أزمة الحبوب الأوكرانية تؤرق العالم: مخاوف من موت الملايين جوعاً

09 يونيو 2022
تزايد القلق من تناقص صادرات الحبوب (Getty)
+ الخط -

تؤرق أزمة الحبوب الأوكرانية دول العالم، وسط مخاوف من تأثيراتها على زيادة معدلات الجوع، خاصة في الدول المأزومة، إضافة إلى استمرار النقص في عدد من السلع في غالبية البلدان.

ويأتي ذلك مع ازدياد التشاؤم حول الاتفاق مع روسيا على توفير ممرات آمنة لتصدير الحبوب من الموانئ الأوكرانية.

وقال الكرملين الخميس إنه لم يتم التوصل إلى اتفاق مع تركيا بشأن تصدير شحنات الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود. وأبلغ المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف الصحافيين بأن العمل مستمر من أجل الوصول لاتفاق.

وسيطرت روسيا على أجزاء كبيرة من الساحل الأوكراني في الحرب المستمرة منذ نحو 15 أسبوعا، وتسيطر سفنها الحربية على البحر الأسود وبحر أزوف، مما يعطل صادرات أوكرانيا الزراعية ويدفع أسعار الحبوب للارتفاع.

وحذر لويجي دي مايو وزير الخارجية الإيطالي من حصار الموانئ الأوكرانية، وقال إن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة لحلحلة الوضع، و"ننتظر مؤشرات واضحة وملموسة لأن عرقلة صادرات القمح يعني إبقاءها رهينة، وقد يتسبب بموت الملايين".

تراجع صادرات الحبوب

وتحدث الوزير دي مايو، في ختام مؤتمر وزاري حول الأمن الغذائي في الدول المتوسطية، بمشاركة منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) قائلا: "الحرب في أوكرانيا يجب أن تتوقف بأي ثمن"، مضيفاً: "إذا لم يكن ذلك ممكناً فإن الأطراف المعنية يجب أن تخضع لضغوط للسماح بتصدير آمن للحبوب ومنتجات أساسية أخرى دون أي تأخير".

وتابع: "لا يمكن للعالم أن يبقى تحت رحمة أزمات عسكرية في أوروبا أو مناطق أخرى في العالم".

وبالفعل، أظهرت بيانات وزارة الزراعة الأوكرانية الخميس أن صادرات الحبوب انخفضت بنحو النصف في الأيام السبعة الأولى من يونيو/ حزيران بالمقارنة بالفترة نفسها من 2021 إلى 252 ألف طن.

وأوضحت البيانات أن هذه الكمية شملت 225 ألف طن من الذرة و17 ألف طن من القمح وتسعة آلاف طن من الشعير.

وكانت أوكرانيا تصدر ما يصل إلى ستة ملايين طن شهريا من الحبوب قبل الغزو الروسي لها يوم 24 فبراير/ شباط، والذي تصفه روسيا بأنه عملية عسكرية خاصة.

وتراجعت الكميات منذ ذلك الحين لنحو مليون طن بعد أن أُجبرت أوكرانيا، التي كانت عادة ما تصدر أغلب بضائعها عن طريق الموانئ البحرية، على نقل الحبوب بالقطارات إلى حدودها الغربية أو عبر الموانئ الصغيرة على نهر الدانوب.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الخميس، إن الملايين قد يعانون من الجوع بسبب إغلاق روسيا للموانئ الأوكرانية على البحر الأسود. وحذر من أن العالم على شفا "أزمة غذاء مروعة".

وتابع في بيان بثه التلفزيون أن "أوكرانيا غير قادرة" على تصدير القمح والذرة والنفط ومنتجات أخرى، و"قد يتضور ملايين الناس جوعا إذا استمر الحصار الروسي في البحر الأسود".

إلا أن سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي، دعا اليوم أوكرانيا إلى التوقف عن المماطلة في تصدير الحبوب للخارج، مطالبا إياها بالتوقف عن مطالبة الغرب بإمدادها بالسلاح.

وقال لافروف، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الأرميني أرارات ميرزويان، إن محاولات تركيا إقناع أوكرانيا بضرورة التوقف عن المماطلة في تصدير الحبوب تعتبر أمرا إيجابيا للغاية، لافتا إلى أنه يأمل أن يدرك الأوكرانيون أنه "لا بديل عن حل هذه القضية على هذا الأساس لأنه مفهوم ومعقول وموضوعي".

