وزارة الزراعة الأميركية أن تنخفض مخزونات القمح العالمية إلى 267 مليون طن في 2022/23، وهو ما يعني أنها ستتراجع إلى أدنى مستوى لها في ست سنوات وبنسبة 5% عن العام السابق.
وقدرت شركة ماكينزي أن تقديرات حجم الإنتاج العالمي من القمح في العام المقبل سيكون مشروطًا باستقرار ممر تصدير البحر الأسود، وبما إذا كانت الحكومة الروسية ستواصل العمل باتفاقية تصدير الحبوب.
وتقدر ماكينزي أن يشهد العالم عجزاً في المعروض من الحبوب يتراوح بين 23 مليون طن متري و40 مليونا في عام 2023. ولكنها لا تستبعد أن ينخفض العجز في الحبوب إذا لم تحدث مشكلة في الصادرات الأوكرانية.
ويأتي ارتفاع أسعار القمح والذرة رغم تأكيد منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ بالأمم المتحدة، مارتن غريفيث، يوم الاثنين، ثقته في إمكان تمديد اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، وذلك على الرغم من الضربات الانتقامية التي شنتها روسيا مؤخرا على أوكرانيا وعاصمتها كييف.
وقال غريفيث، في مؤتمر صحافي بجنيف نقلته رويترز، ردا على سؤال عن تأثير أحدث تصعيد في الحرب المستمرة منذ أكثر من سبعة أشهر على تمديد الاتفاق: "وجهة نظرنا في الأمم المتحدة هي أننا بالطبع يجب أن نسعى إلى تجديده، وأنا على ثقة بأننا سنشهد تمديده، لكن هناك حاجة أيضا إلى مدة تجديد تزيد على أربعة أشهر. نحتاج إلى تمديده لمدة عام".