بعد تعرَض العديد من المواقع التراثية في العالم العربي للنهب والتخريب في السنوات الأخيرة، يواجه إحياء تلك المعالم عدّة معوقات تتمثل في الأطر القانونية التي يتم من خلالها الحفاظ عليها، والقدرات العلمية والدراسات التي تُبنى على ضوئها مخطّطات مستقبلية، وكذلك إشراك جميع فئات المجتمع في عمليات التأهيل.
في هذا السياق، حلّ معرض الصور الفوتوغرافية "اليوم التالي للدمار، ظلال التراث" في مقرّ "الجمعية الوطنية للمحافظة على البترا" بعمّان مساء الأربعاء الماضي، ويتواصل حتى العاشر من الشهر المقبل، بعد تنقلّه في عدّة مدن مثل الصويرة والمنامة وروما، بتنظيم من "المركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية".
يتضمّن المعرض مجموعة من الصور التي تستعرض مواقع من التراث الثقافي، قبل وبعد تعرّضها إلى الدمار وتأثره بشكل كبير كلّ من سورية، والعراق، ومصر، واليمن، وليبيا، بهدف الكشف عن حجم الدمار الذي لحق بها.
ويمنح المعرض "فرصة للمختصين بالتراث للتأمل، من خلال إبراز ظروف المدن والمباني في سياقات ما بعد الصراع. والأهم من ذلك أنه يلفت الإنتباه إلى كيفية جعل للتعاون الدولي أكثر فعالية في مرحلة الإصلاح"، بحسب بيان المنظّمين.
يندرج المعرض ضمن عدّة مشاريع لتوثيق مواقع آلت إلى الاختفاء، بسبب ما تعرّضت إليه من تمدير وتنكيل بآثارها وأحيائها وتاريخها، بموازة حاضرها، من أجل طرح عدّة تساؤلات أساسية مثل: كيف ستكون عملية إعادة إعمار هذه المدن المهمة تاريخياً، وهل يجب إعادة إعمارها كما كانت تماماً، وهل ذلك ممكن فعلاً؟ أم أن إعادة الإعمار ستغيّر هويتها؟ وهل ستدخل عليها تجديدات وتطويرات في بنائها ونمطها أم أنها ستحافظ على شكلها وتراثها.
يلاحظ أن مصر هي البلد الوحيد الذي تُقدَّم صور من آثارها رغم أنها لم تدخل في حروب أهلية وصراعات دموية، لكنها تحتل موقعاً متقدّماً بين البلدن العربية التي تشهد تهريباً ممنهجاً لتراثها ازداد في الفترة الأخيرة، كما يتهدّد العديدَ من مواقعها الأثرية الخروج من لائحة التراث الإنساني، بسبب الإهمال الشديد لها؛ مثل منطقة أبو مينا في الإسكندرية، وأحياء عديدة في القاهرة التاريخية، ومدينتي منف وطيبة وغيرها.