أجواء المغرب المُغلقة تُرعب العاملين في السياحة: استعداد لتوسع البطالة

12 ديسمبر 2021
الإغلاق يهبط بعدد السياح (Getty)
+ الخط -

لا يكفّ الثلاثيني المشرف على نزل صغير بضواحي مراكش محمد آيت رشيد عن مراقبة الأخبار الواردة حول متحور "أوميكرون"، الذي ضرب ظهوره آمال الشاب في أن تكون نهاية العام مثل الصيف الماضي.

وكما العديد من المشتغلين بالسياحة المغربية، شجعت تدابير التخفيف التي اتخذتها السلطات المغربية مالك النزل على الاستعداد لاستقبال زبائن في ديسمبر/ كانون الأول الجاري، بل وفر فرصتي عمل مؤقت لشابين من المنطقة. لكنّ كلّ الآمال خابت بعدما أعلنت السلطات المغربية، في 28 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إغلاق المجال الجوي للمملكة، وتوالى بعد ذلك إلغاء الحجوزات.

وقررت الحكومة المغربية صرف مساعدة للعمال الذين تضرروا من تداعيات التدابير الناجمة عن الجائحة، عبر تمديد صرف تعويض في حدود 220 دولارا شهريا لعمال السياحة والأنشطة الفرعية المرتبطة بها للفترة الممتدة من سبتمبر/أيلول إلى غاية ديسمبر/كانون الأول الجاري.

فيما يشدد رشيد على أنّ هناك العديد من العاملين في القطاع السياحي سيحرمون من مورد رزقهم، خصوصاً أنّ عدد المصرح بهم لدى صندوق الضمان الاجتماعي الذين يستفيدون من المساعدة التي تقدمها الحكومة لا يتعدى 10 في المائة من المشتغلين بالسياحة.

ويشير إلى أنّه لا يجب التركيز فقط على العاملين في الفنادق المصنفة التي توجد خلفها شركات منظمة، بل إنّ هناك أشخاصاً ينشطون في القطاع السياحي في العديد من المناطق لا يحصلون على أيّ تغطية اجتماعية، أو انخراط في صندوق الضمان الاجتماعي يتيح لهم الاستفادة من مساعدة الدولة.

وفي الصيف الأخير، فتح المغرب حدوده الجوية والبحرية أمام السياح والمغاربة المقيمين بالخارج، فانتعشت السياحة قليلاً، وتوقع المهنيون أن يتواصل ذلك إلى نهاية العام. غير أنّ "أوميكرون" كان له رأي آخر، إذ اتخذت المملكة تدابير أفضت إلى توقف الرحلات الجوية والنقل البحري منذ نحو 10 أيام، مباشرة بعد الكشف عن المتحور الجديد. فيما كشفت وكالة الأنباء الرسمية أن السلطات المغربية قررت تمديد تعليق الرحلات الجوية المباشرة للمسافرين من المغرب وإليه إلى تاريخ لاحق، وذلك بعدما كان القرار السابق قد دخل حيز التنفيذ مدة أسبوعين.

وعلى أثر قرار التمديد هذا، أعلنت الخطوط الملكية المغربية، مساء الخميس، إلغاء الرحلات الجوية الدولية التابعة للشركة، من المغرب وإليه، لغاية 31 ديسمبر/كانون الأول الجاري.

ولفتت الخطوط الملكية إلى السماح بتغيير واسترداد التذاكر من المغرب وإليه وفقا لعدة خيارات، لأي تذكرة بتاريخ سفر من 9 ديسمبر/ كانون الأول إلى الـ31 من الشهر نفسه. وقالت شركة الخطوط الملكية المغربية، في تغريدة لها على "تويتر"، إن القرار جاء بناءً على المعطيات التي قدمتها المديرية العامة للطيران المدني بالمغرب. وهو ما أبدى المراقبون تخوفهم منه على مستقبل السياحة، فقد كان العاملون في القطاع يراهنون على شهر ديسمبر من أجل تحقيق انتعاش نسبي.

وكان العمال في السياحة والمستثمرون يمنون النفس بتواصل الانتعاش، رغم عدم تعافي القطاع من تأثيرات الجائحة، وهو ما يتجلى من بيانات مكتب الصرف. فقد وصلت إيرادات السياحة في نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إلى 2.9 مليار دولار، بعدما كانت في الفترة نفسها من عام 2019 في حدود 6.8 مليارات دولار، حسب بيانات رسمية.

