أحزاب مغربية تستغل ورقة الطاقة لجذب الناخبين: وقود الانتخابات

06 سبتمبر 2021
المغرب يرتهن للخارج في تدبير معظم احتياجاته من الوقود (Getty)
+ الخط -

استحوذت ورقة ضبط أسعار الوقود وتأمين مخزون البلاد من الطاقة على وعود العديد من الأحزاب المغربية التي تطمح للحصول على أكبر عدد من أصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية والمحلية المقررة غدا، الأربعاء، إذ يعد تأمين إمدادات الطاقة من بين القضايا الشعبية الأكثر حضوراً في الفترة الأخيرة، خاصة مع تصاعد مطالب نقابيين وسياسيين وحقوقيين بتأميم مصفاة النفط الوحيدة المتوقفة والتي جرت خصخصتها قبل نحو ربع قرن.

ويعتمد المغرب على السوق الخارجية في توفير نحو 94% من احتياجاته من الطاقة والمشتقات البترولية، ما يعرضه لتقلبات السوق الدولية، التي تساهم في عدم استقرار فاتورة واردات الوقود التي تؤثر بشكل كبير في الميزان التجاري للمملكة وتدفعه نحو تسجيل عجز مزمن في السنوات الأخيرة، وفق البيانات الرسمية.

يعتمد المغرب على السوق الخارجية في توفير نحو 94% من احتياجاته من الطاقة والمشتقات البترولية، ما يعرضه لتقلبات السوق الدولية

وقفزت فاتورة واردات الطاقة في الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري إلى 38.68 مليار دولار، بعدما كانت في حدود 30.70 مليار دولار، بزيادة بلغت نسبتها 25.9%، حسب بيانات مكتب الصرف الحكومي.

وتعود أحزاب لطرح مسألة تأمين المخزون الاستراتيجي عبر توسيع قدرات التخزين، بينما لم تستثمر الحكومة فترات تراجع الأسعار في السوق العالمية خلال العام الماضي لتكوين مخزون، بينما كانت قد أعربت عن توجهها لاستغلال خزانات مصفاة "سامير" المتوقفة من أجل دعم تخزين البترول المكرر المنخفض الثمن، غير أن هذا المشروع لم ير النور رغم موافقة القضاء بشأن المصفاة الخاضعة للتصفية القضائية.

وشهدت أسعار البنزين والسولار، اللذين تم رفع الدعم عنهما منذ ستة أعوام، زيادة ملحوظة في الفترة الأخيرة، حيث وصلت على التوالي إلى 9.32 دراهم و11.3 درهماً للتر الواحد، ما من شأنه أن يؤثر على أسعار خدمات وسلع أخرى ترتهن للنقل.

وأثيرت مسألة ضبط أسعار الوقود في السوق، حيث كان مستوى تلك الأسعار موضوع نقاش عمومي كبير في المغرب في الأعوام الأخيرة، ما دفع أحزاباً في وعودها إلى المراوحة بين تسقيف الأسعار (وضع سقف لها)، وإعادة تأميم مصفاة "سامير".

وكانت لجنة برلمانية قد أجرت دراسة حول سوق المحروقات (الوقود) بعد التحرير، أشارت فيها إلى أن الأرباح التي حققتها شركات توزيع الوقود وصلت إلى 1.8 مليار دولار، وهي الأرباح التي وصفت بـ"غير الأخلاقية".

لكن عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار ووزير الفلاحة والصيد البحري، قال إن هذا الرقم تم "تسييسه"، حيث جرى استعماله كسلاح في المفاوضات بعد الانتخابات السابقة من أجل تشكيل الحكومة، وفق تعبيره.

وشدد أخنوش، الذي تقود شركة من الشركات التابعة لمجموعته الاقتصادية سوق الوقود في المغرب، في سياق الاستعداد للانتخابات المقبلة، على أن مستوى الأرباح الذي تم الترويج له "خبر زائف" لم يتضمنه أي تقرير، مشدداً على أن مجلس المنافسة (مؤسسة دستورية) سيقول كلمته.

