أزمات غذائية تحاصر المصريين: قفزة في أسعار الأجبان

21 فبراير 2023
حتى الأجبان الرخيصة لم تعد في متناول أيدي معظم المواطنين (مروان النعماني/فرانس برس)
+ الخط -

أصابت أسعار الأجبان ومنتجات الألبان المصريين بحالة من الهلع، بعد زيادة بلغت نحو 20%، خلال أيام، جاءت بعد ارتفاع آخر مفاجئ نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي.

تهرول عزة إبراهيم تجاه أحد محلات بيع الجملة الشهير لتلتقط بعض العبوات، أعلن المحل عن بيعها بتخفيضات جيدة، لحين انتهاء الكمية. تخشى سليلة أسر ملكية قديمة أن تفوتها فرصة العروض، التي تتراجع أعدادها، كلما نظرت إلى موقع المحل متوسط الحال، الذي تتابعه لحظياً عبر شاشة الهاتف.

تأمل عزة أن تحصل على طبق البيض بسعر 130 جنيهاً، وفقاً لأسعار بدأت منذ أيام، أو تحصل على تخفيض بعرض اللحوم بسعر 290 جنيهاً، بعد أن ارتفعت إلى 340 جنيهاً (الدولار = نحو 30.5 جنيهاً)، مع مقتطفات من مستلزمات الغسيل والمنزل، تمكنها من تدبير حاجة المنزل الشهرية. صُدمت عزة عندما رأت ارتفاعاً حاداً في أسعار الأجبان، التي زادت بعد زيارتها المتكررة للمحل كل 15 يوماً.

في جولة لـ "العربي الجديد" بمحلات الألبان والأجبان الشعبية والمراكز التجارية، رصدت أمس ارتفاع سعر الجبن البيضاء الطرية بجميع أصنافها: الإسطنبولي، والفيتا، والدمياطي، والبراميلي، من 100 جنيه للكيلو إلى 120 جنيهاً، بعد أن كانت تباع بمتوسط 70 جنيهاً منتصف ديسمبر 2022.

وزاد الجبن الفلاحي "القريش" منزوع الدسم، من 45 إلى 70 جنيهاً، والتركي البطارخ والقديم من 130 جنيهاً إلى 170 جنيهاً.
واكبت زيادة أسعار الأجبان والألبان المحلية زيادة هائلة في أسعار المنتجات المستوردة، رغم إفراج الجمارك عن صفقات هائلة من واردات السلع الغذائية ومستلزمات إنتاج المصانع، بلغت قيمتها نحو 14 مليار دولار، وفقاً لتصريحات رئيس الوزراء مصطفى مدبولي. وعلى سبيل المثال صعدت أسعار الجبن "الشيدر" من 280 جنيهاً إلى 340 جنيهاً في الأسبوع الحالي، و240 جنيهاً بداية يناير الماضي.
دفع التضخم الذي تتراوح قيمته في المتوسط ما بين 20% إلى 30% في الأسعار خلال 5 أسابيع فقط، المصانع والمحلات الكبرى إلى عرض عبوات جديدة لمنتجات الألبان لم تشهدها البلاد من قبل، عبوات بأوزان خفيفة جداً تبدأ من 125 غراماً، بدلاً من أن كانت العبوات ترصد بالكيلو ونصف الكيلو العام الماضي.

تساهم العبوات الصغيرة في جذب العملاء الذين لم يعتادوا رؤيتها، بينما تزيد من القيمة الحقيقية لأسعار السلعة.
وأصبحت سياسة تخفيف الأوزان متبعة في جميع أنواع السلع، حيث يباع كيلو الأرز وزن 850 غراماً بسعر 24 جنيهاً، والسكر بنحو 22 جنيهاً، والمكرونة تجزأ بداية من 350 غراماً إلى 400 غرام و700 غرام، ليصل متوسط سعر الكيلو ما بين 25 إلى 35 جنيهاً حسب النوعية.

تقول المواطنة عزة إبراهيم لـ"العربي الجديد": هناك طائفة غنية لا تتعدى 10 ملايين نسمة هي القادرة الآن على شراء السلع يومياً من بين 105 ملايين نسمة، ولن يفرق معهم مقاطعة الشعب للسلعة من عدمه.
وفي المقابل، تتفاعل نائبة رئيس تحرير متقاعدة، آمال كمال، مع دعوات المقاطعة، بتأكيدها على حذف البيض والدجاج واللحوم من قائمة مشترياتها اليومية. تؤكد كمال في دعواتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن مقاطعتها لا ترجع إلى أسباب مادية، ولكن مشاركة منها للآخرين غير القادرين على مواجهة أعباء الحياة، الذين لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً.

يشاطرها في الدعوات نخبة من الطبقة المتوسطة، جلهم يسعون إلى حث المسؤولين على مساعدة الشعب للخروج من نفق الأسعار المظلم الذي يدفعهم إليه يومياً.
يسخر كثيرون من فكرة مقاطعة السلع الرئيسية، وخاصة الأجبان التي تعد أرخص السلع التي تشارك في صناعة وجبات الأسر، قبل توجههم للمدارس والعمل، وتوفير وجبة عشاء كاملة للجميع.
تستهلك مصر 700 ألف طن من الأجبان الطرية، و48 ألف طن جبن رومي سنوياً، وفقاً لتقارير غرفة الصناعات الغذائية. تتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن يرتفع استهلاك مصر من الأجبان إلى 734 ألف طن، بحلول عام 2028.

وتشير إحصاءات المنظمة إلى أن إنتاج الألبان محلياً يتراوح ما بين 6.5 إلى 7 ملايين طن سنوياً، ووجود فجوة بين الاستهلاك والإنتاج تصل إلى 2.2 مليون طن، تعوض عبر الاستيراد.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

يشير عضو اتحاد الغرف التجارية، في حديثه لـ"العربي الجديد" عمرو عصفور، إلى أن مشكلة الدولار وراء تصاعد أسعار الأجبان المحلية والمستوردة. يؤكد عصفور أن أزمة الدولار ستظل ضاغطة على جميع السلع ومستلزمات الإنتاج، طالما لم يتوافر لدى الحكومة بدائل.

يبشر عصفور بأن الأسابيع المقبلة قد تشهد استقراراً في أسعار السلع الغذائية، التي تسعى الحكومة إلى دخولها بسرعة من المنافذ الجمركية، قبل شهر رمضان، والتعاون مع الغرف التجارية لزيادة عدد منافذ وزارات الداخلية، والتموين، والجيش، الثابتة والمتحركة، لبيع اللحوم والأسماك والزيوت والبيض والأجبان للجمهور بأسعار مخفضة 30% عن مثيلاتها في القطاع الخاص.
يرجع جهاز الإحصاء والتعبئة الزيادة الشهرية والسنوية في معدلات التضخم التي بلغت أرقاماً غير مسبوقة في يناير الماضي، إلى زيادة أسعار السلع الغذائية الأساسية. سجل التغير الشهري ارتفاعاً في يناير 2023 مقارنة بديسمبر 2022، وبلغ 10.2% في الطعام والمشروبات، و9.4% للألبان والجبن والبيض.
تظهر أوضاع شركات منتجات الألبان في بورصة الأوراق المالية، تراجعاً ملحوظاً في نتائج الأعمال، مدفوعة بضغوط زيادة تكاليف الإنتاج، وتآكل الأرباح التي تحققها، رغم زيادتها للأسعار، وتوجيه نسبة كبيرة من الزيادة في التكاليف إلى المستهلكين.

المساهمون