ويخشى عمال في قطاع السياحة أن يتعرضوا للبطالة في الفترة المقبلة، بعد تدابير إغلاق المجالين الجوي والبحري أمام المسافرين، تفادياً لتسرب المتحور "أوميكرون" إلى المملكة، علماً أنّ فنادق تخلت عن عمال بسبب توقف برامج استقبال العمال في ديسمبر الجاري. ومع تفهم المستثمرين في القطاع القرار الذي اتخذته الحكومة بإغلاق الحدود الجوية والبحرية أمام المسافرين إلى المملكة مدة خمسة عشر يوماً، فإنّهم ما فتئوا يتساءلون حول التدابير التي ستتخذها الحكومة بهدف مساعدتهم على الصمود، خصوصاً في سياق متسم بانخفاض حاد في الإيرادات.

وبدأ بعض العاملين في القطاع يتساءلون حول مستقبل فرص العمل، خصوصاً أنّ القطاع يوفر 500 ألف فرصة عمل، ويجلب المليارات من العملة الصعبة سنوياً، بل إنّ بعض المهنيين يخشون في الظروف الحالية تعرض بعض الشركات لصعوبات مالية قد تدمرها بالكامل.

ويقول أمين التوس، وهو مسؤول في أحد الفنادق، إنّ حجوزات ديسمبر ألغيت، مشيراً إلى أنّ السياح المحليين، رغم أهميتهم، لن يستطيعوا في هذه الفترة من العام تعويض السياح الأجانب، كما في الصيف مثلاً. وأكد أنّه كي يحقق الفندق مردوداً جيداً عند استقبال السياح، يجب أن يتمكن من ملء 60 في المائة من الغرف، وهو هدف غير ممكن في الظروف الحالية، ما يعني أنّ الفنادق المصنفة ستتخلى عن العمال المؤقتين، وقد يمتد ذلك إلى العمال الدائمين.

ويذهب التوس إلى أنّه بعد عرقلة "أوميكرون" النشاط السياحي في نهاية العام الجاري، سيتوجب على المستثمرين في القطاع التطلع إلى الفصل المقبل، في انتظار ما سيفضي إليه تطور الفيروس، وسيكون على السلطات العمومية توضيح الرؤية لتفادي إفلاس الشركات والحفاظ على فرص العمل.

بدوره، يرى أحمد بنعدي، وهو صاحب نزل بالأطلس الكبير، أنّه سيتوجب على المهنيين، بعد القرارات الأخيرة التي فرضها الفيروس المتحور الجديد، الانتظار حتى الصيف المقبل، على أمل أن تساعد الظروف في عودة النشاط السياحي. لكنّه يؤكد أنّه عندما يجرى الحديث عن السياحة والشركات العاملة فيها، يجب استحضار أنّها توفر فرص عمل، يحتمل فقدان جزء منها في الفترة المقبلة.

وكانت وزيرة السياحة فاطمة الزهراء عمور وعدت، قبل أسبوع، بتمكين العاملين المتضررة شركاتهم من مساعدة في حدود 210 دولارات تغطي فترة الأشهر الأربعة الأخيرة من العام الحالي. كما أربك أوميكرون وما نجم عنه من تعليق للرحلات خطط شركة الخطوط الجوية المغربية.

وينتظر أن يعمّق تعليق الرحلات صعوبات الشركة التي تدخلت الحكومة من أجل إسعافها في العام الحالي. ورهنت الحكومة في العام الماضي، توفير سيولة للشركة بخطة لإعادة الهيكلة الاجتماعية، والتي تقتضي التخلي عن 858 من العاملين في الشركة بينهم طيارين ومضيفين وفنيين.

وتمكنت الشركة من تقليص نفقات عبر التخفف من 140 من العاملين لديها وبيع ستة من طائراتها وهو ما يمثل 10 في المائة من أسطول الناقلة. ويعتبر الاقتصادي محمد الشيكر، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن الخطوط الملكية المغربية، من الشركات الاستراتيجية في تصور الدولة المغربية، حيث ستواصل دعمها في المستقبل إلى أن تعود إلى التحليق بكامل أسطولها بعد التعافي التام.

وكانت المندوبية السامية للتخطيط (حكومية) في المغرب قد أكدت، في بيانات حديثة، أن معدل البطالة تراجع في الربع الثالث من 2021 إلى 11.8 في المائة من 12.7 في المائة في الربع المناظر من العام الماضي 2020. كما تراجع حجم العاطلين عن العمل بـ35 ألف شخص ما بين الفصل الثالث من 2020 ونفس الفصل من 2021، إذ انتقل عددهم من 1.482 مليون عاطل عن العمل إلى 1.447 مليون، وهو ما يعادل انخفاضاً بـ2 في المائة.

المساهمون