يوم السبت الماضي فوجئ المصريون بقرار وزير التموين علي مصيلحي رفع الأرز من بطاقات التموين، ضمن السلع التموينية المدعمة بسعر 12.5 جنيهاً للكيلوغرام، بحجة أنّ الـ 50 جنيهاً، ما يعادل 1.6 دولار، المقررة لدعم الفرد تتيح شراء زجاجة زيت بسعر 30 جنيهاً، وكيلوغرام سكر بسعر 12.6 جنيهاً، ومكرونة زنة 400 غرام بسعر 6.5 جنيهات، وأنه لن يتبقى للمواطن مخصصات مالية لدعم الأرز.
وهو الأمر الذي أزعج الكثير، إذ أن وجبة الأرز ضرورية لشريحة كبيرة من المصريين، ولا تخلو موائدهم وأطعمتهم من هذه السلعة. كما أنه غذاء أساسي لملايين الفقراء، إلى جانب رغيف الخبز.
وجبة الأرز ضرورية لشريحة كبيرة من المصريين، ولا تخلو موائدهم وأطعمتهم منه. كما أنه غذاء أساسي لملايين الفقراء، إلى جانب رغيف الخبز
مبررات الوزير لم تقنع ملايين المصريين، سواء المستفيدين من بطاقة التموين، أو هؤلاء الذين جرى حذفهم من البطاقة طوال السنوات الماضية، بحجة قدرتهم الشرائية وعدم أحقيتهم في دعم الدولة، لأن القضية صعب حصرها في عدم كفاية المخصص المالي اللازم لشراء الأرز على بطاقة التموين.
فعلى الرغم من أن إنتاج مصر من الأرز بلغ نحو 4.1 ملايين طن في المتوسط في الأعوام 2019 و2020 و2021 و2022، فإنّ بيانات جهاز التعبئة والإحصاء تشير في المقابل إلى ارتفاع قيمة واردات مصر من الأرز بنسبة 68% خلال الربع الأول من العام الجاري إلى 28.651 مليون دولار مقابل 17.058 مليوناً في الفترة المقابلة من العام الماضي.
كما توقع تقرير صادر عن وزارة الزراعة الأميركية، ارتفاع استهلاك مصر من الأرز بنسبة 5.2% في موسم عام 2023/2024، مسجلاً نحو 4 ملايين طن مقارنة بتقديرات عام 2022/2023.
ومن المتوقع زيادة تكلفة الواردات من الأرز وغيره من السلع الغذائية في الفترة المقبلة، في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها سوق الحبوب عالمياً، والناتجة عن وقف روسيا اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية، وتعرض كبار منتجي الأغذية لظروف مناخية صعبة من فيضانات أو جفاف وتصحر، كما حدث في الصين ودول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وأستراليا.
الهند، أكبر منتج للأرز، وتمثل أكثر من 40% من صادرات الأرز العالمية وفرضت قيودا على كل صادراتها من الأرز
لكن التطور الأخطر كان قرار الهند فرض قيود على صادراتها من الأرز بمختلف أنواعه، وفرض حد أدنى لسعر تصدير شحنات الأرز البسمتي قدره 1200 دولار للطن، وفرض رسوم بنسبة 20% على صادرات الأرز المسلوق بأثر فوري، وهو ما أربك الأسواق العالمية، لما للهند من ثقل كبير، سواء في إنتاج الأرز وتصديره، أو إنتاج غيره من السلع الغذائية الأساسية، وفي مقدمتها القمح.
فالهند، هي أكبر منتج للأرز، وتمثل أكثر من 40% من صادرات الأرز العالمية، وصدرت نحو 7.4 ملايين طن من الأرز المسلوق في عام 2022، كما بلغت صادراتها نحو 4 ملايين طن من الأرز البسمتي إلى بعض الدول، مثل إيران والعراق واليمن والسعودية والإمارات ومصر والولايات المتحدة، وغيرها.
وأسفرت هذه التطورات السلبية وغيرها عن ارتفاع أسعار الأرز، لتصبح عند أعلى مستوى في 15 عاماً، مع زيادة السعر يوماً بعد آخر في سوق التصدير.
وهناك توقعات بأن يبلغ الحد الأدنى من الزيادة حوالي 50 دولاراً للطن، وقد يصل إلى 100 دولار أو أكثر، وفق تجار حبوب، وهي تكلفة عالية بالنسبة لكبار مستوردي الأرز في المنطقة العربية.
ومع اعتماد العديد من دول العالم على الأرز الهندي، فإنّ أسواقها مرشحة لزيادة الأسعار، وحدوث نقص في تلك السلعة التي يتناولها نحو 3.5 مليارات حول العالم، بخاصة مع زيادة الطلب، حيث قفز استهلاك الأرز خلال العام 2022 - 2023 إلى 517 مليون طن مقابل نحو 461 مليون طن في عام 2021 - 2022.