أسباب تدفع البنك المركزي المصري لتثبيت سعر الفائدة في اجتماع الخميس

04 سبتمبر 2024
توقعات بخفض الفائدة في مصر قبل نهاية العام الحالي، القاهرة 24 مارس 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **اجتماع لجنة السياسات النقدية وتوقعات الفائدة**: من المتوقع أن يبقي البنك المركزي المصري على أسعار الفائدة دون تغيير للمرة الرابعة على التوالي، بسبب مخاوف من توجه المدخرين نحو الذهب والدولار وضغوط المستثمرين الأجانب.

- **التضخم وتأثيره على قرارات البنك المركزي**: معدلات التضخم المرتفعة تدفع البنك المركزي للحفاظ على سعر الفائدة المرتفع لكبح التضخم وجذب الاستثمار غير المباشر، مع توقعات بزيادة التضخم لأكثر من 30٪ في ديسمبر.

- **تحديات الاقتصاد المصري وآفاق المستقبل**: تواجه البنوك نقصاً في الخزائن المخصصة للذهب والدولار، بينما تستمر الاضطرابات الجيوسياسية في الضغط على الاقتصاد. يستهدف المركزي المصري خفض التضخم إلى 9٪ بنهاية 2024.

تعقد لجنة السياسات النقدية في البنك المركزي المصري اجتماعها مساء غد الخميس، وسط توقعات تجمع على بقاء أسعار الفائدة السائدة منذ مارس/آذار الماضي دون تغيير، للمرة الرابعة على التوالي. يأتي إجماع محللي البنوك وخبراء اقتصاد وصناعة، على عدم قدرة البنك المركزي على خفض سعر الفائدة، خشية توجه أصحاب المدخرات إلى التخلص من الجنيه وزيادة الإقبال على اكتناز الذهب والدولار، للحفاظ على ما تبقى لديهم من نقود بالعملة المحلية، بالتوازي مع وجود مخاوف من ضغوط المستثمرين في أذون الخزانة والسندات من الأجانب على طلب الدولار والخروج من أدوات الدين المحلية، وتوقع موجات تضخمية جديدة، تحول دون قدرة المركزي على خفض الفائدة. 

أجمع رؤساء بنوك ومؤسسات مالية كبرى في استطلاعات رأي، حول سعر الفائدة المتوقع، على بقاء السعر دون تغيير. يبلغ سعر الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة 27.25٪ و28.25٪، على الترتيب، بينما يبلغ سعر الائتمان والخصم والعمليات الرئيسية للبنك المركزي 27.25٪.

قالت المحللة المالية حنان وجدي مديرة إدارة الأصول بـ"الأهلي للاستثمارات"، إن "البنك المركزي المصري سيتجه إلى تثبت سعر الفائدة، للمرة الرابعة، مع إمكانية أن يتجه إلى تخفيضها قبيل نهاية العام، حيث ينتظر تخفيض البنك الفيدرالي الأميركي، سعر الفائدة على الدولار، وترقب مستويات التضخم التي ستشهدها البلاد، في ضوء تأثر السلع بارتفاع أسعار المحروقات والكهرباء خلال الأيام المقبلة". 

التضخم يضغط على البنك المركزي المصري

وأوضحت وجدي لـ"العربي الجديد" أن "معدلات التضخم المرتفعة ستدفع البنك المركزي المصري إلى المحافظة على سعر الفائدة المرتفع دون تغيير، تحسبا للآثار المترتبة على تخفيض الفائدة على الدولار، والتي ستدفع المستثمرين إلى التوجه بأموالهم نحو الأسواق الناشئة، ومن بينها مصر، لتحقيق فائدة أكبر"، مؤكدة أن "البنك المركزي اتخذ من سعر الفائدة وسيلة لكبح التضخم، وجذب الاستثمار غير المباشر بأدوات الدين، وتخفيف الضغط على طلب الدولار، منذ الربيع الماضي".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويعتبر محللو بنوك أن الحديث عن تراجع أسعار الفائدة في ظل خسارة الجنيه 50٪ من قيمته أمام العملات الرئيسية، منذ مارس 2024، ومعدلات تضخم تتجه للصعود إلى معدلات قياسية، بلغها عام 2023، أمر سابق لأوانه. وفي اجتماع طارئ، شهد تعويما رابعا للجنيه في مارس/آذار 2024، رفعت لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي، سعر الفائدة بنحو 600 نقطة أساس دفعة واحدة، لتصل إلى 27.25٪ بزيادة 200 نقطة عن شهر فبراير/شباط 2024 و1900 نقطة عن المعدلات السائدة، حتى مارس 2022. 

ويرجع خبراء بنوك محافظة البنك المركزي المصري على سعر الفائدة، في ظل استمرار التضخم عند معدلات مرتفعة، رغم تراجعها النسبي في يوليو/تموز الماضي إلى 25.7٪ من 27.5٪ لشهر يونيو/حزيران 2024، على أساس سنوي، فإن صافي العائد للفائدة الحقيقية، للعائد على المدخرات، في حده الأقصى عند 25٪، يظل بالسالب. 

