معارض الكتب العربية: روزنامة لإرهاق الناشرين!

09 ابريل 2019
(من معرض تونس الدولي، فتحي بلعيد)
+ الخط -

مَن يتجوّل بين أروقة "معرض تونس الدولي للكتاب" الذي تتواصل فعالياته حتى 14 من الشهر الجاري، يستطيع أن يلاحظ غياب عدد كبير من دور النشر العربية، بعضها كانت لسنوات قليلة خلت تشارك بانتظام، وبعضها تحضر كتبها لكن من خلال موزّعين، وهو ما يجعل أسعارها في غير متناول القدرة الشرائية المتوسطة للقراء.

هذه الظاهرة لا تتعلّق بمعرض تونس وحده، وإنما بمعارض عديدة، ولعل أحد أسبابها الرئيسية هو تزامن التظاهرة مع "معرض أربيل للكتاب"، وهذا يؤدّي منطقياً إلى عدم حضور دور نشر عراقية إلى تونس، باعتبار أنها لا تستطيع أن تترك "سوقاً" مضمونة والدخول في مغامرة في تونس التي يمثّل معرضها نافذة للبيع تتوجه للأفراد وليس المؤسسات مثل معارض عربية أخرى.

تقاطع هذين المعرضين ليس استثناء، فكثيرة هي المعارض التي تتزامن، سواء بالكامل أو في بعض الأيام. لا ننسى مثلاً أن معرضين أساسيين في العالم العربي هما القاهرة والدار البيضاء كثيراً ما تقاطعا في بعض الأيام، فتقرّر دور مصرية كثيرة عدم التوجّه إلى المغرب أو أنها تحجز أجنحة تظل خلال اليومين الأولين من المعرض فارغة في انتظار الكتب وأصحابها.

وفي الحقيقة، يمكن الحديث عن ماراثون معارض كتب، خلال الأشهر الأربعة الأولى من كل سنة (توجد جولة أخرى في الخريف)، فحين ينتهي معرض الدار البيضاء سرعان ما يأتي الدور على مسقط، وهو ما يوافق رحلة فعلية من المحيط إلى الخليج. وبعد ذلك، تقام في فترة وجيزة معارض "الإسكندرية" و"الرياض" و"بغداد" وصولاً إلى "تونس".

هذا الوضع بات يخلق منطقاً جديداً لمعارض الكتب العربية. فإذا كان الناشر العربي يجد نفسه شهرياً في ورطة اللحاق بهذا المعرض أو ذاك، فهو في النهاية مضطر إلى اختيار عاصمة من دون أخرى بناء على حسابات المردودية التجارية قبل كل شيء، فيما يكون الإشعاع أو البعد الثقافي قد أصبح آخر الأولويات. لكن المسألة لا تنعكس على العارضين فحسب، فهي تمتد إلى جمهور القرّاء الذين يجدون، سنة بعد أخرى، أن المعارض في مدنهم قد باتت محلية أكثر فأكثر، وذلك بسبب عدم توفّر الناشر المصري في تونس، والمغربي في لبنان، وهكذا دواليك. وهي دوّامة سلبية تضرّ المعارض في مرحلة أولى، ثم سيمتدّ أثرها لا محالة إلى قطاع النشر في كل بلد، إذ أن المعارض تمثّل فرصا تنافسية لتطوير أداء الناشرين ضمن سوق موسّعة.

حيال ذلك، ألا تحتاج معارض الكتب العربية إلى تنسيق روزنامة دقيقة لا تهدر مصالح الناشرين والقراء؟ لكن هل يمكن حقاً أن نأمل في ذلك في ظل العجز عن تجميع القرار السياسي العربي على نقاط بسيطة، ولعلّ من تابع القمة العربية الأخيرة يقف على ذلك، وهي التي عُقدت منذ أسبوع... في تونس أيضاً.

المساهمون