أزمة المحروقات تفاقم خسائر قطاعي الزراعة والصناعة شمال شرقي سورية

01 سبتمبر 2022
مخاوف مرتبطة بري المحاصيل (Getty)
+ الخط -

تزداد خسائر المزارعين والصناعيين في أقصى مناطق شمال شرقي سورية، الغنية بالثروة النفطية، وذلك بسبب نقص كميات الوقود التي يحتاجونها.

ويعتمد المزارعون بالدرجة الأولى على المحروقات في عملية ريّ المحاصيل ونقلها، وانخفاض كميات الوقود انعكس سلبا على الإنتاج والأسعار لديهم.

ومع نقص كميات الوقود،  يعاني الصناعيون في المنطقة أزمة مشابهة لأزمة الفلاحين، أدت لتراجع إنتاجهم وضعفه، مسببة أيضا تراكم الخسائر، مع توجههم لحلول غير مجدية من الناحية الاقتصادية، الهدف منها المحافظة على سير عملهم. 

ويلجأ الفلاحون والصناعيون لشراء الوقود من السوق السوداء بأسعار مضاعفة، كونهم لا يحصلون على كامل مستحقاتهم المخصصة من قبل "الإدارة الذاتية"، الجناح المدني لـ"قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، مع تجاهل النظام السوري أي خطط دعم من شأنها منع انهيار قطاعي الزراعة والصناعة في المنطقة. 

ومنطقة الجزيرة السورية، التي تضم أجزاء من محافظات الرقة ودير الزور والحسكة، تعتبر السلة الغذائية لسورية، نظرا لتركز زراعة القمح فيها، إضافة لتركز معظم الثروة النفطية في المنطقة، والمتوفرة بكميات تغطي حاجة الصناعيين والمزارعين فيه. 

مشكلات وخسائر

وتستخدم المحروقات من قبل الفلاحين في تشغيل مضخات المياه لري المحاصيل الزراعية الموسمية، أما الصناعيون فيعتمدون عليها في تشغيل مولدات الكهرباء التي تمكنهم من العمل، نظرا لكون الكهرباء التي يزود بها النظام مدن وبلدات المنطقة شحيحة للغاية، وقد تصل إليهم ساعة واحدة في اليوم، كما يؤثر الأمر على أصحاب المحال التجارية الصغيرة، حيث يسبب لهم تلف بعض المنتجات الغذائية التي تحتاج لحفظ بدرجات حرارة منخفضة في البرادات. 

محمد الجاسم لديه معمل صغير لصنع قوالب الثلج بريف مدينة القامشلي، يواجه أزمة في توفير الوقود، ويضطر لزيادة سعر المنتج المعروض لديه للحد من الخسائر. وقال لـ"العربي الجديد": "لدينا معمل ثلج مخصصاته بالشهر 18 ألف ليتر من المازوت، في الشهر الحالي وحتى تاريخ 20 أغسطس/ آب، أعطونا فقط 3500 ليتر من المازوت. لدي محركان يشغلان المعمل على مدار 24 ساعة، وعمل المحركين يكون على التناوب".

أضاف: "في الوقت الحالي، نبيع قالب الثلج بمبلغ 2500 ليرة، بينما يبلغ سعر المفرق للقالب الواحد 3000 ليرة، وبالتالي العملية خاسرة في حال شراء المازوت من السوق السوداء، وإذا أوقفنا العمل، فإن الخسارة اليومية تبلغ حوالي مليوني ليرة سورية، تتضمن الإيجارات ورواتب العمال وخسارة المبيعات. ونحو 60 بالمئة من تكاليف ومصاريف معمل إنتاج قوالب الثلج يعود للمحروقات". 

وقال المزارع عبد العزيز حسن، من ريف ناحية القحطانية، أقصى شمال شرقي سورية، لـ"العربي الجديد": "نعاني في القطاع الزراعي من قلة المستحقات المخصصة لنا من المحروقات وسوء وتأخر في توزيعها.. زرعت 9 هكتارات محصولاً صيفياً وثلاثة هكتارات باذنجاناً ألماسياً وستة هكتارات ذرة".

بخصوص المازوت، يقول: "يعطونني دفعة واحدة كل 15 يوماً 1400 ليتر مازوتاً. علما أنه لديّ رخصة لثلاثة آبار، منها بئران سطحيتان تعطيان الماء فقط ساعتين في الصيف وتجفان، لذلك أعتمد في عملي على الأغلب على البئر البحرية. يعطونني فقط 1400 ليتر مازوتا كل دفعة في 15 يوماً. الدفعة الثالثة استلمتها اليوم بعد عشرين يوماً".

تابع المزارع: "الموضوع خسارة بخسارة، وعندما نضطر لشراء المازوت من السوق السوداء لسقاية المزروعات تتعاظم التكلفة. مع العلم أن الذرة والباذنجان الألماسي يحتاجان إلى سقاية مثل سقاية القطن تصل إلى 10 مرات خلال فترة الإنتاج. وسعر الليتر الواحد من المازوت في السوق السوداء يبلغ 1200 ليرة سورية، بينما نشتريه من مديرية المحروقات بـ410 ليرات سورية". 

وأردف حسن: "مع العلم أن زملاء لنا من المزارعين والصناعيين يشترون نفس نوع المازوت في مناطق أخرى، مثل منبج، الليتر بـ110 ليرات سورية فقط" .

ثغرات في السياسات

وأكد الخبير والمهندس الزراعي أكرم حسو، لـ"العربي الجديد"، أن السياسة الزراعية في شمال شرق سورية لم تنضج بشكل كامل، لوجود ثغرات كبيرة نتيجة السياسات الارتجالية للمعنيين القائمين على هذا القطاع، الذي يشكل الدعامة الأساسية للاقتصاد المجتمعي في ميثاق العقد الاجتماعي في شمال وشمال شرق سورية، فـ"هذا القطاع يعاني أزمات خانقة".

وقال: "هناك ثغرة المازوت والأسمدة والدعم المالي، لم ترتق هذه الأمور إلى طموحات المزارع، وبالتالي الأمر له تداعيات كارثية على عجلة الاقتصاد في شمال وشرق سورية". 

وفي ما يخص المحروقات، قال حسو: "هناك خلل ونقص في إمدادات هذه المادة للمزارعين كون المحاصيل التكثيفية والصيفية لحد الآن لم تستطع الحصول على عشر مخصصاتها المقررة في الخطة الزراعية، وبالتالي الأمر له تداعيات كون الفلاح وجميع العاملين في هذا القطاع يلجأون إلى السوق السوداء للحصول على هذه المادة".

المساهمون