أمس أتحفتنا وزارة المالية المصرية ببيان "تاريخي"، قالت فيه إن رئيس الوزراء إبراهيم محلب، ووزير المالية هاني قدري دميان، قاما بجولة بمنطقة جاردن سيتي وميدان التحرير، سيراً على الأقدام وبدون حراسة، وأن المسؤوليَن ترجلّا في الشوارع المحيطة بمنطقة السفارات الغربية الواقعة بجاردن سيتي، والتقيا بعدد من المواطنين، وكانت الأجواء طبيعية، وأن الجولة جاءت تأكيداً على استقرار الأوضاع الأمنية، وردّاً على إغلاق السفارات التي تزعم عدم استقرار الأوضاع الأمنية.
جولة محلب ودميان كانت رداً بدائياً وساذجاً على قرار سفارات دول غربية، منها بريطانيا وألمانيا وسويسرا وأستراليا، تقع بمنطقة جاردن سيتي تعليقَ خدماتها للجمهور لأسباب أمنية.
الملفت في بيان وزارة المالية أن الوزارة أرفقت به صورة للرجلين "محلب ودميان" وهما يسيران لوحدهما بشوارع قريبة من مقر مجلس الوزراء، وهي المنطقة التي يفرغها الأمن من المارة ولا علاقة لها بمنطقة جاردن سيتي، حيث مقر السفارات الغربية التي علقت خدماتها، اللّهمّ إلا التجاور المكاني.
لا يهمنا الملاحظة الشكلية على البيان أو الرد الساذج على قرار إغلاق السفارات الخطير الذي سيشل موسم السياحة القادم حال استمراره، لكن ما يهمنا هو أن الوزارة المسؤولة عن إدارة ميزانية تقترب من 800 مليار جنيه، تصدر بياناً حول ترجّل الرجلين بمنطقة السفارات، وترفض إصدار بيانات تردّ فيها على أسئلة المصريين الشائكة حول حقيقة الوضع المالي للبلاد وعجز الموازنة العامة للدولة، وما إذا كان العجز 353 ملياراً كما قالت صحيفة المصري اليوم عند نشرها خبر اعتماد المشير السيسي الحساب الختامي للموازنة، أم أن العجز 253 مليار جنيه، كما قال وزير المالية بداية الشهر الماضي، وما حقيقة الفارق البالغ 100 مليار جنيه.
ونسيت وزارة المالية أو تجاهلت إصدار بيانات تجيب على أسئلة حساسة أخري منها: لماذا برّأت لجنة حكومية بوزارة المالية عائلة ساويرس من تهمة التهرّب الضريبي من 14.2 مليار جنيه، رغم إدانة القضاة للعائلة وحكمها بحبس أحد أفرادها 3 سنوات وتغريمه 50 مليون جنيه لتوقفه عن سداد قيمة التهرب.
هل البراءة حدثت لأن وزير المالية هو صديق العائلة المقرب، وبالتالي من مهامه الدفاع عنها، أم لأن الوزير يرغب في معالجة فشله في تبرئة العائلة من تهمة التهرب الضريبي وقت أن كان مساعداً للوزير أيام حكم الرئيس محمد مرسي؟
ولم تقل لنا الوزارة: لماذا تحقق مع موظفين بها لرفضهم الاعتراف بقرار اللجنة الحكومية التي برّأت ساويرس من تهمة التهرّب؟
لم تجب الوزارة على أسئلة: أين ذهب الدعم الخليجي السخي لمصر، ولماذا أدرجت فقط 10.6 مليارات دولار في موازنة العام المالي الماضي، من بين 21 ملياراً وصلت مصر حتى مايو/ أيار 2014؟ وأين ذهب الوفر في الموازنة العامة بسبب المساعدات النفطية الخليجية وتهاوي أسعار النفط 40%؟
ليت الوزارة تهتم بالإجابة على هذه الأسئلة، كما اهتمت بجولة الوزير ورئيسه الفنكوشية.