أزمة الجنيه ... أم أزمة الاقتصاد المصري؟

07 فبراير 2024
تراجع كبير في قيمة الجنيه المصري أمام الدولار خلال الشهور الأخيرة (فاضل داوود/Getty)
+ الخط -

لم يعد يشغل الرأي العام المصري على الساحة الاقتصادية طوال الشهور الأخيرة سوى قصة الدولار والجنيه .. وباتت السوق السوداء هي المؤشر الحقيقي لسعر العملة المحلية التي تهاوت أمام نظيرتها الأميركية إلى أكثر من 70 جنيهاً قبل أن تتماسك قليلاً مقابل الدولار الذي يبلغ سعره نحو 31 جنيهاً رسمياً.

اللافت للانتباه أن البعض اعتبر أن تحسن الجنيه في السوق السوداء انتصار كبير يستحق تحية الحكومة التي نجحت في وقف نزيف العملة المحلية أخيراً، وكأن الأزمة في ارتفاع أو انخفاض سعر العملة!

وبعيداً عن هذه الحالة التي يلهث فيها الكثير نحو معرفة مستقبل العملة، وهل ستنجح الحكومة في كبح جماح الدولار أم لا؟ يأتي السؤال الأهم: هل الأزمة في سعر الجنيه الذي فقد نسبة كبيرة من قيمته، أم أن الأزمة في الاقتصاد المصري الذي يعاني بشدة خلال الفترة الأخيرة، وبالتالي انعكس ذلك سلباً على أداء العملة؟

هل الإنتاج الزراعي بخير؟ هل عجلة الصناعة تدور بما يكفي الاحتياجات المحلية وتحقيق زيادة في الصادرات؟ هل تحويلات المصريين في الخارج وإيرادات قناة السويس وعائدات السياحة في الاتجاه الصحيح؟

وماذا عن الاستثمارات الأجنبية؟ وهل هناك إنفاق كاف من الدولة على مشاريع إنتاجية جديدة تدر عائدات على الموازنة؟ أم أن الإنفاق تركز على مشروعات ضخمة غير منتجة، مثل العاصمة الإدارية، وتفريعة قناة السويس، ومدينة العلمين الجديدة؟

والسؤال الأهم والأكبر: هل من يديرون الملفات الاقتصادية والمالية على كفاءة عالية تجعلنا نثق في أنهم قادرون على مواجهة أزمة الدولار عبر طرح حلول حقيقية وجذرية تؤدي إلى زيادة مصادر الدخل من النقد الأجنبي؟

المؤشرات الأخيرة تقول إن إيرادات قناة السويس تهاوت بشدة خلال شهر يناير/ كانون الثاني الماضي بنسبة 46% لتصل إلى 428 مليون دولار، مقارنة بإيرادات قدرها 804 ملايين دولار خلال الشهر المماثل من العام الماضي.

كما تراجعت تحويلات المصريين العاملين في الخارج خلال العام المالي 2022/ 2023، بنسبة 30.8% على أساس سنوي، بحسب بيانات رسمية.

كما كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الحكومي عن تراجع الرقم القياسي للصناعات التحويلية والاستخراجية، في الوقت الذي تعاني فيه الزراعة من تدهور واضح في الإنتاج، في ظل تفاقم أزمة المياه، على خلفية التداعيات الكارثية لسد النهضة على هذا القطاع، بالإضافة إلى العديد من الصعوبات الأخرى.

لا أحد ينتبه إلى هذه المؤشرات الخطيرة.. الحكومة وأذرعها الإعلامية ركزت على إطلاق حرب نفسية وإعلامية تبشر المصريين بتوفر عشرات المليارات من الدولارات، وأن أزمة النقد الأجنبي جرى حلها عبر الاتفاق على بيع بعض أصول الدولة، وجذب استثمارات أجنبية، والاتجاه نحو الحصول على مزيد من القروض من صندوق النقد الدولي ومؤسسات دولية أخرى.

كل هذا يجعلنا نطرح السؤال الذي يجب أن تجيب عنه الحكومة: هل تخفيض سعر الدولار أمام الجنيه سيحل الأزمات الاقتصادية الخانقة؟ وهل سيكبح موجة الغلاء التي يعاني منها المصريون؟ 

من وجهة نظري الإجابة ستكون: لن تنجح الحكومة حتى في وقف جماح الدولار، وخاصة على المدى البعيد، لأن الأزمة الاقتصادية أكبر من الجنيه، وأكبر من النظام الحالي.

المساهمون