أبوظبي تتطلع إلى صفقات مصرفية عالمية لإدارة أصول تتجاوز تريليون دولار

21 يونيو 2023
لم يعد القطاع المصرفي الإماراتي يستطيع تحقيق نمو في السوق الداخلية المشبعة (Getty)
+ الخط -

استكشفت إمارة أبوظبي الغنية بالنفط سلسلة من عمليات الاستحواذ الطموحة في القطاع المصرفي الدولي منذ عام تقريباً، في سعيها للتحوّل إلى قوة مالية عالمية، لكنها لم تُنجز ما تعتقد وكالة "بلومبيرغ" أنه سيصل إلى عملية تُنتج أصولاً مجمعة تتجاوز قيمتها تريليون دولار.

فقد أجرى "جهاز أبوظبي للاستثمار" ADQ، وهو الصندوق السيادي لهذه الإمارة، محادثات أولية للاستحواذ على بنك الاستثمار "لازارد" Lazard Ltd، في بداية العام الجاري، وفقاً لأشخاص مطّلعين على الأمر.

لكن سرعان ما انهارت المناقشات حول خلافات بشأن الاستقلال المستقبلي للشركة المدرجة في "وول ستريت"، والبالغ عمرها 175 عاماً، كما قالت مصادر طلبت عدم كشف هويتها، باعتبار أن المباحثات خاصة.

وفي الوقت نفسه تقريباً، قيل إن "بنك أبوظبي الأول" يدرس عرضاً تصل قيمته إلى 35 مليار دولار يتعلق بـ"ستاندرد تشارترد بي إل سي" Standard Chartered Plc البريطاني. وقد حاولت شراء أكبر بنك استثماري في مصر عام 2022، لكن لم تتحقق أي من هاتين الصفقتين.

المصادر المطلعة كشفت لشبكة "بلومبيرغ" في مارس/ آذار الماضي، أن مجموعة "رويال" التي يرأسها مستشار الأمن القومي لدولة الإمارات، الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، تدرس إمكانية الاستحواذ على ذراع المملكة المتحدة لـ"بنك سيليكون فالي" بعد انهياره. وبالفعل، اشترت الوحدة في نهاية المطاف مجموعة "أتش إس بي سي هولدينغز بي إل سي" HSBC Holdings Plc مقابل 1 جنيه إسترليني (1.3 دولار).

إلا أن أبوظبي استطاعت إبرام بعض الصفقات المتخصصة في الصناعة المالية، لكن ليس هناك ما يدعو إلى التوقف عن البحث عن صفقة كبيرة. إذ تدير الإمارة حوالى 1.5 تريليون دولار من الثروة السيادية، وهي أيضاً موطن لصناديق مثل "هيئة أبوظبي للاستثمار" وشركة "مبادلة للاستثمار".

الشريك الإداري لشركة الاستثمار الخاصة "غروثغايت كابيتال"، كريم سويد، التي تتخذ من الخليج مقرّاً لها، قال: "لا يزال قطاع المصارف التجارية في أبوظبي محلياً إلى حدّ كبير، رغم الحجم الهائل لميزانيات البنوك العملاقة، ويستعد القطاع للانطلاق إلى العالمية من أجل اتباع سياسة التنويع وإعادة تدوير الدولارات البترولية واغتنام الفرص الجديدة".

وأحال المكتب الإعلامي التابع للحكومة الإماراتية أسئلة من "بلومبيرغ" على مكتب أبوظبي الإعلامي الذي لم يردّ على طلب للتعليق.

محاولة مع "بنك قطر الوطني" وتوسّع باتجاه مصر وتركيا

عدد سكان الإمارات صغير نسبياً، ويزيد قليلاً على 9 ملايين شخص، وهناك عدد كبير من البنوك الإقليمية والأجنبية التي تعمل فيها. ومع وجود فرص توسع محدودة في السوق المحلية، تتطلع بعض مؤسساتها المالية إلى الخارج.

