على وقع جدل ساخن في مصر، قال رئيس هيئة قناة السويس أسامة ربيع، الخميس، إن الهيئة تسعى إلى "تكوين شراكات مع مستثمرين أجانب في مشروعاتها، ولكن هذا لا يعني تدخلهم في إدارة القناة، لأن الهيئة ستملك النصيب الأكبر من أي شراكات"، نافياً "تفريط الدولة في ملكية وأصول قناة السويس أو إدارتها، لا سيما مع تضحيات الأجيال السابقة، سواء في حفرها أو تأميمها، والحروب التي دخلتها مصر من أجل القناة".
وأضاف ربيع، في مؤتمر صحافي عقده بمقر الهيئة، رداً على المخاوف المثارة بشأن التنازل عن ملكية القناة بعد إنشاء صندوق خاص بها، بموجب تشريع حظي بموافقة مبدئية من البرلمان، أن "الصندوق لا علاقة له بأصول الهيئة، أو يوجد تداخل بينهما، لأنه لا يمكن الاقتراب من القناة نفسها وميزانيتها أبداً"، مستطرداً "الدولة لا تملك مطلقاً بيع أو تأجير أو رهن القناة مقابل الاقتراض، لأنها مملوكة للمصريين، ولا مجال لكل ما يُثار من جدل حول بيعها".
وتابع: "فكرة تأسيس صندوق قناة السويس تعود إلى عام 2019، والسيادة ستبقى أولاً وأخيراً لمصر والمصريين على القناة التي افتتحت عام 1869، واشترك في حفرها ربع سكان الشعب المصري، وقد استشهد منهم قرابة 120 ألف شخص. والصندوق ليس له علاقة بمرفق القناة أو ميزانيتها أو مشروعاتها، وإنما كيان مستقل بميزانية مستقلة، وسيخضع للمراقبة من أكثر من جهة".
وزاد ربيع: "القناة حققت إيرادات سنوية تقدر بـ7.9 مليارات دولار بزيادة 25% عن العام السابق، والجزء الأكبر من هذه الإيرادات يذهب إلى خزانة الدولة، ممثلاً في الفائض والضرائب والإتاوات، مقابل جزء أقل يخصص للمشروعات الاستثمارية والتشغيل والمرتبات والوقود. وموازنة الهيئة ترسل إلى وزارة المالية، والجهاز المركزي للمحاسبات، حتى يصدق عليها في مجلس النواب بعد مراجعتها من لجنة الخطة والموازنة في المجلس".
وأكمل: "كل ما سنفعله هو احتجاز جزء من الإيرادات السنوية للقناة في الصندوق من أجل الطوارئ، أو تنفيذ الشراكات مع المستثمرين في مجالات مثل بناء السفن والأحواض والترسانات. وسيكون ذلك بعد الاعتماد على بيوت خبرة ودراسات جدوى، والاستعانة بالمراقبين الماليين والمتخصصين القانونيين".
وحول تصريحات الرئيس السابق لهيئة قناة السويس، مهاب مميش، حول فتح القانون الباب للأجانب في إدارة القناة، قال ربيع: "الفريق مهاب له كل الاحترام، ولكن مشروع قانون إنشاء الصندوق تمت دراسته بصورة جيدة، سواء من الهيئة أو وزارة المالية أو المستشارين في رئاسة مجلس الوزراء. وأؤكد أنه لن يسمح بوجود أجانب في إدارة القناة، لأن كل العاملين بها من المصريين حالياً، ولن نسمح بتغيير هذه الهوية، أو أن يكون لمستثمر أجنبي الحق في السيطرة على مرفق القناة".
واستطرد: "الشراكات المستهدفة للصندوق ستكون مع مستثمرين خليجيين وأجانب، وسيكون للهيئة النسبة الأكبر فيها وليس للمستثمر الأجنبي، حتى تبقى السيادة مصرية على القناة. وأصول المرفق حق سيادي يكفله الدستور، ولا يستطيع أحد أن يقترب منه، لأن كلمة بيع الأصول الواردة في القانون عائدة على الصندوق وليس الهيئة، والتي لا يجوز لنا التفريط فيها أو بيع أصولها وفقاً للدستور".
ونصت المادة 43 من الدستور المصري على أن "تلتزم الدولة بحماية قناة السويس وتنميتها، والحفاظ عليها بصفتها ممراً مائياً دولياً مملوكاً لها. كما تلتزم بتنمية قطاع القناة، باعتباره مركزاً اقتصادياً متميزاً".
وكان مميش، الذي يعمل مستشاراً للرئيس عبد الفتاح السيسي لشؤون الموانئ، قد فتح النار على المشروع المقدم من الحكومة بشأن تعديل قانون هيئة قناة السويس، والذي يهدف إلى خصخصة ملكية القناة بإنشاء صندوق تابع لها، ومنحه سلطة تأسيس الشركات مع الغير، والاستثمار في الأوراق المالية، وشراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال أصولها الثابتة والمنقولة.
وتسببت تصريحات منسوبة لمميش في صحف محلية في أزمة مكتومة داخل أروقة النظام، قال فيها إن القانون المعروض على البرلمان "يفتح الباب أمام سابقة لم تحدث منذ عقود طويلة، وهي وجود أجانب في إدارة قناة السويس تحت مسمى الاستثمار". ما دفع صحيفة "المصري اليوم" إلى حذف تصريحاته بعد ساعات قليلة من نشرها على موقعها الإلكتروني.
واختص مشروع القانون صندوق الهيئة بأداء جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، على أن يقدر رأس ماله المرخص به بمائة مليار جنيه مصري (نحو 4 مليارات دولار)، ورأس مال مصدر ومدفوع يبلغ عشرة مليارات جنيه تسدد من هيئة قناة السويس. وتجوز زيادة رأس مال الصندوق نقداً أو عيناً بموافقة الجمعية العمومية له، ووفقاً للضوابط والإجراءات الواردة بالنظام الأساسي للصندوق.
وتتكون موارد الصندوق من رأس ماله، ونسبة من إيرادات هيئة قناة السويس، أو تخصيص جزء من فائض أموال الهيئة لصالح الصندوق بعد الاتفاق مع وزير المالية في بداية كل عام مالي، إضافة إلى عائد وإيرادات استثمار أموال الصندوق، والموارد الأخرى التي تحقق أهدافه، ويقرّها مجلس الإدارة، ويصدر بقبولها قرار من رئيس الوزراء.