"لا" اليونان.. وغضب أوروبا

07 يوليو 2015
احتفالات اليونانيين بعد الاستفتاء (أرشيف/Getty)
+ الخط -


استطاع رئيس الوزراء اليساري اليوناني ألكسيس تسيبراس أمس الإثنين إحراز هدفين في مرمى الدائنين الدوليين وهم: صندوق النقد الدولي والمفوضية الأوروبية والمركزي الأوروبي. الهدف الأول هو الحصول على دعم الناخب اليوناني له في معركته ضد الدائنين، حيث صوت اليونانيون بأغلبية كبيرة على رفض شروط خطة الإنقاذ التي قدمها الدائنون الأوروبيون، في خطوة قد تغضب زعماء أوروبا الذين راهنوا على اختيار الناخب اليوناني أوروبا واليورو وليس الانكفاء على الداخل.

بالطبع خطوة "لا" اليونانية تحمل في طياتها خطر الانهيار المالي لأثينا الذي قد يدفع بالبلاد نحو الإفلاس والطرد من منطقة اليورو، وفي المقابل قد تمثل الخطوة تحدياً واستفزازاً لأوروبا نفسها، حيث يمكن أن يقسمها سياسياً ومالياً في حال عدم اتخاذ موقف موحد وسريع حيال الأزمة اليونانية وقررت على سبيل المثال طرد اليونان من منطقة اليورو.

هنا قد نجد أنفسنا أمام أوروبا الشمالية بقيادة ألمانيا والمستشارة انجيلا ميركل والتي تتخذ موقفاً متشدداً تجاه الأزمة اليونانية، وأوروبا الجنوبية التي تضم الدول المرشحة لتكرار النموذج اليوناني لتعرض اقتصاداتها لأزمات مالية عنيفة، خذ مثلاً حالات فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال.

صحيح أن نتيجة التصويت بـ "لا" قد تفتح نار جهنم على اليونان، وتعرضها لمخاطر العزلة المالية والسياسية في منطقة اليورو والانهيار المصرفي في حال رفض الدائنون مواصلة منحها مزيداً من القروض والمساعدات العاجلة التي تمكنها من سداد ديونها الخارجية، لكن النتيجة بشكل عام تدعم موقف تسيبراس في المفاوضات المرتقبة لحل الأزمة؛ والتي تعقدت عقب دعوة تسيبراس نفسه اليونانيين للاستفتاء على خطة التقشف الأوروبية، وزادت الوضع تأزماً عقب توقف أثينا عن سداد قرض مستحق لصندوق النقد الدولي بقيمة 1.6 مليار يورو.

أما الهدف الثاني الذي أحرزه تسيبراس في مرمي الدائنين الدوليين؛ فهو تقديم "عربون" محبة لهم عبارة عن الإطاحة بوزير ماليته الاقتصادي الماركسي يانيس فاروفاكيس الذي أثار حفيظة دول اليورو بدعواته اليونانيين إلى التصويت بلا في الاستفتاء، ووصفه الدائنين أكثر من مرة بالإرهابيين، كما مثل الرجل ازعاجاً مستمراً للدائنين الذين اعتبروه شخصاً غير مرغوب به وغير مرحب به في اجتماعات وزراء المالية بمنطقة اليورو.

ومع تحقيق تسيبراس الهدفين معاً في مرمي الدائنين سارع البعض بالتأكيد على أن إعلان الناخب اليوناني رفضه، وبصوت عال، لخطة التقشف الأوروبية سيجعل الطريق ممهداً لجولة جديدة من المفاوضات وانتزاع امتيازات لحكومة أثينا، لأن أوروبا ستخضع لاختيارات اليونانيين، وهذا غير صحيح لأن أزمة اليونان باتت معقدة، ليس بسبب توقف أثينا عن سداد دين صندوق النقد الدولي، ولكن بسبب خلط الأوراق في أزمة الديون اليونانية بين ما هو مالي وسياسي، فاليونانيون يشبهون المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالزعيم النازي هتلر، وباتوا مقتنعين أن الدائنين يمارسون ضدهم عملية ابتزاز رخيص ومتواصل، بل وإرهاب.

وفي المقابل فإن زعماء أوروبا يرفضون استنجاد الحكومة اليونانية بالناخبين في معركة هي في الأصل فنية، اقتصادية، مالية، وليست معركة سياسية، وأن مشكلة اليونان هي أن عليها مديونيات تتجاوز 300 مليار دولار، وأن عليها سدادها في المواعيد المحددة، بل إن ميركل التي تقود المعركة ضد الحكومة اليونانية اليسارية وجدت دعماً من مواطنيها الذين طالبوها بعدم تحميل دافع الضرائب الألماني رفاهية اليونانيين، أضف إلي ذلك أن الإطاحة بحكومة يسارية في اليونان باتت موضع ترحيب من قبل زعماء أوروبيين، وهو ما يعقد المشهد المتأزم أصلاً بين الطرفين.

لا داعي لاستباق الأحداث، فربما تضع قمة زعماء منطقة اليورو سيناريو غير متوقع للأزمة اليونانية في اجتماع اليوم الثلاثاء.

اقرأ أيضاً: اليونانيون يتحدّون أوروبا ويرفضون بأغلبية نهائية خطة الإنقاذ

المساهمون