طالبت حركة مقاطعة إسرائيل وفرض العقوبات عليها (BDS) وعدد من ممثلي المجتمع المدني الفلسطيني اليوم الثلاثاء، السلطة الفلسطينية بالانسحاب من "منظّمة غاز شرق المتوسط"، ورفع تقرير رسمي احتجاجي يؤشر إلى النهب الحاصل في الأراضي الفلسطينية للغاز.
وقالت عضو سكرتارية الحملة الوطنية للمقاطعة (BDS) ماجدة المصري خلال مؤتمر صحافي عقد في مدينة البيرة وسط الضفة الغربية، "إن وثائق المنتدى تخلو خلوًا تامًا من أي ذكر لحقوق الشعب الفلسطيني السيادية بالغاز أو النفط بالذات قبالة شواطئ غزة والمنطقة الاقتصادية الفلسطينية الخالصة"، مؤكدة أن وجود السلطة الفلسطينية مع إسرائيل في هذا المنتدى يشرعن الاحتلال ويقوض حقوق الشعب الفلسطيني في موارده الطبيعية التي يستغلها الاحتلال ويقوم بنهبها.
وأضافت المصري، أن بقاء السلطة يوفر ورقة توت للتغطية على التطبيع العربي الرسمي مع إسرائيل، يستغلها الاحتلال كغطاء لتحالف إسرائيلي إماراتي يوناني ضد تركيا، ما يهدد بنزاعات عسكرية في المنطقة.
وأكدت المصري أن بقاء السلطة يجعلها شاهد زور يساعد الاحتلال في عقد شراكات ضخمة في مجال الطاقة مع الاتحاد الأوروبي، مما يزيد نفوذها في المنطقة.
وأشارت المصري إلى أنه في كل مرة تضغط حركة المقاطعة مع الشركاء الأوروبيين من أجل إقصاء إسرائيل وعزلها عن المشاركة والتوسع بمصادر الطاقة الأوروبية يكون رد الاتحاد الأوروبي أن السلطة شريكة في المنتدى، وأنها لم تقدم شكاوى ولا تحتج على نهب الاحتلال للغاز، وهو ما عدته المصري محرجًا.
ودعت المصري اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى تحمل مسؤوليتها الكاملة وحمل هذا الملف السيادي وتنفيذ قرارات المجلس الوطني والمركزي، وأن تطالب اللجنة السلطة بالانسحاب من هذه العضوية، التي اعتبرتها مهينة لفلسطين، وإرسال تقرير رسمي احتجاجي يؤشر إلى النهب الحاصل في الأراضي الفلسطينية للغاز والبحث عن بدائل أخرى بديلة تحفظ الحق الفلسطيني في الموارد الطبيعية، كما أعلنت رفض لجنة المقاطعة لخط غاز يمد إلى قطاع غزة بتمويل قطري بما يعمق التبعية الاقتصادية للاحتلال، مطالبة "حكومة الأمر الواقع في غزة بعدم التماهي مع تلك المخططات بشكل مباشر أو غير مباشر".
بدوره، طالب عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عباس زكي خلال المؤتمر، بعدم التورط في أي اتفاقيات للغاز تتيح للاحتلال التحكم بالموارد الطبيعية، وقال: "إن وثائق المنظمة لا تحمي الموارد الطبيعية الفلسطينية ولا تعترف بالحدود البحرية، بل تعمل على إمكانية تصدير الاحتلال للغاز وخاصة المنهوب منه"، مؤكدًا على أهمية انسحاب السلطة فورًا من منطقة غاز شرق المتوسط.
أما عضو مجلس المفوضين للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ممدوح العكر، فأشار إلى اجتماعات مع الحكومة ووزارة الخارجية شرح خلالها رئيس الوزراء محمد اشتية عن الانضمام للمنتدى، وأكدت وزارة الخارجية أن الهدف منه تثبيت الحقوق الفلسطينية، حيث تم إيداع خريطة فلسطينية رسمت بمساعدة خبراء دوليين كبار للحدود المائية على شكل مستطيل، بينما يقوم الاحتلال بتوزيع خريطة أخرى على شكل مثلث تقتصر الحدود فيها على شواطئ غزة.
