تشهد مناطق سيطرة النظام السوري منذ أكثر من أسبوعين أزمة حادة في الوقود أسفرت عن شلل كبير في المواصلات، وتوقف الكثير من الفعاليات والصناعات والأعمال.
وتتزامن الأزمة مع فصل الشتاء، وازدياد الطلب على مادة المازوت للتدفئة، حيث يمر الشتاء باردا على السكان الذين يعانون للحصول على التدفئة.
بداية الأزمة
وبدأت مؤشرات فقدان الوقود في أغسطس/ آب الماضي، عندما أعلن النظام رفع أسعار البنزين المدعوم بنسبة 130%، ليبلغ 2500 ليرة سورية (نحو نصف دولار)، لترتفع معها أسعار مشتقات النفط الأخرى في السوق السوداء.
والأسبوع الماضي، رفع النظام أسعار المازوت للفعاليات الاقتصادية إلى 5400 ليرة تركية (الدولار يعادل 18,6 ليرات)، كما رفع سعر البنزين إلى 4900 (نحو 1 دولار) .
وأعلن النظام السوري، الثلاثاء، تعطيل العمل بالجهات العامة (الدوائر الرسمية) يومين إضافيين بالأسبوعين المقبلين، بسبب أزمة الوقود التي تعصف بمناطق سيطرته.
والأربعاء، أعلن اتحادا كرة القدم وكرة السلة التابعان للنظام السوري وقف جميع فعالياتهما الرياضية لجميع الدرجات والفئات العمرية نتيجة أزمة الوقود الحادة .
وأدى خروج معظم حقول النفط من سيطرة النظام منذ نحو 8 سنوات واستخدام جزء كبير من المخزون من مشتقات النفط في العمليات العسكرية ضد معارضي النظام، إلى إفراغ مخزونات الوقود، ما دفع النظام للاعتماد على موردين خارجيين لتأمين مشتقات النفط.
وشهدت مناطق النظام أزمات وقود مماثلة بحدة أقل خلال السنوات الماضية، أسعفتها إيران في قسم منها، من خلال إرسال المشتقات عبر البحر إلى الموانئ السورية.
أزمة الوقود تشل الحياة في سورية
وأفادت مصادر من مناطق سيطرة النظام، طلبت عدم ذكر اسمها لأسباب أمنية، بأن الحياة شبه متوقفة في الشوارع، ولم يعد قادرا على استخدام سيارته في التنقل سوى الغني، كما توقفت الرحلات بين المحافظات بشكل شبه كامل، بسبب انعدام مادة المازوت.
وأوضحت المصادر أن الغالبية العظمى من المواطنين غير قادرين على تأمين مازوت التدفئة، بسبب انخفاض مخصصات المازوت المدعوم من 200 لتر للعائلة إلى 100 لتر سنوياً، فيما ارتفع سعر المازوت في السوق السوداء إلى أكثر من 5 آلاف ليرة للتر (نحو 1 دولار) هذا إن وجد، فيما يتراوح معدل الرواتب الشهرية بين 20 إلى 35 دولارا.
ودفع فقدان مادة المازوت المواطنين للاستعانة بطرق بديلة للتدفئة، منها الحطب وقشور الفستق، وغيرها من الوسائل غير الصحية والخطرة.
وأشارت المصادر إلى أنه لا توجد مؤشرات على توفر الوقود في المدى المنظور، وأن حكومة النظام لم تعلن عن أي خطة أو توقيت لعودة الوقود إلى الأسواق، ما شكل حالة من اليأس لدى المواطنين.
وذكرت المصادر أن كثيرا من الطلاب لم يعد بإمكانهم الذهاب إلى مدارسهم وجامعاتهم، بسبب عدم توفر المواصلات، كما توقفت الكثير من الأعمال، ما أسهم في تردي الوضع الاقتصادي للمواطن بشكل أكبر من قبل.
وأكدت أن المواطنين يدركون أن النظام غير قادر على فعل شيء، لذلك فهم يوجهون أنظارهم إلى إيران، آملين في أن تزود طهران حليفها بالمشتقات النفطية في أقرب وقت.
أسباب أزمة الوقود في سورية
وأوضح الخبير الاقتصادي السوري يونس الكريم، أن "هناك عددا من الأسباب لأزمة الوقود في مناطق النظام، منها داخلية وأخرى خارجية، فداخلياً هناك صراع بين أمراء الحرب داخل النظام على تجارة النفط، وخاصة بين رجل الأعمال حسام قاطرجي الذي ينقل النفط من مناطق الوجود الأميركي شرقي سوريا، وأسماء الأسد التي تسعى إلى خصخصة قطاع النفط".
وأشار الكريم إلى "عدم توافر الأموال لدى النظام لدفع ثمن النفط القادم من شرقي سورية، موضحاً أنه "حتى إيران طلبت دفع ثمن مشتقات النفط مسبقاً قبل إرساله".
وبيّن أن الأسباب الخارجية للأزمة تتمثل في فشل تعويم النظام عربياً ودولياً، وانشغال حليفي النظام، إيران بالملف النووي وروسيا بالحرب في أوكرانيا، وعدم فعالية المنظمات الدولية داخل مناطق سيطرة النظام الذي يحرم النظام من كميات كبيرة من السيولة.
ولفت إلى أن أيا كانت الطريقة التي سيتبعها النظام لتجاوز الأزمة ستكون على حساب المواطن، حيث سيجري ترسيخ أسعار الوقود المرتفعة، وخصخصة القطاع، وانقطاع الدعم.
وأعرب الكريم عن اعتقاده بأن النظام يسعى إلى تحرير الاقتصاد السوري كاملا، وهذا سيجلب الكوارث على المواطنين في مناطق سيطرته حيث يرزح 90% منهم تحت خط الفقر، بحسب الأمم المتحدة.
(الأناضول)