وأكد أن بلاده أعلنت عن ممرات آمنة يمكن لأي سفينة تحمل حبوبا استخدامها دون أن تتعرض لأي تهديد، وممرات آمنة للسفن التي تنتظر في موانئ البحر الأسود، لكن شرط أن يقوم الأوكرانيون بإزالة الألغام من السواحل الخاضعة لسيطرتهم.
وكان وزير الخارجية الروسي قد قال أمس الأربعاء، عقب محادثات في أنقرة، إن موسكو ستنظر في كيفية ترجمة الاتفاقات الأولية بشأن تصدير الحبوب من أوكرانيا، التي نوقشت في تركيا، إلى أفعال عملية، موضحا أن "المشكلة الرئيسية هي أن كييف رفضت رفضا قاطعا حل مشكلة الألغام في الموانئ".

ارتفاع تكاليف المعيشة

وتتهم أوكرانيا والغرب موسكو باستخدام إمدادات الغذاء كسلاح. وتقول روسيا إن الألغام الأوكرانية المزروعة في البحر والعقوبات الدولية المفروضة عليها هي السبب في تعطيل الصادرات.

ولفتت الأمم المتحدة في بيان الخميس إلى أن الحرب الروسية في أوكرانيا من بين الأزمات العالمية التي أدت إلى أكبر ارتفاع في تكاليف المعيشة منذ جيل كامل.

وذكر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، في تصريح صحافي، أن العالم يواجه "واقعا جديدا" بعد ثلاثة أشهر من الحرب الأوكرانية، مشيرا إلى أن تلك الأزمة أدت إلى زيادة عواقب المناخ وكوفيد 19 وأزمات عدم المساواة العالمية.

وأضاف غوتيريس: "بالنسبة للأشخاص في جميع أنحاء العالم، تهدد الحرب، إلى جانب الأزمات الأخرى، بإطلاق العنان لموجة غير مسبوقة من الجوع والعوز، تاركة الفوضى الاجتماعية والاقتصادية في أعقابها"، موضحا أنه لن يكون هناك أي بلد بمنأى عن أزمة تكاليف المعيشة.

وأوضح أن عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد قد تضاعف في العامين الماضيين، وتوقع أن تتحول أزمة الغذاء الحالية بسرعة إلى كارثة غذائية ذات أبعاد عالمية في عام 2023.

ويتعرض حوالي 1.6 مليار شخص في 94 دولة بشدة لبعد واحد على الأقل من أبعاد الأزمة، وفقا لأحدث موجز لمجموعة الاستجابة للأزمات العالمية التابع للأمم المتحدة حول الصراع الأوكراني.

إعانة أوكرانيا

وأعلنت المفوضية الأوروبية، الخميس، أنها ستقدم للشركات الأوكرانية الناشئة تمويلا بقيمة 20 مليون يورو (21.4 مليون دولار)، مع تخصيص ما يصل إلى 60 ألف يورو لكل شركة.

وقالت أولها ستيفانيشينا، نائبة رئيس الوزراء الأوكراني، في تصريحات، إن "التدمير الذي قامت به روسيا في أوكرانيا واحتلالها للبنية التحتية البحثية عطل بشدة نظام البحث والابتكار البيئي الحالي في أوكرانيا"، لافتة إلى أن الأموال الأوروبية ستدعم الشركات التي تعمل على ابتكار حلول وخدمات ومنتجات من أجل جهود إعادة الإعمار والتعافي في البلاد.

وفي سياق متصل، ذكرت أورسولا فون ديرلاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، في بيان، أنه "من المهم لأوكرانيا أن تتطلع إلى الأمام أثناء مواجهتها العملية العسكرية الروسية"، مشيرة إلى أنه من المقرر أن يتم صرف هذه الأموال من خلال دعوة لتقديم مقترحات ستبدأ في 23 يونيو الجاري.

يذكر أن الاتحاد الأوروبي قدم منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، تمويلات ودعما لسلطات كييف وصف بـ"الأسخى" لدولة أوروبية منذ الحرب العالمية الثانية.

 

(رويترز، فرانس برس)

المساهمون