كارلوس زافون.. رحيل تنّين برشلونة

19 يونيو 2020
(كارلوس زافون، تصوير: بو بارينا/ Getty)
+ الخط -

رحل اليوم الروائي الإسباني كارلوس زافون عن 55 عاماً في بيته في لوس أنجلوس حيث يعيش منذ ثلاثة عقود، بعد معاناة دامت ثلاثة أعوام مع سرطان القولون الذي شخّص به عام 2018، ليترك خلفه ثمانية أعمال سردية، لا زال بعضها من أكثر الروايات مبيعاً على مستوى العالم مثل "ظل الريح" و"لعبة الملاك".

كثيراً ما وُصف زافون (1964 - 2020) بأنه أكثر روائي إسباني مقروء بعد ثيربانتيس، وضعته روايته "ظل الريح" في مصاف أبرز روائيي اللغة الإسبانية، وكانت حول مكتبة أو "مقبرة كتب" في برشلونة تضم كتباً غامضة لكل واحد منها روح الشخص الذي كتبها والذين قرأوها أو عاشوها أو حلموا بها.

تنتمي الرواية إلى عالم من الغرائبية والغموض والتشويق، حيث تسعى الشخصية الرئيسية فيها إلى تعقب الرجل المسؤول عن تدمير كل كتاب كتبه مؤلف يدعى جوليان كاراكس، وقد باعت هذه الرواية 38 مليون نسخة حول العالم منذ نشرها وكتبت عنها مراجعات نقدية بارزة وحاز عنها العديد من الجوائز الأدبية الرفعية داخل وخارج إسبانيا.

وُلد زافون في برشلونة، وعمل في بدايته موظّفاً في مجال الإعلان، وأصدر أول عمل روائي له عام 1993 وكان بعنوان "أمير الضباب"، وبدا واضحاً بعد أن نشر عدة أعمال أنه ينتمي إلى أدب الغموض القروسطي، كما قال عنه الروائي ستيفن كينغ: "إذا كنت تعتقد أن الرواية "الغوثيك" الحقيقية ماتت مع القرن التاسع عشر، فإن زافون سيغير رأيك".

أما في روايته "لعبة الملاك" (2008)، فيعود في الزمن إلى عقدين قبل وقوع الحرب الأهلية في إسبانيا، وهي عمل تاريخي يفكر في الأسباب التي أوصلت البلاد إلى تلك اللحظة وتدور كل أحداثها في برشلونة مثلما هي كل رواياته.

في عام 2011، نشر زافون عمله الرابع بعنوان "سجين السماء"، وهي عن شخصيات تلتقي بعد تعرضها لصدمة ما، وهو عمل تدور قصته أيضاً في أجواء الكتب النادرة والمكتبات الغريبة والشخصيات المخادعة، فشخصيات زافون عادة ما نكتشف على نحو شبه بوليسي أنها عكس ما تبدو تماماً.

في "متاهة الأرواح"، تعود بعض شخصيات "سجين السماء" إلى الظهور ثانية في برشلونة في الخمسينيات من القرن العشرين، وستبدأ في كشف جرائم وفظاعات قام بها نظام فرانكو. كذلك أصدر روايتي "مارينا"، و"ضوء سبتمبر"، و"ثلاثية الضباب"، وكتب أيضاً القصة القصيرة، إذ أصدر مجموعتي "وردة الذهب" (2012) و"أبوكاليبس لدقيقتين" (2015).

في تقديمه لنفسه على موقعه الشخصي يقول الكاتب تحت عنوان "سيرة ذاتية" إن "افتتاني بالتنين يعود إلى زمن بعيد. برشلونة مدينة تنانين، تزيّن أو تحرس العديد من واجهاتها، وأخشى أنني الآن واحد منهم. ربما هذا التضامن مع الوحش الصغير هو السبب الذي جعلني أجمعهم وأحميهم في منزلي لسنوات، مما يجعله مخبأ مناسباً. يكشف تعدادي الأخير عن أن لدي أكثر من 400 مخلوق مرتبط بالتنين وأن العدد يتزايد كل شهر. بالإضافة إلى أنني ولدت في عام التنين، لدي الكثير من القواسم المشتركة مع هذه الوحوش الخضراء التي تتنفس النار. نحن مخلوقات الليل، ولسنا اجتماعيين، ونكره الفرسان المتجولين ويصعب التعرف علينا".

وكان زافون يربط في هذه السيرة الذاتية العجيبة بينه وبين تاريخ برشلونه الأسطوري وثيمتها البصرية، حيث تقول الأسطورة إن الفارس سانت جورج قتل تنيناً شرساً في برشلونة، كما أن المدينة مليئة بمنحوتات التنين في المدينة القديمة ظاهرة في كل مكان حتى على مقابض الأبواب.

يُذكر أن معظم روايات زافون صدرت مترجمة إلى اللغة العربية عن منشورات دار "الجمل" بترجمة معاوية عبد المجيد.

دلالات
المساهمون