و"بنك أبوظبي الأول"، أو كما يُعرف بـ"بنك أبوظبي"، يناور منذ فترة طويلة مع "بنك قطر الوطني" للحصول على مكانة أكبر بنك مقرض في الشرق الأوسط. وقد أوضح كلا المصرفين نياته في النمو على الصعيد الدولي، لكن هذا التوسع اقتصر حتى الآن على دول المنطقة، مثل تركيا ومصر.

وفي السياق، اشترى "بنك أبوظبي الأول" الوحدة المصرية لـ"بنك عوده" في عام 2021. وبعد عام، سحب عرضاً بقيمة 1.2 مليار دولار لشراء بنك الاستثمار المصري "المجموعة المالية-هيرميس" بعدما واجه تأخيرات تنظيمية طويلة، حسبما أفادت "بلومبيرغ".

وفي حالة بنك "ستاندرد تشارترد"، كان إنجاز الصفقة معقداً وطموحاً، نظراً للعقبات والاختلافات في حجم المصرفين. وكانت الموافقات التنظيمية والامتثال من بين العقبات التي تحول دون إتمام عملية استحواذ ناجحة، حسبما قال أشخاص مطلعون على الأمر في وقت سابق من هذا العام.

وفي مايو/ أيار الفائت، اشترت "مبادلة" حصة أغلبية في "فورتيز إنفستمنت غروب" Fortress Investment Group من خلال التعاون مع فريق إدارة الأصول الأميركية، في صفقة قدرت قيمة "فورتيز" بأكثر من ملياري دولار.

وتأتي طموحات أبوظبي المتنامية في وقت فشلت فيه سلسلة من المصارف على مستوى العالم. ومع تدفق السيولة بعد الارتفاع الأخير في أسعار النفط، لا تزال المنطقة موطناً لعدد قليل من المؤسسات المالية التي لديها القدرة على جمع أموال كبيرة لسحب حزم الإنقاذ أو الصفقات الكبيرة.

وفي عام 2008، تدخلت أغنى دول الخليج أيضاً لشراء حصص في مقرضين غربيين مثل "سيتس غروب" Citigroup Inc.

في وقت سابق من هذا العام، أنشأ كل من "جهاز أبوظبي للاستثمار" و"الشركة الدولية القابضة"، وكلاهما برئاسة الشيخ طحنون، مجموعة استثمارية جديدة بدعم من شركة الأسهم الخاصة الأميركية "جنرال أتلانتيك". ويسعى الكيان لأن يصبح أكبر مدير للأصول في المنطقة.

وصفقة "لازارد" التي تدير حوالى 235 مليار دولار من الأصول، من شأنها أن تعزز بشكل كبير قدرات "جهاز أبوظبي للاستثمار"، وفقاً لشخص على دراية باستراتيجية الاستثمار، الجهاز الذي رفض ممثلوه التعليق على هذه المعلومات.

تجدر الإشارة إلى أن صفقة ناجحة لبنك "ستاندرد تشارترد" بميزانية عمومية تبلغ ضعف حجمها، كان من شأنها أن تجعل من "بنك أبوظبي الأول" عملاقاً مصرفياً للأسواق الناشئة بقيمة أصول تتجاوز تريليون دولار، أي نحو ثلث حجم أصول "أتش إس بي سي". وفي ذلك الوقت، أكد "بنك أبوظبي الأول" أنه بحث في العرض، لكنه قال إنه لم يعد يفكر فيه.

المحلل المصرفي في "المجموعة المالية - هيرميس" شبير مالك، قال إن "بنك أبوظبي الأول" يواصل البحث عن صفقات. واعتبر أنه "ليستمر بنك أبوظبي الأول في النمو بالوتيرة نفسها في السنوات الأخيرة، يحتاج إلى البحث عن التوسع خارج الإمارات. وستتشكل التوقعات القصيرة ومتوسطة المدى لأسهمه وأدائه المالي من خلال جودة عمليات الدمج والاستحواذ التي يقوم بها".

المساهمون