"المركزي المصري" يتجه إلى رفع الفائدة: تعقيدات يغذيها التضخم والركود

22 سبتمبر 2022
مبنى البنك المركزي المصري (Getty)
+ الخط -

وضع بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي، لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري، التي تعقد اجتماعها الدوري مساء اليوم الخميس في مأزق صعب، حيث قررت لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية بالإجماع، رفع أسعار الفائدة للمرة الثالثة على التوالي، بمقدار 75 نقطة أساس، لتراوح ما بين 3 و3.25%، قبل ساعات من اجتماع لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري، ما يدفعها إلى مهمة صعبة والاستمرار في تشديد السياسات النقدية، لفترات زمنية طويلة. 

توقع خبراء الاقتصاد في مصر أن ترفع لجنة السياسات أسعار الفائدة، ما بين 100 إلى 300 نقطة أساس، بضغط من تراجع الجنيه أمام الدولار، الذي أصبح في أقوى حالاته، منذ ثمانينيات القرن الماضي.

ويؤكد الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب، في تصريحات خاصة، أن البنك المركزي سيسعى للحد من توجه المصريين نحو ادخار الدولار، إلى رفع الفائدة، لمواجهة التضخم، وتحوطاً لتطورات تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا، وتوقع تصاعد التضخم خلال المرحلة المقبلة. 

وتوقع محللون زيادة خامسة في معدلات الفائدة على الجنيه، قبل نهاية العام الحالي، وأن تصل معدلات التضخم نحو 20% في ديسمبر المقبل، بعد أن طرحت لجنة السوق المفتوحة بالبنك الفيدرالي الأميركي، زيادة أخرى في الفائدة على الدولار خلال نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، قدرها 75 نقطة أساس، وعرضت بيانات عن بدء انخفاض معدلات الفائدة من 3.9% عام 2024، لتصل إلى 2.9%، عام 2025، بالإضافة إلى التزام البنوك الخليجية مساء أمس رفع معدلات الفائدة على عملاتها، بذات القيمة على الدولار، وسير مجموعة اليورو على ذات النهج الأميركي. 

الإجابة عن السؤال الصعب

يشير اقتصاديون إلى أن الضغوط التضخمية لم تبلغ ذروتها حتى الآن، مع استمرار تراجع قيمة الجنيه، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وحالة عدم اليقين، مع تطورات الأوضاع الجيوسياسية، التي زادت توتراً، عقب إعلان الرئيس الروسي بوتين مساء أمس، رفع حالة التعبئة العامة، والحرب المفتوحة الشاملة، التي تعني إمكانية استخدامه للسلاح النووي، في وقت يصعب فيه حصول مصر على احتياجاتها من السلع الاستراتيجية، مع نقص حاد في العملة الصعبة، واعتمادها على القروض في تمويل العجز في الميزان التجاري، وارتباك سلاسل التوريد. 

يبقى أمام لجنة السياسات النقدية أن تجيب عن السؤال الصعب الذي رفعه مسؤولو الغرف الصناعية وجمعيات المستثمرين في المناطق الصناعية، خلال الأيام الماضية، لمجلس الوزراء، وهو: ماذا بعد الزيادة في أسعار الفائدة، وعدم قدرتهم على الحصول على الدولار، لتمويل شراء مستلزمات الإنتاج؟

يبدي المستثمرون مخاوفهم من توقف المزيد من المصانع، وعدم قدرتهم على تنفيذ التعليمات الرئاسية، التي تدفعهم إلى زيادة المكون المحلي في الصناعات المختلفة، لتخفيف الطلب على الدولار.

ويشير عضو في مجلس إدارة جمعية رجال الأعمال، إلى أن تشديد البنك المركزي النقدي على رفع الفائدة على الجنيه، قد يكون مفيداً، في ظل عدم ترحيب الحكومة بأن يكون وعاءً للادخار، ولكن الطلب عليه سيظل مستمراً في ظل عدم قدرة الصناعات المحلية على توفير كل حاجات المواطنين من السلع والمعدات والسيارات، التي تستورد بالعملة الصعبة، ولا يمكن أن تنتج بالكامل داخل البلاد. 

