تعد تجربة الفنان التشكيلي التونسي الهاشمي مرزوق (1940) من تجارب النحت الرائدة في بلاده، حيث كان من أبرز من اتجه إلى التجريد واحتفى بالجسد البشري لا سيما المؤنث.
حافظ مرزوق على ارتباطه باللون الأبيض، فهيمن هذا على أعماله الفنية التي تتنوع بين القائمة على غرار التماثيل القديمة بقاعدة تقليدية وصولاً إلى تلك التي تميل إلى أكثر الأفكار تجريداً، لكنه جرب أيضاً في اللون البرونزي والأسود وغيرها.
لكن مرزوق لا يتخلى في ذروة تجريده عن مسحة كلاسيكية ظللت تجربته النحتية التي صقلت على مدى خمسة عقود من العمل المتواصل، وفي هذا الإطار، يقيم غاليري "لو فيولون بلو" في سيدي بوسعيد بالقرب من تونس العاصمة، معرضاً استعادياً لمراحل عمل الفنان التونسي الذي يعد اليوم شيخ النحاتين التونسيين.
افتتح معرض "منحوتات" أمس ويتواصل حتى التاسع والعشرين من شباط/ فبراير المقبل، وفي تقديمه كتب الناقد التشكيلي حسين التليلي إن "النحت بالنسبة إلى الهاشمي مرزوق هو أكثر من مجرد تحويل للمواد، بل هو، على مستوى الروحانية طاقة أطلقها النحات في تعامله مع المادة لبلوغ تحولها".
ويصف التليلي الفنان بأنه "البادئ بالتقاليد النحتية الجديدة في تونس. وبغض النظر عن كل الاحتمالات الجديدة التي يوفرها مرزوق من حيث الإنتاج، فإنه يولد نهجاً فنياً إشكالياً للغاية".
تتعدّد خامات مرزوق فنجد منحوتات من البرونز والنحاس و الرخام، وكلها لا تمثل صعوبة أو تحدياً بالنسبة إليه، وفقاً للناقد، أما بالنسبة للخشب، فهذه المادة العزيزة جدا على مرزوق "هي فرصة للنحات لمفاجأتنا من خلال تقديم أشكال منحوتة تعبيرية للغاية".
المعاني التي يقاربها الفنان تتراوح بين الغنائية والإغواء وفتنة الجسد المؤنث، ثمة أيضاً منحوتات راقصة وأخرى تبدو كأنها تعود إلى حقبة أخرى لشدة كلاسيكيتها التي تذكر بالنحاتين في القرن التاسع عشر وبدايات العشرين.
صحيح أن منحوتات مرزوق ثابتة وجامدة بلا حراك، لكنها أيضاً "تفتح إمكانيات ثغرة أمام تخيلات الجسم في المكان والزمان".