مع تزايد الاهتمام بالروايات الشفوبة بوصفها مصدراً أساسياً ومكملاً في توثيق الأحداث، برزت العديد من المؤلفات التي تؤرخ للنكبة من زوايا مختلفة يفرضها اختلاف الشهود ومواقعهم على الأرض في لحظة هجوم العصابات الصهيونية واحتلالها المدن الفلسطينية.
"فلسطين، مذكرات 1948" عنوان الكتاب الذي صدر مؤخراً للباحثين ألتير ألكانتارا وكريس كونتي عن "منشورات هسبيرس" البريطانية، والذي سيتمّ تقديمه عند السابعة من مساء غدٍ الأربعاء في "دار الأندى" في عمّان، بمشاركة كونتي وصاحبة الدار ماجدولين الغزاوي.
يتألف الكتاب من مقابلات أجريت مع تسع عشرة شخصية فلسطينية، بعضها لا يزال يعيش نحت الاحتلال وبعضها الآخر يقيم في المنفى، حيث يروون ما حدث لهم ولأسرهم ومنازلهم عام 1948، وكتب مقدّمته الباحث في علم الاجتماع سليم تماري (1945).
تتضمّن الحوارات العديد من الإشارات إلى مذبحة دير ياسين في التاسع من نيسان/ أبريل عام 1948 وقامت بها عصابتا "شتيرن" و"الإرغون" ويتراوح عدد من قتل فيها بين مئتين وخمسين وثلاثمئة وستين بروايات متعددة، وكذلك سرد للمذبحة الأكبر التي ارتكبت في قرية الدوايمة في التاسع والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر سنة 1948 على يد عصابتي "شتيرن" و"الإرغون" أيضاً وقدّر عدد شهدائها بنحو مئة وخمسة وأربعين.
تنوّعت خلفيات الشخصيات التي تمّت مقابلتها، فهناك مزارعون، وربات بيوت، ونشطاء، وقادة مجتمع، ومهنيون، ورجال وسيدات أعمال، ومدرّسون، وكتّاب، ومثقفون، يعيشون في فلسطين وفي الأردن وسورية ولبنان ومصر، والبرازيل وتشيلي.
تتطرّق بعضهم إلى القائد الفلسطيني عبد القادر الحسيني (1907 – 1948) الذي شارك في ثورة 1936، واستشهد أثناء مقاومته عصابات الاحتلال الصهيوني عام 1948، وكذلك إلى نمط الحياة وأسلوبها في المدن والأرياف الفلسطينية والذي أُجهض تطوّره بسبب النكبة، حيث تناولوا حكايتهم الواقعية عن عملهم ومهنهم وكيف وُلدوا وتزوجوا، وأجبروا على الهجرة عن أرضهم.
ويشير الكتاب إلى أن مجموع الروايات يُظهر العديد من التفاصيل التي تختلف من شخص إلى آخر، سواء في طبيعة حياته وأفكاره قبل النكبة وبعدها، أو الآثار النفسية التي تركها استعمار استمر لأكثر من سبعة عقود، أو السخرية التي يطلقها بعضهم تجاه الوضع الراهن، أو ما الجانب الذي عاشته نساء تمتعن بدرجة عالية الاستقلالية والمبادرة وحرية التنقل، والوصول إلى مناصب رفيعة، والمساهمة في المقاومة أيضاً.