خيارات محدودة

أدت الصدمات الاقتصادية المتتالية، التي يعيشها الاقتصاد المصري، إلى صعوبة توصل المحللين الاقتصاديين إلى سقف زمني للاضطرابات التي تشهدها العلاقة المتلازمة بين قوة الدولار وتراجع الجنيه، في ظل تنامي الطلب على الدولار، ووجود رياح معاكسة لقيمة الجنيه، تشمل زيادة الأسعار، وانخفاض قيمة الاحتياطي النقدي، وتراجع أسعار الذهب بنسبة 3% عالمياً، الذي اعتمد البنك المركزي على رفع كمياته في الاحتياطي النقدي، في الآونة الأخيرة.

ويشير خبراء إلى صعوبة لجوء الحكومة إلى طرح سندات بالدولار، في العامين القادمين، بعد أن قفز عائد سندات الخزانة الأميركية، لمدة سنتين فوق 4%، مع توقع أن تزيد أسعار الفائدة على الدولار بنهاية العام الحالي، عند 4.31%، كما ذكرت وكالة " بلومبيرغ"، ما يعني صعوبة إقبال الأجانب على شراء السندات المصرية.

ويخشى مستثمرون أن تدفع زيادة الفائدة الأسواق إلى مزيد من الركود، مع نقص السيولة لدى المصنعين والمشترين، وأن يصبح التضخم خارج نطاق السيطرة، مشيرين إلى تأثير تلك الضغوط بالأنشطة الصناعية والزراعية، وتوجيه ضربات موجعة إلى سوق المال الذي شهد تراجعاً لأسعار الأسهم في البورصة، بتأثير من الإضرابات التي يشهدها الاقتصاد.

قال عمرو فتوح، نائب رئيس لجنة الصناعة بجمعية رجال الأعمال المصريين في بيان، إن المصانع تواجه صعوبة في وجود منتج نهائي لعدد كبير من قطاعات الإنتاج، لتصديرها أو للأسواق المحلية، وأصبحت شبه متوقفة عن العمل، لعدم توافر النقد الأجنبي لشراء خامات المصانع.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وأكد عمرو السمدوني، الأمين العام لشعبة النقل بالغرفة التجارية بالقاهرة في تصريحات صحفية، معاناة رجال الأعمال من عدم توافر النقد الأجنبي، لاستيراد المواد الخام ومستلزمات الإنتاج، التي تمثل 65% من إجمالي المنتجات التي يجري استيرادها من الخارج.

وأوضح أن التجار يستوردون 80% من الخامات، ويجدون صعوبة في توفير ودفع قيمة الواردات، لأن البنك المركزي يشترط تمويل الموردين للصفقات بالدولار العائد من أعمالهم، بينما هم يقدمونها للمصانع المحلية بالجنيه، ما يعطل دورة الإنتاج. 

وبدت في الأفق أزمة جديدة، بعد إصدار الخزانة الأميركية تحذيراً للبنك المركزي، من ربط نظام الدفع بالروبل الروسي "مير" بنظام دفع مصري، والعمل بشكل مستقل عن النظام المالي الغربي، خارج نظام "سويفت"، معتبرة أن الأفراد أو الأشخاص الاعتباريين، والكيانات التي تتحايل على نظام المقاطعة الغربية للمعاملات المالية مع روسيا، سيخضعون لذات العقوبات المطبقة على روسيا.  

وكانت الحكومة الأسبوع الماضي قد أجرت اتفاقيات مع شركات روسية لاستخدام الروبل في الفنادق والرحلات السياحية والتبادل التجاري، والحصول على القمح مقابل سلع مصرية، أملاً في تخفيف قوة الدولار أمام الجنيه. 

المساهمون