أزمة "الفكة" تتجدد في غزة

13 مارس 2023
أزمة العملات المعدنية تتجدد مع اقتراب المناسبات والأعياد (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

تعود أزمة "الفكة" إلى الظهور مجدداً في قطاع غزة، إذ يخلق اكتناز العملة النقدية المعدنية أزمة سنوية، تبدأ مع اقتراب موسم شهر رمضان، والأعياد، مخلفة حالة من التعقيد في العمليات التجارية والاقتصادية.

ويتهافت عدد كبير من التجار على اكتناز "الفكة" قبيل المواسم التجارية، اعتقاداً منهم بأنها هامة في تسهيل عمليات البيع الخاصة بمتاجرهم، وكذلك في العيديات، بينما تسبب هذه الظاهرة حالة من البلبلة داخل الأسواق.

ويرى خبراء اقتصاد أنّ أزمة الفكة التي تطفو على السطح مع اقتراب حلول شهر رمضان يسببها بعض التجار، على الرغم من أنّهم لا يفضلون توافرها بكميات كبيرة في باقي العام، بل يسبب توافرها بتلك الكميات حالة من الأعباء التشغيلية، والتكاليف الإضافية.

ويقول الخبير الاقتصادي أحمد أبو قمر، إن السوق يعاني جراء الثقافة النقدية السلبية لدى شريحة من التجار، المسببين بشكل بارز لتفاقم أزمة السيولة واختفاء الفكة من الأسواق، إذ يخزنون كميات كبيرة من العملات المعدنية لضمان تسيير عجلة البيع والشراء خلال الموسم. ويوضح أبو قمر لـ"العربي الجديد" أنه رغم ظهور أزمة الفكة مجدداً، فإنها أقل حدة من السنوات الماضية، بخاصة بعد إدخال سلطة النقد الفلسطينية في منتصف العام الماضي نحو 160 مليون شيكل إلى المصارف العاملة في قطاع غزة، وبما يشمل الفئات الصغيرة والفكة من تلك العملة.

ولا يُعفي أبو قمر الاحتلال الإسرائيلي من الأزمة، بسبب سياسة الحصار المالي والاقتصادي التي يتبعها، وتعنته في إدخال القطع النقدية المعدنية، مبيناً أن سلطة النقد الفلسطينية تتحمل أيضاً جزءاً من الأزمة، داعياً إياها للضغط على الاحتلال، وإلزامه بالاتفاقيات الموقعة، التي تضمن إدخال ما يحتاجه السوق من عملات وفكة.

من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي عمر شعبان، لـ"العربي الجديد" إنّ الأزمة ترجع إلى عدم توافر كميات كافية من عملة الشيكل في قطاع غزة، مع وجود كميات كبيرة من العملات المكتنزة والخاملة في البنوك، التي يرفض الجانب الإسرائيلي استقبالها، لافتاً إلى أن سوق غزة مغلق، ولا يتمتع بحركة مفتوحة للأموال.

ويُنبه شعبان إلى أنّ نقص السيولة المعدنية في الأسواق، يدفع التجار والمواطنين إلى اكتناز كميات منها لتسهيل تعاملاتهم التجارية وعمليات البيع والشراء، لكنّ هذه الظاهرة تندرج تحت مبدأ تجميد الثروة، التي تؤثر بالتالي في العجلة الاقتصادية. إلّا أنه لا يرى حلاً جذرياً للأزمة الموسمية، خصوصاً أن الفلسطينيين يتعاملون مع عملة ليست عملتهم، ولا يمكنهم السيطرة عليها أو على حركتها.

في الأثناء، يؤكد الباحث الاقتصادي سيف الدين عودة، أنه باستثناء المواسم تتوافر العملة النقدية المعدنية بشكل اعتيادي، بل وفي بعض الأحيان تشكل عبئاً تشغيلياً لدى بعض الشركات ولدى المودعين والبنوك، كذلك لدى شركات البيع بالجملة أو التجزئة (المفرق)، ولدى محطات البترول وشركات الوقود، المُتعاملة بالعملات المعدنية، وخصوصاً عند الذهاب بكميات كبيرة من الفكة إلى البنك، فيما يدفع صاحبها عمولات وتكاليف إضافية عند الذهاب لإيداعها في البنوك، بسبب العبء الذي تسببه.

ويشير عودة إلى أن من وسائل معالجة الأثر السلبي لاكتناز العملة المعدنية واختفائها من الأسواق، اللجوء إلى وسائل الدفع الإلكتروني، واستخدام المحافظ الإلكترونية في الدفع، ولا سيما في ضوء انتشار واضح لنقاط البيع الإلكترونية وترخيص العديد من شركات الدفع عبرها، ما يسهم في تسهيل إتمام المعاملات وتجاوز مشكلة عدم توافر "الفكة" وعدم وقوع المواطن ضحية لأخذ عملات معدنية تالفة لا يقبلها التجار.

المساهمون