تعهد حزب العدالة والتنمية، بالسعي إلى تطوير المنافسة وتشجيع الاستثمار مع التدبير الأمثل للأسعار بما يحافظ على التوازن الاقتصادي والمالي والاجتماعي للمستثمرين والمستهلكين

كما تعهد حزب العدالة والتنمية، الذي يقود الحكومة الحالية، بالسعي إلى تطوير المنافسة وتشجيع الاستثمار مع التدبير الأمثل للأسعار بما يحافظ على التوازن الاقتصادي والمالي والاجتماعي لمختلف الفاعلين (المستثمرين) والمستهلكين.

ويؤكد الحزب في برنامجه الذي يقترحه على الناخبين التوجه نحو تطوير القدرات التخزينية للمحروقات لضمان تزويد السوق والحفاظ على المخزون الاستراتيجي، مع الحرص على إحداث نظام متطور للمراقبة والتتبع والتوزيع.

كذلك يشدد حزب الاتحاد الاشتراكي على أن غياب رؤية استراتيجية أفضى إلى إغلاق شركة التكرير وخفض السعة التخزينية للمنتجات البترولية من ثلاثة أشهر إلى شهر واحد من الاستهلاك الوطني وانعدم الشفافية في الأسعار العامة للمنتجات البترولية.

ويعد الحزب بالعمل على تأمين إمدادات السوق الوطنية بالمنتجات البترولية، عبر مضاعفة منافذ دخول المنتجات المستوردة، وزيادة السعة التخزينية باستخدام التجاويف القديمة الناجمة عن استخراج الملح كخزانات.

ويعيد الحزب طرح إعادة تشغيل مصفاة "سامير" وتطوير صناعة التكرير مع التنظيم الفعال للسوق الحرة، وضمان أسعار عادلة ومنصفة لصالح المستهلكين ومكافحة الاحتكار والممارسات المنافية للمنافسة الشريفة.

يعيد حزب الاتحاد الاشتراكي طرح إعادة تشغيل مصفاة "سامير" وتطوير صناعة التكرير مع التنظيم الفعال للسوق الحرة، وضمان أسعار عادلة ومنصفة لصالح المستهلكين ومكافحة الاحتكار

ويعبر حزب الأصالة والمعاصرة عن التزامه بإعادة بعث مصفاة "سامير" من أجل تأمين نشاط التكرير ودعم تخزين الوقود، بما يساهم في ضمان نوع من استقلال الطاقة في المملكة، ويشدد على تطلعه إلى إحداث سلطة للإشراف على المحروقات، حيث تتولى ضبط هوامش أرباح الشركات الفاعلة في القطاع مع محاربة الوضعيات المهيمنة، بينما يلتزم حزب الاستقلال بمراقبة الأسعار عبر تسقيف أرباح تسويق الوقود.

ويرنو حزب التقدم والاشتراكية إلى ضمان أمن الطاقة للمملكة، ضمن توجه يراعي البيئة عبر الانتقال إلى الطاقات المتجددة، غير أنه يستحضر أيضا مصفاة "سامير" التي يشدد على ضرورة إعادة تأميمها.

ويعتبر المهدي داودي، الخبير في مجال الطاقة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن توظيف خزانات مصفاة "سامير" كان من شأنه أن يساهم في تقليص فاتورة الطاقة، التي تؤثر بشكل كبير على رصيد المغرب من العملة الصعبة، حيث يمكن ملء تلك الخزانات عندما تنخفض الأسعار في السوق الدولية.

ويعتبر داودي أن إعادة بعث المصفاة من شأنها أن تجنب المغرب تقلبات الأسعار في السوق الدولية، بما يساعد على ضبط أسعار التجزئة، علما أنها كانت قبل إغلاقها تؤمن حوالي ثلاثة أخماس الطلب المحلي.

وكانت المصفاة الوحيدة في المغرب قد خضعت للخصخصة عام 1997، لكنها تخضع حاليا للتصفية القضائية بموجب حكم صادر عن المحكمة التجارية بمدينة الدار البيضاء عام 2016 بسبب اختلال توازنها المالي، إذ وصلت ديونها إلى 43 مليار درهم، أغلبها لفائدة مؤسسات عمومية وبنوك، فيما تُقدر قيمة أصولها بحوالي 21 مليار درهم.

وتطالب الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول، التي تضم عمال سامير وسياسيين ومحامين وحقوقيين وبرلمانيين، بتأميم الشركة عبر تفويت (بيع) جميع الأصول والممتلكات والعقارات والرخص وبراءات الاختراع المملوكة للشركة لحساب الدولة من أجل سداد الديون.

المساهمون