وفي استطلاع لـ"العربي الجديد"، توقع اقتصاديون أن يعاود منحنى التضخم صعوده من جديد، ليزيد عن 30٪، في ديسمبر/كانون الأول المقبل، متأثرا بالارتفاع الكبير بأسعار الوقود والكهرباء والغاز، والتي تسببت بموجات غلاء بوسائل النقل والمواصلات والسلع الغذائية والأساسية، وبدأ تأثيرها واضحا في تكاليف التشغيل بالمصانع، بما اضطر الشركات الصناعية والإنتاجية والخدمية، حيث يتم نقل جزء من التكلفة إلى السلع والمنتجات، والتي ستظهر آثارها العنيفة بكافة الأسواق، خلال الأسابيع المقبلة.

واتجهت الحكومة إلى رفع سعر الدواء بمعدلات كبيرة تبدأ من 30٪، وتزيد عن الضعف لنحو 1200 صنف دوائي، عقب زيادة سعر الخبز المدعم بنسبة 300٪، في شهر يوليو الماضي، واكبته زيادة بتكلفة الخبز الحر، وتقليص السلع التموينية، بإزالة مخصصات السكر نصف المدعوم، وإزالة نحو 20 مليون مواطن من كشوف المستحقين للدعم، بدعاوى تجديد الكشوف، وارتكاب البعض لمخالفات البناء وسرقة التيار الكهربائي وشراء سيارات حديثة، أو تعليم الأبناء بمدارس خاصة تزيد قيمة رسومها عن 20 ألف جنيه سنويا. 

طرح أذون خزانة بفائدة مرتفعة

ودفع البنك المركزي الأحد الماضي، عائدا على أذون الخزانة محلية لمصلحة وزارة المالية، لأجل ثلاثة أشهر بلغ 29.62٪ ارتفاعا من 29.62٪ بالعطاء السابق، في استجابة لضغوط المستثمرين، الراغبين في إحراز عائد مرتفع. وأكد بيان البنك المركزي تقدم المستثمرين بطلبات شراء أذون خزانة لتمويل عجز الموازنة بقيمة 140.8 مليار دولار بسعر عائد وصل إلى 33٪ على الأذون بالجنيه المصري. 

وأشار بيان للبنك المركزي إلى أن زيادة الطلب على الدولار من الأجانب الذين انسحبوا من سوق أذون الخزانة الأسبوع الجاري، دفعته إلى رفع العائد على الأذون لمستويات قياسية جديدة، بلغ 33٪ لكبح موجات الخروج الجماعي للأموال الساخنة، بما يعكس عدم قدرة البنك المركزي على اتخاذ قرار بخفض الفائدة بالبنوك، وضمان استمرار العوائد المرتفعة لشهادات بنكي الأهلي ومصر التي توزع بنسبة 25٪، وكسر موجات الهروب من حيازة الجنيه، التي ارتفعت وتيرتها بلجوء أصحاب المدخرات إلى اكتناز الذهب والدولار. 

وتواجه البنوك نقصا حادا في الخزائن المخصصة لخدمة الجمهور، التي شهدت إقبالا كبيرا لاستخدامها في تخزين الذهب والدولار والأوراق المهمة. ويبدي محللون تفاؤلا بقدرة الاقتصاد الكلي على النمو مع بداية عام 2025، تدفع البنك المركزي إلى السيطرة على التضخم، بعدم التسرع بخفض الفائدة، بينما يخشى آخرون استمرار حالة الاضطراب الجيو سياسية التي تعيشها المنطقة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتوجه إسرائيل نحو توسعة دائرة الحرب إقليميا.

وتواصل تلك الاضطرابات ضغوطها على البلاد، المتأثرة بتراجع عوائد قناة السويس والسياحة، وارتفاع تكاليف الواردات، وصعوبة الحصول على قروض ميسرة مع انتهاء الدعم غير المشروط من دول الخليج للاقتصاد، بما يدفع الحكومة إلى خفض معدلات الدعم للسلع والكهرباء والمحروقات، قبيل نهاية العام مرة أخرى، بما يمكن أن يخلف موجات تضخمية جديدة. 

خفض الفائدة بانتظار قرار المركزي الأميركي

ويقرن خبراء تخفيف السياسات النقدية واتجاه البنك المركزي المصري نحو خفض أسعار الفائدة، بنهاية العام الجاري، حال تنفيذ الفيدرالي الأميركي خطته المرتقبة بخفض الفائدة على الدولار، بما يمكن أن يصب في مصلحة الجنيه، على المدى القريب، ويخفف الضغط عليه لمصلحة الدولار.

وأعرب نائب رئيس جمعية رجال الأعمال محمد هلال لـ"العربي الجديد" عن أمله في تراجع معدلات الفائدة، لإنقاذ القطاع الصناعي والإنتاجي من الركود التضخمي الذي يسود الشركات وسلاسل التوزيع، من جراء عدم قدرة المستثمرين على تمويل عمليات التشغيل وشراء مستلزمات الإنتاج وملاحقة موجات التضخم العالية، التي تترتب على زيادة أسعار السلع والخدمات والضرائب وتكاليف العمالة والشغيل.

ويستهدف المركزي المصري خفض معدلات التضخم إلى 9٪ نهاية العام 2024، مع الحفاظ على تضخم بمتوسط 7٪ ±2٪ بحلول شهر ديسمبر، باستخدام سياسات التشدد النقدي التي ينتهجها منذ فبراير 2022، مع بعض المرونة في تحديد سعر الصرف وتوفير الدولار أمام طالبيه، وفقا للاتفاق الموقع مع صندوق النقد الدولي في مارس 2024. 

المساهمون