لكن العكر أكد أنه ومع مرور الوقت لم تدع فلسطين إلى اجتماعات المنتدى وفقط كان الجانب الفلسطيني وقت الإعلان عن المنتدى، وليتم لاحقاً إبرام اتفاقات لمد أنابيب غاز من إسرائيل إلى أوروبا دون دعوة الفلسطينيين ليصبح الجانب الفلسطيني شاهد زور، حسب وصفه.
بدوره، كشف المفوض السابق لائتلاف أمان للنزاهة والمساءلة عزمي الشعيبي عن تنازل الحكومة الفلسطينية وسلطة الطاقة عن دورهما في هذا الملف ونقله لصندوق الاستثمار الفلسطيني، الذي يعمل دون قانون ينظم عمله، بحيث إنه غير مساءل أمام الحكومة أو المجلس التشريعي.
وقال الشعيبي: "إن نقل الصلاحيات في الاتفاقية لصندوق الاستثمار يخالف القانون الأساسي والقوانين المتعلقة بالمصادر الطبيعية". وأضاف أن "الأساس أن يدار الأمر باعتباره متعلقاً بالحقوق الطبيعية لا موضوعاً استثمارياً، حيث يعكس ذلك سياسة خاطئة تتعامل مع الموارد والحقوق الاستثمارية كأمر استثماري".
وأكد الشعيبي أن ائتلاف أمان كان طلب من رئاسة الوزراء وسلطة الطاقة الكشف عن محتوى الأحكام الرئيسية لتأسيس المنتدى، وما هي أسس عمله وحقوق الأعضاء فيه، لكن دون جدوى.
وكشف الشعيبي عن اطلاع أمان على الوثائق غير المنشورة، لكن دون مشاركتها مع الجمهور والخبراء، مؤكدًا أن سرية الوثائق جاءت بفعل وعود عربية وإسرائيلية باستفادة مالية للسلطة الفلسطينية مقابل الوعد بالبحث مستقبلاً عن الحقوق.
وقال الشعيبي: "نعتقد أن ما هو معروض على الفلسطينيين هو خط على نفقة قطر لمد غاز إلى شركة الكهرباء مقابل السكوت على المشروع".
قانوناً، أكد مدير مؤسسة الحق شعوان جبارين أن التوقيع الفلسطيني والانضمام للمنتدى يضعف الموقف الفلسطيني، وقال: "كنا أقوياء قبل الانضمام، وجاء الانضمام كمسوغ لإسرائيل لمد أنابيبها في السواحل الفلسطينية لتصدير الغاز إلى مصر، ومن هناك إلى أوروبا، قوتنا بقلمنا وتجربة أوسلو قد تعاد بهذا الموضوع، عندما يتم التوقيع على اتفاقية أو مذكرة تفاهم فقد انتهى الأمر".
وقال منسق حركة المقاطعة محمود نواجعة: "إن الاحتلال مستمر رغم مشاركة السلطة الفلسطينية بالمنتدى، بنهب الموارد الغازية ورسخت تطبيعها الاقتصادي مع الأردن ومصر من خلال اتفاقيات تصدير الغاز لسنوات طويلة".
وأشار نواجعة إلى أن السلطة الفلسطينية لم تواجه تزييف الخرائط بعرض خرائط دقيقة للمنطقة الاقتصادية الخالصة الفلسطينية، وفشلت في خوض معركة دبلوماسية أو قانونية لوقف النهب، أو وقف شركات طاقة عالمية كبيرة من المشاركة في النهب الإسرائيلي للغاز الفلسطيني.
وأكد نواجعة أن أي اتفاق لاستيراد الغاز من دولة الاحتلال هو إنقاذ لمشروع توريد الغاز المسال الإسرائيلي الذي لم تتمكن إسرائيل من تصديره بأسعار منافسة للأسواق العالمية مضطرة لتصديره إقليمياً لضمان جدواه الاقتصادية.
وأشار نواجعة إلى أن الاحتلال منذ سنوات يسعى للتحول إلى مركز للطاقة في منطقة شرق المتوسط من خلال إبرام مجموعة من الاتفاقات الاقتصادية التطبيعية مع دول عربية كان أهمها هذا المنتدى، الذي تحول لاحقاً إلى منظمة إقليمية تضم الأردن ومصر وقبرص واليونان وإيطاليا والسلطة الفلسطينية وإسرائيل، والإمارات كعضو مراقب.